أكد الكاتب سامح فايز، الباحث في شئون جماعات الإسلام السياسي، أن مجموعة من العوامل المختلفة تؤثر بشكل حازم وتكاد تحول دون اجتماع دول القارة الأفريقية لصياغة استراتيجية مشتركة لمواجهة الإرهاب والتطرف العنيف.
وأشاد "فايز" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" برئاسة مصر للدورة الحالية لمجلس الأمن والسلم الأفريقي، والذي خصصت خلاله جلسة وزارية لمناقشة تبادل الخبرات في مواجهة الإرهاب، إلى جانب التحديات المتزايدة لدول القارة الأفريقية، كما ثمَّن دعوة رمضان لعمامرة وزير الخارجية الجزائري المشاركين لصياغة استراتيجية قارية مشتركة لمواجهة الإرهاب والتطرف.
وعلق "فايز" على دعوة الجزائر قائلا: إن الجزائر لديها تاريخ طويل في مواجهة الإرهاب، وتدرك خطورة التطرف وضرورة التضييق على الجماعات خارجيًا، لكن العوامل المختلفة المؤثرة في صياغة مفهوم مشترك، منها ما يعود لتاريخ الحقب الاستعمارية التي مرت بها دول القارة، ولا زالت ذيول الاستعمار ممتدة وباقية ولديها أجندات مختلفة ومطامع في القارة يمكن الوصول إليها من خلال دعم الحركات المسلحة والمتطرفة، إلى جانب التوترات العرقية والإثنية التي تتعالى على مفهوم الوطنية.
وحذر "فايز" من التواجد الكبير لجماعات الإسلام السياسي بالقارة، حيث غض الطرف عنهم المجتمع الدولي ملتفتًا إلى أفغانستان أو الشام، مع العلم أن جماعة مثل بوكو حرام في نيجيريا لا تقل خطورة عن طالبان.
وتابع "فايز" أن المصالح المتعارضة بين دول القارة يؤثر على وحدتها في مواجهة التحديات المختلفة، ضاربًا المثل بقضية النيل وسد النهضة، حيث قطعت فيه مصر عدة سنوات في مفاوضات مضنية من أجل تعنت الطرف الإثيوبي.
مستكملا حديثه، أن كل هذه الأسباب تجعل من صياغة مفهوم مشترك أمرا بالغ الصعوبة، لافتًا إلى الدور المصري في استعادة الدور الأفريقي بقوة، والذي غابت عنه مصر وتراجع بشدة في السنوات الطويلة الماضية والتي أعقبت محاولة اغتيال الرئيس مبارك الأسبق في أديس أبابا.
يشار إلى أن الجزائر كانت قد طرحت عبر مشاركة وزير خارجيتها رمضان لعمامرة، بالاجتماع الوزاري لمجلس الأمن والسلم الأفريقي، أهم الدروس المستفادة من تجربة الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، كما دعت المشاركين إلى تبني صياغة استراتيجية قارية مشتركة لمواجهة آفة الإرهاب والتطرف.
وفي بيان للخارجية الجزائرية، شدد "لعمامرة" على ضرورة بلورة واعتماد مقاربة شاملة ومتكاملة تستند إلى الظروف الخاصة لكل دولة وتهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية لهذه الآفة.
وطالب "لعمامرة" المشاركين بضرورة الانخراط في الرؤية الجديدة التي طرحها مؤخرا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والتي تهدف إلى تكييف وإعطاء زخم أكبر لمختلف آليات العمل الأفريقي المشترك وفق نهج يأخذ بعين الاعتبار القدرات التي أبانت عنها هذه الآفة في التأقلم وكذا ضرورة العمل المتواصل لتجفيف جميع منابع تمويلها من خلال صياغة استراتيجية قارية لهذا الغرض.
وتتمع الجزائر بتاريخ طويل في مواجهة أعنف التيارات الإرهابية، فضلا عن مرورها حاليًا بظروف نشطت فيها جماعات متطرفة استهدفت استقرار البلاد، وكان المجلس الأعلى للأمن بالجزائر، عقب اجتماع حضره الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، أصدر بيانا أعلن فيه حركتي "رشاد" و"ماك" كمنظمتين إرهابيتين في 18 مايو الماضي.
وكشفت الضربات الأمنية الأخيرة في الجزائر أن شعارات حركتي "رشاد" و "ماك" غير حقيقية، حيث تجند العديد من الشباب الذين يقودون كتائب إليكترونية لاستغلال المناسبات الوطنية وخاصة ذكرى الحراك الشعبي لبث مجموعة من الشائعات والأخبار المضللة من أجل التحريض ضد السلطة الموجودة في البلاد.
وفي موجة الحرائق التي شهدتها الجزائر، اتهمت البلاد بضلوع تنظيمي "ماك" و"رشاد" بالوقوف وراء موجة الحرائق، وفي كلمته للشعب، أغسطس الماضي، أكد الرئيس تبون أن الحرائق "مدبرة من جهات تعرف جيدا المنطقة وتضاريسها وقصدوا أن تكون بمناطق آهلة بالسكان". كما حذَّر تبون قائلا: "من يمس الوحدة الوطنية استعمل معها كل الوسائل وسيدفع الثمن غاليا، فالوحدة الوطنية شيء غالي جدا".
وحرصت مصر خلال الاجتماع الوزاري بمجلس الأمن والسلم الأفريقي، على الاهتمام بالتحديات الأمنية المتزايدة التي تواجهها القارة وفي مُقدمتها الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة والتوترات العرقية والأزمات السياسية الداخلية وتبعات تغير المُناخ والكوارث الطبيعية.
وفي بيان للسفير الدكتور محمد جاد، سفير مصر لدى إثيوبيا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي، أوضح أن برنامج الرئاسة المصرية يتضمن عقد جلسة وزارية حول مكافحة الإرهاب عبر تفكيك الخطاب والأيدولوجيات المُتطرفة وتجفيف منابع التجنيد.