تستعد مصر، وتحديدًا محافظة الأقصر، لاستقبال الحدث التاريخي المهم وهو افتتاح طريق الكباش، غدًا الخميس، في حفل عالمي ينتظره العالم أجمع، لمشاهدة الاحتفالات التي كان يقوم بها القدماء المصريون منذ أكثر من 5 آلاف عام خلال "عيد الأوبت" في قلب طريق الكباش، وبأيادٍ أحفاد الفراعنة، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي.
يربط طريق الكباش الجديد، الذي تبلغ مساحته نحو 2700 متر، بين معبد الكرنك شمالًا بمعبد الأقصر جنوبا، يقع على جانبي الطريق 1059 من التماثيل "الكباش"، وتماثيل أثرية لـ"أبو الهول"، في مشهد أثري جذاب، ويتكون الطريق من رصيف من الحجر الرملي تتراص على جانبيه تماثيل على هيئة أبو الهول برأس كبش (أحد الرموز المقدسة للمعبود آمون) في المسافة بين الصرح العاشر بالكرنك حتى بوابة معبد موت.
ستجسد احتفالات عيد "الأوبت"، أحد الأعياد المصرية القديمة في الأقصر، المزج بين الماضي والحاضر في مشهد أسطوري خلاب، ففى العصور المصرية القديمة كان "عيد الأوبت" الفرعوني أشبه بكرنفال مميز بصورة سنوية على أرض الأقصر يتم خلاله تنصيب الملوك أو الاحتفال بالمناسبات والذكريات السعيدة.
وشهدت محافظة الأقصر على مدار الأشهر القليلة الماضية أعمال تطوير مكثفة لرفع كفاءة البنية التحتية وتطوير وتجميل الكورنيش والشوارع والميادين بها ومشروع ترميم صالة الأعمدة بمعابد الكرنك، وتطوير نظم الإضاءة بمعبد الأقصر، وترميم قاعة الـ 14 عمودا بمعبد الأقصر، والانتهاء من مشروع الكشف عن طريق المواكب الكبرى المعروف بـ «طريق الكباش».
تشييد طريق الكباش
تم تشييد هذا الجزء من الطريق خلال عصر الأسرة الثامنة عشرة، ثم قام الملك «نختنبو الأول» من ملوك الأسرة الثلاثين بتشييد الجزء المتبقي من الطريق، الذي تتراص على جانبيه تماثيل على هيئة أبو الهول برأس آدمية، وتتخلل قواعد التماثيل أحواض زهور دائرية مزودة بقنوات صغيرة استخدمت في توصيل مياه الري للأحواض.
تم إضافة بعض الملحقات للطريق في عصور مختلفة، مثل: استراحات للزوارق، ومقياس للنيل، ومعاصر للنبيذ المستخدم في الاحتفالات الكبرى التي كانت تقام على الطريق مثل أعياد الأوبت وعيد الوادي الجميل وغيرها، وحمامات وأحواض اغتسال، ومنطقة تصنيع فخار، ومخازن لحفظ أواني النبيذ.
من ناحيته، يقول أحمد عامر، الخبير الأثري، إن طريق الكباش يرجع لعصر الأسرة الـ 18 مع بداية تشييد معبد الأقصر، وأول ملك عمل الطريق «أمنتحوب الثالث»، ويربط معبد الكرنك والأقصر، وطوله 2700 كم، على جانبيه الكباش يبلغ عددها 1300 كبش، بعرض نحو 3 أمتار، موضحًا أن هذه الكباش نحتت بعناية ومهارة من الفنانين المصريين، وتم نقش على قاعدة هذه الكباش اسم الملك وألقابه، وعرف بطريق الكباش ولكن التسمية الصحيحة له هو طريق الاحتفالات الملكية أو طريق المواكب الدينية أو الاحتفالات الرسمية، ويتم الاحتفال بعيد الأوبت، وهو عيد التزاوج للإله آمون بزوجته موت وابنه خنصو كل عام، وكان يستمر هذا الاحتفال 11 يومًا، وعند وصول الأسرة الـ 20 امتد هذا الاحتفال إلى 26 يومًا، والكبش يرمز للإله آمون، كما أنه يعبر عن رمز الخصوبة والنماء.
ويتابع عامر، في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أن إعادة افتتاحه الطريق تم العمل به 2005 وتوقف بسبب الأحداث السياسية في 2011، وتكلفة الطريق 320 مليون جنيه، فإنه سيساعد على انتعاش حركة السياحة بأشكال كثيرة وكبيرة نظرًا لما تتمتع به الأقصر من شهرة عالمية، فهي واحدة من أهم المدن الثقافية والحضارية والتراثية في العالم، ويساهم في زيادة العملة الصعبة وإشغال الفنادق، مما يسهم في دفع عجلة الاقتصاد المصري.
وأوضح، أن الاحتفالية ستبدأ في تمام الساعة 7:30 مساءً بتوقيت القاهرة، مع وجود فرقة موسيقية تعزف أنشودة آمون إله المصري القديم في عهد الدولة المصرية الحديثة، ويكون هناك بالون طائر ومراكب نيلية مثلما كان يحدث في الدولة الحديثة، وارتداء الزي الفرعوني من 300 شخص مع الإضاءة المتناسقة لهذا الحدث، فإن الاحتفالية ستكون مثلما كان يحدث في العصر القديم كما سيتجه أنظار العالم إلى هذا الحدث العالمي مع حضور الرئيس السيسي ورئيس مجلس الوزراء والدكتور خالد العناني وزير الآثار، وكافة الجهات المعنية لهذا الأمر وستتحول الأقصر إلى متحف عالمي مفتوح عقب هذا الافتتاح العالمي، وسيتم فتح التصوير مجانًا في معبدي الأقصر والكرنك ابتهاجا بالاحتفالية.
كما يضيف باسم حلقة، نقيب السياحيين، أن طريق الكباش من المشروعات الهامة التي قامت بها وزارة الآثار لإحياء هذا الطريق، واستعادة تماثيل الكباش بهذا العدد الضخم والكبير وإعادة وضعها كما كانت عليه من قبل، وعملية الإضاءة اللازمة بشكل مبهر كالعادة لإبهار العالم أجمع بما كان عليه المصريين قديمًا من فنون وثقافة وحضارة كبيرة، ومدينة الأقصر تتزين لاستقبال هذا العدد الكبير، ووصل عدد كبير من السائحين لحضور الحدث وزيارة المدينة، حيث إن نسبة الإشغالات في الفنادق وصلت 100%، وتواجدت وسائل الإعلام لنقل هذا الحدث عبر الفضائيات، الحدث الذي أعاد مدينة الأقصر مرة أخرى في مشهد سياحي وثقافي عالمي وتحويلها إلى متحف مفتوح.
ويؤكد حلقة، في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أن أهمية الحدث كبيرة، وتصل بالمدينة لأن تكون أحد المشاهد الأساسية والرئيسية في السياحة والبرامج السياحية هذا الموسم، فإن القطاع السياحي سعيد بهذه الاحتفالية الضخمة التي لا تقل أهمية عن احتفالية نقل المومياوات الملكية الذي أقيم من أشهر قليلة.