قد تكون من الذين تعرضوا صدفة لباعة المستعمل وأنت في طريقك إلى العمل أو حتى إلى المنزل، سوق منتشر ويتسم بالتوسع الشديد وأسعاره غير القابلة للمنافسة من المحلات المختلفة، فقد تجد ما تبتغيه عيناك داخل تلك الأسواق بما يقل عن سعرها الحقيقي في المحلات بمقدار الثلث أو النصف أو أكثر أحيانًا فيخضع الأمر لقدرتك على ما يسميه الشارع بـ "الفصال" أو يسميه البعض بـ "شطارتك" ولكن هل سمعت يومًا ما عن سوق المحروق أو الهالك.. أو كما يفسرها البعض بـ سوق تدوير المستعمل مرة أخرى.
الفكرة ببساطة أن ما يباع في الوكالة مثلا هي منتجات تم استخدامها أو يشوبها بعض العيوب يتم استقدامها وتجميعها لبيعها للمستهلك، أما سوق المحروق فهي أسواق تتعمد شراء المستعمل من أصحابه عقب استعماله ليكون أسعاره أقل من سعره المباع به كمستعمل للمرة الأولى بمقدار النصف مثلا، علمًا بأن حالته أسوأ بكثير من أسواق المستعمل.
يقول “خالد.ن”، أحد باعة المحروق بمنطقة بولاق الدكرور، والذي يبيع منتجاته بالقرب من شارع ناهيا الرئيسي هناك، إن الملابس في مصر لا تبلى إلا بتمزيقها إلى عدة قطع، فتمزيقها إلى قطعتين يجعل من تجميعها وإعادة بيعها أمرًا متاحًا، وبيعها ممكن ولكن بسعر يناسب حالة المنتج.
ويتابع: فمثلًا حال الجاكيت في سوق المستعمل في الوكالة قد يكون 350 جنيها في المتوسط، ولكن عند إعادة بيعه مرة أخرى لتتم تهيئته لزبون جديد قد يتراوح سعره من 50 إلى 65 جنيها، علمًا بأنه "فيه الرمق" ويمكن أن يساند صاحبه في مقاومة البرد، وكل برغوت على أد دمه، على حد قوله.
وتؤكد ثناء السيد، صاحبة ستاند لبيع الأحذية المحروقة بمنطقة حمام التلات، والتي تؤكد أن كل قطعة قماش في مصر لها زبون يقدر على ثمنها، بل ويسعى لها بشكل قوي، سواء كانت حلوة أو محروقة.. الكل له زبونه.
وتسرد ثناء قائلة: الحذاء في مصر يصل إلى 400 جنيه في الوكالة، خاصة إن كان فيتنامي مثلًا، فالأحذية الصينية أسعارها أقل بكثير، وأنا أعمل في الاثنين المستورد والمحروق، فبينما نبيع الحذاء الفيتنامي بـ 400 جنيه والصيني بـ 150 جنيها، هناك من يشتري المحروق الذي دار دورته لدى "الجزماتي" ليصل إلى أفضل صورة ممكنه تستطيع أن تحمل شخصا وتحول دون ملامسة قدمه الأسفلت، ليبياع بمتوسط 25 جنيها، وحد أقصى 35 جنيها.
وتؤكد ثناء، أن موسم المدارس هو أكثر المواسم عملًا لديهم حيث تقول: العيال في المدارس تستنفد أهاليها قبل أي شيء، والمدارس طلباتها كتير، وبالتالي يصر الأب على شراء الكتب وإرسال الابن إلى الدرس الخصوصي، ومش مهم هيلبس إيه.. دي ممكن يتصرف فيها من عندنا.