الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

علي محمود طه.. شاعر الجندول الرومانسي

علي محمود طه
علي محمود طه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يضم تاريخ الأدب العربي واحدًا من أهم أعلام الشعر، وهو الشاعر المصري علي محمود طه، والذي نبغ في الكتابة، حتى احتل مكانًا مرموقًا بين شعراء الأربعينيات من القرن العشرين. ولُقِّب بلقب "شاعر الجندول"، وكان من شعراء الرومانسية العربية بجانب جبران خليل جبران، البياتي، السياب وأحمد ذكي أبو شادي.

كان ديوانه الأول بعنوان "الملاح التائه" عام 1934، والذي قاده ليكون واحدًا من أعلام مدرسة أبولو، التي أرست أسس الرومانسية في الشعر العربي. وتأثر بالشعراء الرمزية أمثال بودلير، الفريد دي فيني، شيللي، وجون مانسفيلد؛ ولحن وغنى له الموسيقار محمد عبد الوهاب عددا من قصائده مثل "الجندول، وكليوباترا، فلسطين". وترك أثرا كبيرا في الشعراء الذين جاءوا بعده. فقد كتب في جميع الأغراض التي شكلت ميدانًا لغيره من الشعراء، وتنوعت قوافيه وفنونه لكنه أكثر ما يشد القارئ هي تلك اللغة والصور الحسية التي يرسمها الشاعر في قصائده بعيدًا عن تلك النزعة الرومانسية التي بدت غامرة في ديوانه "الملاح التائه".

تناول الحديث عنه الكثير من الشعراء والأدباء، منهم أحمد حسن الزيات الذي قال: «كان شابًّا منضور الطلعة، مسجور العاطفة، مسحور المخيلة، لا يبصر غير الجمال، ولا ينشد غير الحب، ولا يحسب الوجود إلا قصيدة من الغزل السماوي ينشدها الدهر ويرقص عليها الفلك».

وفي كتابه "على مشارف الخمسين" كتب صلاح عبد الصبور: قلت لأنور المعداوي: أريد أن أجلس إلى علي محمود طه. فقال لي أنور: إنه لا يأتي إلى هذا المقهى ولكنه يجلس في محل "جروبي" بميدان سليمان باشا. وذهبت إلى جروبي عدة مرات، واختلست النظر حتى رأيته.. هيئته ليست هيئة شاعر ولكنها هيئة عين من الأعيان. وخفت رهبة المكان فخرجت دون أن ألقاه، ولم يسعف الزمان حيث كان التغني بالجمال أوضح في شعره من تصوير العواطف، وكان الذوق فيه أغلب من الثقافة، وكان انسجام الأنغام الموسيقية أظهر من اهتمامه بالتعبير.

ويرى الراحلان سمير سرحان ومحمد عناني أن «المفتاح لشعر هذا الشاعر هو فكرة الفردية الرومانسية والحرية التي لا تتأتى بطبيعة الحال إلا بتوافر الموارد المادية التي تحرر الفرد من الحاجة ولا تشعره بضغوطه بحيث لم يستطع أن يرى سوى الجمال، وأن يخصص قراءاته في الآداب الأوروبية للمشكلات الشعرية التي شغلت الرومانسية عن الإنسان والوجود والفن، وما يرتبط بذلك كله من إعمال للخيال الذي هو سلاح الرومانسية الماضي.

ويقول د. محمد حسين هيكل في كتابه "ثورة الأدب"، إن تكون القصيدة بمثابة "فكرة أو صورة أو عاطفة يفيض بها القلب في صيغة متسقة من اللفظ تخاطب النفس، وتصل إلى أعماقها من غير حاجة إلى كلفة ومشقة. 

كان علي محمود طه في شعره ينشد للإنسان ويسعى للسلم والحرية رافعًا من قيمة الجمال كقيمة إنسانية عليا، وكان أول من ثار على وحدة القافية ووحدة البحر، مؤكدا على الوحدة النفسية للقصيدة.

من أهم الكتب التي صدرت عنه كتاب أنور المعداوي "علي محمود طه: الشاعر والإنسان"، وكتاب " للسيد تقي الدين" علي محمود طه، حياته وشعره"، وكتاب "محمد رضوان" الملاح التائه علي طه"؛ أما أعماله، فمنها الملاح التائه، ميلاد الشاعر، الوحي الخالد، ليالي الملاح التائه، أرواح وأشباح، شرق وغرب، زهر وخمر، أغنية الرياح الأربع، الشوق العائد وغيرها.

كان قضاء الله سابق على الشاعر والأديب علي محمود طه، فكان يفرغ نفسه للشعر حتى آتاه القدر، فقد مات 17 نوفمبر 1949 بعد ٤٨ عاما في توغله في الشعر، وقد أصيب فترة قصيرة بمرض "الشلل النصفي المفاجئ"، ولم يمهله كثيرا وهو في قمة شبابه، ودُفن بمسقط رأسه بمدينة المنصورة، ورغم افتتانه بالمرأة  وقصائده حولها إلا أنه لم يتزوج قط.