قال مركز الفتوي الإليكترونية بالأزهر الشريف: إنه من الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية للحفاظ عليها «حفظ المال»، كما نهت عن كل ما من شأنه أن يُهلِكه، أو يُتلفه، وقال الإمام الشاطبي: (اتفقت الأمة -بل سائر الملل- على أنَّ الشَّريعة وُضعت للمحافظة على الضروريات الخمس، وهي: الدِّين، والنَّفس، والنَّسل، والمال، والعقل).
كما أمرت الشريعةُ الإسلامية المسلمَ بالكسب الحلال، وحرَّمت أخذَ المال من غير وجه حق، ودون رضا صاحبه؛ قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ، وقال سيدنا رسول الله ﷺ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»، وأباح الشرع كافة المعاملات المالية التي قد يحتاج إليها المسلم، وحرم ما يخالف تعاليم الإسلام ومقاصده، ويهدر المصالح والحقوق، ومن هذه المعاملات:
كل معاملة تشتمل على ربا؛ -زيادة مشروطة في أشياء مخصوصة أو في المال مقابل الأجل وحده-؛ لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}.
وكل معاملة بها غرر، وهي البيوع التي تشتمل على جهالة في وصفها، أو في ثمنها، وقدره، وصفته؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «نَهَى رَسولُ اللهِ ﷺ عن بَيْعِ الحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الغَرَرِ».
وبيع الأشياء التي حرمها الشرع أو حكم بنجاستها ما لم يكن ثمة غرض يبيح استخدامها في وجهٍ يُحقِّق منفعة معتبرة شرعًا، مع تقدير كل حالة بحسبها من قِبل أهل العلم المتخصصين؛ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: أنَّهُ سَمِعَ رَسولَ اللهِ ﷺ يقولُ عَامَ الفَتْحِ وَهو بمَكَّةَ: «إنَّ اللَّهَ وَرَسوله حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالأصْنَامِ».
وكذلك كل بيع اشتمل على غشٍّ عن طريق الكذب أو التدليس أو كتمان عيب السلعة، أو بحس ثمنها أو تطفيف وزنها؛ قال الله سبحانه: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}، وقال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَن غَشَّ، فليس منِّي»، وقال ﷺ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ».
بالإضافة إلي كل معاملة اشتملت على مقامرة واقعيًّا أو إلكترونيًّا، والمقامرة هي المجازفة والتردد بين غنم وغرم، والقمار من الميسر المجمع على تحريمه، والذي قال فيه الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}.
وأوضح مركز الأزهر للفتوي الإليكترونية، أنه في ظل انتشار المعاملات الإلكترونية في وقتنا الحالي؛ فإنه يجري عليها ما يجري على المعاملات الواقعية من أحكام.
كما انه من أهم خصائص الشريعة الإسلامية مرونتها، ومواكبتها للواقع ومستجداته، من خلال آليات وقواعد علمية ومعرفية واستنباطية يحسنها علماء الدين والشريعة المتخصصين؛ قال سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.