أيام قليلة تفصلنا عن الرابع عشر من ديسمبر الجاري، ولازال المشهد غير مكتملا، فهذا التاريخ هو تاريخ مصيري في تاريخ الدولة الليبية التي عاشت سنوات طويلة بعد 2011 من الاحتراب وتوقف إنتاج النفط وانفراط عقد المؤسسات.
لا يمكن أن تتأخر الانتخابات يومًا واحدًا عن هذا التاريخ، فالمماطلة لا تجلب إلا استنزاف الوقت وضياع الخطوط العريضة للخروج من الأزمة.
فعندما خاطب الرئيس الشعب الليبي من فرنسا، ذكرهم بتاريخهم وأصولهم و حازت الكلمة على إعجابهم ووصلت رسالة سيادته لهم، فبغض النظر عن الجهود الدولية ومؤتمرات برلين وموسكو وباريس ولكن يظل المصير في يد الشعب الليبي، المشاركة الايجابية في الانتخابات ووحدة الصف وصفة لا تخيب أبدًا للخروج من الأزمات.
كان أخر ما قدمه المجتمع الدولي من أجل الانتخابات الليبية هو مؤتمر باريس للسلام، والذي شهد كثير من المخرجات المثمرة بحضور قوي عالمية، فشهد المؤتمر توافق بين ايطاليا وفرنسا حيال القضية الليبية لأول مرة، كما كان من أهم المخرجات أيضًا توقيع عقوبات على من يعرقل الانتخابات.
ومن ثمّ، نستطيع أن نعتبر مؤتمر باريس هو نقطة انطلاق لإنجاح تلك الانتخابات التي يجب أن تتم في موعدها، فالتحدي الزمني يتصدر قائمة تحديات الانتخابات الليبية وهو واحد من أسرار نجاحها أيضًا، استبعاد الشخصيات المستهلكة سياسيًا عن قائمة الترشحُ قد يكون واحدًا من أسرار النجاح أيضًا، فالمرحلة الانتقالية نجحت في ليبيا وتم وقف إطلاق النار ونعمت ليبيا ببعض من الهدوء والاستقرار هذا العام لأن رئيس الحكومة "عبد الحميد دبيبة" ورئيس المجلس الرئاسي "محمد المنفي" كانا من الشخصيات الجديدة وليست المستهلكة سياسيًا، فالشعوب دائمًا ما تتوسم النجاح في شخصيات جديدة على الساحة السياسية، لذا لابد أن يكون مُرشحين كفء وجدد على الساحة يملأون الفراغ السياسي كي لا يملأه من يُحسبون على التيار الإخواني أو من الصف الثاني أو الثالث الإخوانى.
فبنجاح الانتخابات الليبية سيتسنى للجنة 5+5 أن تبدأ في تفعيل آليات خروج المرتزقة من خلال المراحل الخمس، التي تشمل خروج المرتزقة، خروج المقاتلين الأجانب، تفكيك المليشيات المسلحة، جلب مراقبين دوليين للإشراف على تلك العملية، طلب الدعم اللوجستى من الحكومة والبرلمان.
فتلك الخطوات لا يمكن أن تقوم بها الدولة الليبية إلا باكتمال الانتخابات واكتمال مؤسسات الدولة وتماسكها.
وأخيرًا، ستظل الجارة الأمنية تساند الدولة الليبية كما كانت دائمًا دون التدخل في شؤونها أو نهب ثرواتها، فكانت مصر طوال السنوات الماضية تحافظ على الحدود الغربية وتحتضن اجتماعات الفرقاء الليبيين وتدعم الحكومة الوطنية، وستظل مصر تدعم ليبيا ؛ عمقها الأمني والاستراتيجي ليس فقط في الانتخابات ولكن أيضًا في معركة التنمية والترميم المؤسسي فيما بعد.