ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم /الثلاثاء/ أن إيطاليا وفرنسا، بعدما كانتا على طرفي نقيض قبل عامين فقط بنحو دفع الأخيرة إلى استدعاء سفيرها، سوف تبرمان في وقت لاحق من هذا الأسبوع "معاهدة صداقة" بما يُظهر كيف تغيرت السياسات والمصالح خلال هذه الفترة.
وقالت الصحيفة في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الالكتروني إن معاهدة "كويرينال"، المُكونة من 60 صفحة، ترمي إلى تحفيز تعاون أوثق بين البلدين في شتى المجالات بداية من السياسة الخارجية إلى الدفاع والثقافة وتعد مرآة لاتفاق فرنسي ألماني يعود لعام 1963. وقد تمت مناقشة الفكرة في عام 2017 من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي السابق باولو جنتيلوني، لكنها اختفت في العام الذي تلاه بعدما اختلف البلدين بشدة على سياسات الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي.
والآن تم إحياء المشروع في عهد ماكرون وماريو دراجي، رئيس وزراء إيطاليا الحالي والرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، الذي أصر على ترويض النزعات القومية الشعبوية في إيطاليا بنحو دفع جميع الأطياف السياسية في كلتا الدولتين إلى اعلان تأييدها للمعاهدة. وقال لورنزو فونتانا، عضو البرلمان الإيطالي، مصلحتنا الآن هي استئناف المحادثات مع فرنسا.
وأضافت الصحيفة: من الناحية السياسية، تريد حكومة دراجي استغلال العلاقة مع باريس للعب دور أكثر نشاطًا على المستوى الأوروبي، لا سيما في وقت من المتوقع أن تركز فيه ألمانيا بشكل أكبر على السياسة الداخلية حيث تتولى حكومة جديدة زمام الأمور من أنجيلا ميركل.
وهناك أيضًا مكاسب مهمة لفرنسا من تعزيز علاقتها مع إيطاليا، حسبما قالت الصحيفة؛ حيث أن مثل هذه العلاقة ستُساعد ماكرون في تعزيز الأصوات المعتدلة في أوروبا الغربية واكتساب نفوذ ضد الشعبويين في الداخل مع تأمين حليف مهم لدعمه خلال الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي التي ستبدأ اعتبارًا من بداية 2022. وتابعت: أن اقامة جسور التواصل بين روما وباريس يمكن أن تساعد أيضًا في عملية التفاوض بشأن إصلاح القواعد المالية للاتحاد الأوروبي في فترة ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" لاسيما بعدما لاح في الأفق معركة جديدة حول بنود الإصلاح من قبل ما يُسمى بالدول "المقتصدة" مثل النمسا والدنمارك وفنلندا وهولندا.
وحتى مع تولي ماكرون ودراجي زمام الأمور، قد لا يكون كل شيء سلسًا بين البلدين- لا سيما على صعيد الأعمال التجارية، والذي غالبًا ما يكون مصدرًا للخلاف بين الصناعات الفرنسية والإيطالية المتنافسة. وقد تكون المناقشات حول البيع المحتمل لشركة صناعة أسلحة إيطالية مملوكة لمجموعة الدفاع التي تسيطر عليها الدولة "ليوناردو" إلى منافس فرنسي بمثابة اختبار مبكر لسياسات تعزيز العلاقات. حسبما قالت الصحيفة في ختام تقريرها.