منذ 44 عامًا من هذا التوقيت خاطب الرئيس الراحل محمد أنور السادات العالم أجمع أمام الكنيست الإسرائيلي، وليس لمخاطبة "إسرائيل" فقط بل لمخاطبة العالم للسلام القائم على القوة والنصر، ليس لسلام الذل والهوان حيث أصبح لمصر درع وسيف شهدته ساحات الحروب والتاريخ على مرئ ومسمع العالم أجمع.
وحمل الخطاب التاريخي للسادات، الكثير من الرسائل المصرية والعربية للدولة المحتلة المهزومة وللدول الغربية الداعم لها، وحيث كانت زيارة الرئيس الراحل بطل الحرب والسلام، تاريخية وغير متوقعة، وحملت بعض المواقف المحرجة والطريفة فعندما هبط الرئيس السادات من الطائرة التي أقلته للدولة المحتلة المهزومة، وبدأ في مصافحة المستقبلين من الوزراء والسياسيين الإسرائيليين، وجاء الدور لمصافحة مائير رئيس وزراء للحكومة الإسرائيلية، فنظر إليها السادات مبتسمًا وقال لها: أتعرفين ماذا يقولون عنك يامسز مائير في مصر؟ وردت مائير وقد بدت عليها ملامح الدهشة، وقالت: ماذا يقولون عني في مصر يا سيادة الرئيس؟ فرد السادات قائلاً: يقولون إنك أجدع رجل في إسرائيل، توقفت جولدا مائير عن الكلام وصمتت من المفاجأة في محاولة لكي تفهم ما يعنيه السادات، لكنها استجمعت شجاعتها وقالت: سأعتبر ذلك مدحاً يا سيادة الرئيس، فضحك السادات بصوت مسموع وضحك معه كل المستقبلين الإسرائيليين ثم انصرف السادات ليصافح من يليها.
وفاجأ الرئيس محمد أنور السادات الشعب المصري والوطن العربي والعالم، حين قال في خطابه أمام مجلس الشعب في 9 نوفمبر 1977 "ستُدهش إسرائيل حينما تسمعني الآن أقول أمامكم إني مستعد إلى الذهاب لبيتهم نفسه، إلى الكنيست الإسرائيلي ذاته".
وتبرز "البوابة" أهم ما جاء بالخطاب التاريخي للرئيس محمد أنور السادات:
"السلام لنا جميعًا .. على الأرض العربية وفي إسرائيل.. وفي كل مكان من أرض العالم الكبير المعقد بصراعاته الدامية، المضطرب بتناقضاته الحادة، والمهدد بين الحين والآخر بالحروب المدمرة، تلك التي يصنعها الإنسان ليقضي بها على أخيه الإنسان، وفي النهاية، وبين أنقاض مابني الإنسان وبين أشلاء الضحايا من بني الإنسان فلا غالب ولا مغلوب، بل إن المغلوب الحقيقي دائما هو الإنسان".
وقال " قد جئت إليكم اليوم على قدمين ثابتتين، لكي نبني حياة جديدة، لكي نقيم السلام وكلنا على هذه الأرض، أرض الله، كلنا مسلمون ومسيحيون ويهود.. نعبد الله ولا نشرك به أحدًا، وتعاليم الله ووصاياه هي حب وصدق وطهارة وسلام".. هكذا بدأ الرئيس الراحل محمد أنور السادات خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي.
وكانت زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات لإسرائيل لها نتائج متعدده حيث اندلعت كثير من التظاهرات في الشارع العربي بالعديد من الدول العربية والإسلامية، رافضين مبدأ الزيارة والاعتراف بالدولة المحتلة شكلاً وموضوعاً، وعلى الجانب الاخر من تم توقيع إتفاقية " كامب ديفيد " بين الرئيس الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلى "مناحيم بيجن " فى 17 سبتمبر عام 1978م، وذلك بعد 12 يومًا من المفاوضات في المنتجع الرئاسي "كامب ديفيد" في ولاية ميريلاند القريب من واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، لتكون أول معاهدة صلح بين إسرائيل ودولة عربية منذ إعلان قيام الدولة العبرية، وكانت بداية انتهاء الحرب بين الدولتين حتى الآن.