ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم الأحد أن الرئيس الإيراني "المتشدد" إبراهيم رئيسي يتعرض حاليا لضغوط جسيمة من شعبه، في ضوء ارتفاع الأسعار ومعدلات البطالة وتردي الأوضاع الاقتصادية.
وقالت الصحيفة "في معرض تقرير لها نشرته عبر موقعها الإلكتروني" إن العشرات، في محافظة إيرانية نائية، تجمعوا على جانب الطريق لطلب المساعدة من الرئيس أثناء مرور موكبه، بينما حال حرسه الأمني دون حدوث ذلك، ما تسبب في غضب الرئيس الذي اعتذر لمواطنيه، وقال" انني جئت إلى هنا للاستماع إلى الناس، وإذا تكررت أي إساءة مرة أخرى من قبل الامن، فسوف أقود سيارتي بنفسي".
وتابعت "فاينانشيال تايمز" أن انتخاب رئيسي، الذي انتُقد على نطاق واسع لاستبعاده المعارضين الرئيسيين، في يونيو الماضي، تسبب في إنهاء الحقبة الوسطية لسلفه حسن روحاني وعزز القوى المحافظة في إيران، مما أدى إلى يأس الطبقات الوسطى الحضرية التي أرادت المزيد من التغيير الاجتماعي.
وكانت السمة المميزة لأول 100 يوم في منصبه، حسبما قالت الصحيفة، هي زياراته الأسبوعية إلى المحافظات البعيدة للتحدث إلى الناخبين، والحفاظ على الارتباط بقاعدة دعم الطبقة العاملة التي تكافح بالفعل بسبب ارتفاع الأسعار والبطالة والصعوبات الاقتصادية الأخرى، غير أن صبر العديد من هؤلاء الناس، بمن فيهم بعض المتشددين، بدأ ينفد.
من جانبه، قال محمود أحمدي بيغاش، عضو البرلمان المتشدد، إن زيارات رئيسي إلى المحافظات ما هي إلا "مسكنات للألم" حيث لا يوجد "علاج حقيقي لأوضاعنا الراهنة"، وأضاف: أن غياب الخطط لدى الحكومة الجديدة تشير في حقيقة الأمر إلى عدم النضج السياسي. فأنت تذهب مباشرة إلى الناس وتسألهم ما هي مشكلتهم؟! إنها كارثة إذا لم تعرف الحكومة ما هي مشكلتهم //على دحد قوله//.
في الوقت نفسه، قال محللون إصلاحيون، في تصريحات خاصة للفاينانشيال تايمز: إن العقوبات الأمريكية، التي تحد من صادرات النفط وتقيد الوصول إلى القطاع المصرفي الدولي، يجب أن تتوقف حتى ينتعش الاقتصاد. فيما ركز المتشددون، بدلًا من ذلك، على ضرورة تعزيز الإنتاج المحلي والحد من الواردات؛ حيث يوجد بالفعل حظرا على واردات الأجهزة المنزلية من كوريا الجنوبية، وزيادة الصادرات غير النفطية.
وتابعت الصحيفة تقول: انه برغم موافقة إيران على استئناف المفاوضات النووية مع القوى العالمية في 29 نوفمبر الجاري، غير أن رئيسي وفريقه أكدوا أنهم لا يتطلعون إلى محادثات فيينا لإيجاد حل لمشاكل البلاد الاقتصادية. بينما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه مستعد للعودة إلى الاتفاق النووي مع طهران بشرط أن تعود الأخيرة، والتي كثفت نشاطها النووي، إلى الامتثال الكامل لبنوده، وقال رئيسي هذا الشهر "لن نتخلى عن طاولة المفاوضات، لكننا سنقف ضد أي مطالب من شأنها أن تجور على مصالح الأمة الإيرانية".
ومنذ توليه منصبه، كان الإنجاز الأساسي الذي حققه رئيسي هو زيادة معدل التطعيم ضد فيروس كوفيد-19 من 3.3 في المائة إلى أكثر من 51 في المائة. ولكن مع بلوغ التضخم أكثر من 45 في المائة وانخفاض قيمة الريال الإيراني بنسبة 11 في المائة مقابل الدولار منذ توليه السلطة، تظل التحديات الرئيسية اقتصادية. في الوقت نفسه، يقول مسئولون في حكومة رئيسي إنهم ورثوا ديونا ضخمة من الإدارة السابقة. وقال محسن رضائي، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاقتصادية، الشهر الماضي، إن الحكومة تولت السلطة في ظل عجز في الميزانية بلغ 4000 تريليون ريال إيراني (أي ما يعادل 14.2 مليار دولار) //حسبما قالت الصحيفة في ختام تقريرها//.