ظهر العجوز في السنوات الأخيرة من فترة تدريبه ووقوفه على جنبات الملعب وهو يوجه اللاعبين ويتكئ على عكاز، وكسا الشيب شعره، ولكنه لم يستسلم مع تقدمه في العمر حتى جاءت اللحظة التى لم يتوقعها، وهي قرار إقالته من تدريب منتخب أوروجواى، ليسدل الستار على قصة عشق لكرة القدم بكل تفاصيلها.
لم يتكئ على العكاز بسبب شيخوخته، ولكن لإصابته بمرض عصبى في عام 2016 أدى إلى شلل جزئى حتى وقتنا هذا، ومن الممكن أن يصاب بشلل كامل في المستقبل، لذا قد يكون نبأ إعلان إقالته من تدريب منتخب السيليستى كالصاعقة التى تؤدى إلى تدهور حالته الصحية.
تولى أوسكار تاباريز تدريب منتخب أوروجواى بين عامى 1988 و1990، قبل أن يتولى المهمة مرة أخرى فى مارس 2006، وفى هذه الفترة، حقق أكثر من إنجاز، بمشاركته في آخر 3 نسخ من بطولة كأس العالم، ووصل فى مونديال عام 2010 إلى نصف النهائى، وفاز بلقب كوبا أمريكا 2011، فضلًا عن الفوز بدورة الألعاب الأمريكية فى 2014-2015.
اعتاد الجميع على مشاهدته على خط إدارة المباراة في الجهاز الفنى لمنتخب أوروجواى منذ بداية القرن الـ21، بعد أن تولى مهمته التدريبية فى عام 2006 بشكل رسمى، حتى جاء إعلان إقالته من الاتحاد الأوروجويانى لكرة القدم؛ بسبب سوء نتائج التي قدمها مع المنتخب في تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم قطر 2022، بعد الهزيمة فى آخر 4 مباريات، آخرها الهزيمة بثلاثية نظيفة أمام بوليفيا، ليحتل السيليستى المركز السابع برصيد 16 نقطة، ويقترب من الخروج من سباق التأهل للمونديال المقبل، لتنتهى قصة ورحلة عطاء استمرت أكثر من 15 عامًا، بمسيرة امتزجت بالشغف والعشق للساحرة المستديرة، وعدم الاستسلام للتقدم في العمر، مهما أصبح عجوزًا، وشاخت أفكاره، لكنه كان صاحب الفضل فى بزوغ نجم أكثر من لاعب في الجيل الذهبى الذي أسسه بمواهب الأوروجواى.
«تاباريز» قضى مع المنتخب اللاتينى 5722 يومًا، أدار 181 مباراة، فاز فى 85 منها، خسر: 56 مباراة، وتعادل فى 40 أخرى، وسجل اسمه بموسوعة «جينيس» للأرقام القياسية عام 2018، كأكثر المدربين خوضًا للمباريات مع منتخب واحد وقتها بواقع 167 مباراة، وأكثرهم مشاركة فى كأس العالم، كما يعتبر ثاني أكبر مدرب فى العالم يمارس مهنة التدريب بعد مدرب ألبانيا إدواردو ريا صاحب الـ76 عامًا.
خرج «أوسكار، من باب المدرسة التى كان يعمل فيها معلمًا، قبل أن يفتح بابًا آخر فى عالم كرة القدم التى أفنى به عمره؛ فقد علم الكثير من اللاعبين لكي يتألقون ويصبحون نجومًا فى أوروبا والعالم، المعلم العجوز مؤسس الجيل الذهبى للمنتخب الأوروجويانى، مثل، الحارس فيرناندو موسليرا، القائد الحالى دييجو جودين، والمدافع السابق دييجو لوجانو، والظهير ماكسي بيريرا، ولاعب خط الوسط التر جارجانو، بالإضافة إلى الهداف السابق دييجو فورلان، مهاجم إنتر ميلان ومانشستر يونايتد وأتلتيكو مدريد، فضلًا عن نجمى خط الهجوم الحاليين لويس سواريز وإدينسون كافاني.
يمتلك «تاباريز»، شعبية جارفة على مستوى القارة وبين لاعبيه، وبعد إقالته ودع أكثر من نجم المدرب العجوز برسائل مؤثرة وفعمة بالمشاعر، كان أبرزهم، دييجو فورلان، الذى قال: «شكرًا يا معلمى على كل ما قدمته من أجل أوروجواى على مستوى المنتخب وعلى مستوى البلاد، لقد شكلت علامة فارقة ولهذا اسمك سيظل محفورًا فى التاريخ للأبد».
فيما ودع دييجو جودين مدافع كاليارى الإيطالى وقائد المنتخب الحالي، «تاباريز»: «من الصعب العثور على الكلمات المناسبة التي تلخص تجارب ومشاعر ومباريات كثيرة وكل ما تعلمته منك.. لقد تمكنت من زرع الاحترام بيينا ومع الآخرين.. كان هذا ما تم نقله دائما من الداخل إلى الخارج، نحو العالم».
وأضاف: «شكرا أيضا لأنك اخترتنى لأكون لاعبًا في المنتخب الأوروجويانى، وهو الحلم الأكبر لأى طفل، وبعدها لأنك منحتنى مسئولية ارتداء شارة القيادة.. لقد جعلت المنتخب الوطني جزءا من حياتنا، وأعدت شعور أكثر من 3 ملايين أوروجويانى بالانتماء والفخر بالمنتخب الوطنى، فى كل ركن من أركان العالم».
واختتم «جودين» رسالته لـ«أوسكار تاباريز»، بعبارة، «ببساطة، شكرا لك يا معلمى».