تمتلئ المكتبة العربية بآلاف الكتب القيمة والرائعة ذات القيمة المعرفية الثابتة والمعلوماتية الثمينة، شملت كافة أنواع الكتابة الدينية والتاريخية والتوثيقية وغيرهم من كتابات عديدة متنوعة.
وخلال تلك السلسلة التي تحمل عنوان "مكتبة المعرفة" تركز "البوابة نيوز" في كل حلقة على كتاب له قيمة تاريخية معرفية سواء لمحتواه أو كاتبه، وتحمل الحلقة الثالثة كتاب "في منزل الوحي" للكاتب الراحل محمد حسين هيكل، الذي صدر سنة 1937.
يقول حسين هيكل في مقدمة الكتاب: (ثلاثمائة مليون من المسلمين أو يزيدون تهفو قلوبهم جميعًا إلى منزل الوحي، ويهزهم الحنين إليه، يولُّون وجوههم شَطره خمس مرات كل يوم أينما أقاموا الصلاة، وإلى البيت العتيق تهوي أفئدتهم رغبة في أداء فريضة الحج، وإلى قبر الرسول النبي العربي يحثهم الشوق ابتغاء زيارته، ومنهم من يَوَدُّ لو يقف عند كل مكان وقف فيه الرسول ليتمتع ما وسعه المتاع بما توحيه هذه المواقف من جلالٍ روحي خُلُقي وإنساني يأخذ بمجامع النفس، ومنهم من يدعوه تطلُّعه العلمي إلى البحث عن أسرار هذه البيئة العربية التي اختارها القدر، فجعل منها منزل الوحي بالتوحيد إلى محمد عبد الله ورسوله في أكثر صور التوحيد سُمُوًّا وصفاءً: ماذا كانت قبل الرسالة؟ وكيف كانت حياة الرسول؟ وإلام صارت على توالي العصور؟).
وعن المسجد النبوي قال محمد حسين هيكل: (وذكروا أن محمدًا لما قدم المدينة قال: «ابنوا لي عريشًا كعريش موسى ثُمامات وخشبات، وظلة كظلة موسى، والأمر أعجل من ذلك.» قيل: وما ظلة موسى؟ قال: «كان إذا قام أصاب رأسه السقف).
وبدأوا يبنون المسجد والرسول يبني معهم ينقل اللَّبِن والبنَّاءون يبنون، لقيه رجل وهو يحمل لَبِنةً فأراد أن يخفف عنه بأن يحملها وقال: أعطينيها، فأجابه: «اذهب فخُذ غيرها فلست بأفقر إلى الله مني.» وجاء رجل من حَضْرَمَوْتَ يُحسن عجن الطين فنحَّى رسول الله غيره عن هذا العمل وقال للرجل: «الزَمْ أنت هذا الشغل فإني أراك تُحسنه، ورحم الله امرأ أحسن صنعته.» ولما رأى كبار الصحابة إقبال رسول الله على العمل أقبلوا عليه جميعًا ولم يكن لأغنيائهم قبل ذلك بهذا عهد.
وعن آثار المدينة المنورة قال: (وبداخل المدينة خلا مسجد المصلَّى: مسجد السُّقْيَا، ومسجد الفتح، ومسجد ذُباب، ومسجد الإجابة، هذا إلى مساجد أخرى ليس يذكرها أكثر المؤرخين، فأما المساجد القائمة بظاهر المدينة فسنتحدث عنها من بعدُ).