أكد مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة السفير الطاهر محمد السني، أن الشعب الليبي حريصٌ كل الحرص على بناء الدولة المدنية الحديثة، وإرساء مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، لافتا إلى أن هذا لن يتحقق إلا عند تفعيل مسار المصالحة الوطنية الشاملة، والذي يبدأ بالعدالة وإظهار الحقيقة والمصارحة والاعتذار وجبر الضرر، والتشجيع على العفو والتسامح.
وقال السني -وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الليبية وال، اليوم الأربعاء، في جلسة إحاطة المحكمة الجنائية الدولية- إن تحقيق العدالة على الأراضي الليبية هو اختصاص سيادي وولاية قضائية وطنية، من أجل مقاضاة أي متهم وفقًا لقانون العقوبات الليبي، والذي يعكس السيادة الليبية على إقليمها ومواطنيها، موضحا أن القضاء الليبي ملتزم بضمان محاكمة عادلة ونزيهة لكل المطلوبين.
وجدد على أن التعاون مع المحكمة يأتي بناءً على مذكرة التفاهم الموقعة بين مكتب النائب العام ومكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية، كدور مساعد للقضاء الليبي وليس بديلًا عنهُ، مطالبا المجتمع الدولي بدعم مؤسسات الدولة الليبية واستقرارها والنهوض بها، ووقف التدخلات السلبية بكافة أنواعها احترامًا للسيادة الوطنية، واحترامًا لإرادة الليبيين وحقهم في تقرير المصير، حتى يتم بناء دولة العدالة والقانون.
وأضاف أنه لا يكاد يمر أسبوع وربما أيام إلا وتُعلن الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين في ليبيا عن اكتشافها لمقابر جماعية جديدة في مدينة ترهونة، وكان آخرها /الثلاثاء/ الماضي في منطقة طريق العبدلي بضواحي المدينة، حيث تم اكتشاف مقبرتين جديدتين وعدة جثث لم يتم بعد التعرف عليها، مؤكدا أن عمليات الانتشال لا تزال مستمرة إلى يومنا هذا.
وقال: "نحن حتى الآن ننتظر نتائج تحقيقات فريق المحكمة الذي زار ليبيا مؤخرًا وفريق تقصي الحقائق المكلف من مجلس حقوق الإنسان، للمساعدة في كشف المتورطين وملاحقة الهاربين، وندعم التعاون القائم بين مكتب النائب العام والمحكمة الجنائية الدولية حول التحقيقات بخصوص هذه المقابر، وغيرها من الانتهاكات وجرائم الحرب عبر السنوات الماضية - دون استثناء وأينما كانت".
وأوضح مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة أن هذه الانتهاكات والجرائم لن تسقط بالتقادم، فلا سلطان لأحد فوق القضاء والكل خاضع للمساءلة والمحاسبة، ومن تَثبت عليه تهمة ضلوعه في هذه المجازر بشكل مباشر أو غير مباشر - سيكون ملاحَقًا عاجلًا أم آجلًا، مؤكدا أن الدولة الليبية حريصة على حماية المهاجرين غير الشرعيين ضد أي انتهاكات قد يتعرضون لها بسبب الأزمة الراهنة، وإنقاذهم والعمل على ترحيلهم متى أمكن ذلك.
وأعرب عن استغرابه من موقف المجتمع الدولي السلبي تجاه تجار البشر، حيث يتم التركيز فقط على المتورطين داخل ليبيا، في حين أننا جميعًا نعلم أن تجار البشر وشبكاتهم الدولية هي عابرة للحدود، ومواجهة هذه الظاهرة يجب أن تبدأ بالقضاء على هذه الشبكات وقياداتها بشكلٍ كامل، مطالبا مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن، بملاحقة هؤلاء المجرمين الدوليين وفرض العقوبات عليهم، سواء في دول المصدر والعبور في أفريقيا أو دول المقصد في أوروبا دون استثناء.