يبدو أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، حبيس أفكاره وعناده كالحال التي عليها بلاده الحبيسة ولا يوجد إلا طريق واحد يصلها بالعالم الخارجي، وتقترب تيجراي من السيطرة عليه، إلا أن آبي أحمد لا يرغب في الخروج من النفق المظلم الذي أدخل فيه بلاده بالحرب التي مر عليها أكثر من عام، حيث رفض كل الوساطات التي تدعو للتهدئة ووقف إطلاق النار، على الرغم من الموقف الذي أصبحت عليه المواجهة، بعد اقتراب "تيجراي" وجيش تحرير الأورومو من الوصول إلى العاصمة أديس أبابا، وإنهاء حكمه بعد 3 سنوات فقط.
وكان آخر جولات الوساطة هي الزيارة المفاجئة للرئيس الكيني أوهورو كينياتا أمس الأول الأحد، والتي تسبق لقاء بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي يزور نيروبي ضمن جولة أفريقية خلال الأسبوع الجاري تشمل السنغال ونيجيريا، يبحث خلالها مواجهة جائحة كورونا ومكافحة التغير المناخي.
وبعد أقل من 24 ساعة على انتهاء زيارة الرئيس الكيني لأديس أبابا، أفرج “أحمد” عن نصف سائقي برنامج الغذاء العالمي الذين اعتُقلوا الأسبوع الماضي في شمال إثيوبيا، وأوضح فرحان حق، المتحدث باسم الأمم المتحدة، أن 10 موظفين تابعين للأمم المتحدة احتجزوا يوم الجمعة الماضي لا يزالون معتقلين.
ويرفض رئيس الوزراء الإثيوبي كل الوساطات، متمسكا بالحلول الأفريقية، وعلى الرغم من عدم الكشف عن تفاصيل الزيارة المفاجئة والقصيرة لـ"كينياتا" إلا أن مبعوث الاتحاد الإفريقي أولوسيجون أوباسانجو كشف عن ترحيب حكومة آبي أحمد وجبهة تحرير شعب تيجراي بجهود إحلال السلام.
وتعد هذه هي الاستجابة الوحيدة من آبي أحمد، للتهدئة حيث رفض من قبل النداءات الدولية من الأمم المتحدة وواشنطن والاتحاد الأوروبي والمؤسسات الإغاثية التي أكدت على تفاقم الوضع الإنساني في شمال البلاد.
وأوضح "أوباسنجو" أن "الجانبان (الحكومة الإثيوبية وقوات تيجراي) أعربا عن رغبتهما في السلام والاستقرار في إثيوبيا"، مؤكدا أنه سيواصل جهوده لإحلال السلام، مناشدًا "جميع أصحاب النوايا الحسنة والقادة في إفريقيا والمجتمع الدولي إلى مواصلة دعم جهود الوساطة الإفريقية والامتناع عن الأعمال أو الخطابات التي من شأنها، عن قصد أو عن غير قصد، أن تفاقم الصراع".
وأضاف أوباسانجو في بيان قبل يومين: "أعتقد أنه ستكون هناك فرصة لحل الصراع سلميًا".
وفي الوقت الذي تواجد فيه الرئيس الكيني بإثيوبيا، اقتربت جبهة تيجراي من السيطرة على الطريق الرابط بين العاصمة أديس أبابا وجيبوتي، بعد التطورات التي شهدتها المعارك مع الجيش الإثيوبي في إقليمي أمهرة وعفر وبعض مناطق إقليم أوروميا.
ورفعت جبهة تيجراي شعار "إرحل" في وجه رئيس الوزراء الإثيوبي، حيث نشر جيتاشوا رضا المتحدث باسم الجبهة سلسلة تغريدات على "تويتر" اليوم الثلاثاء قال فيها إن إثيوبيا مقبلة على التفكك، ولتجنب ذلك المصير لا بد من رحيل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مؤكدا أن البلد الواقع في القرن الأفريقي يتجه للهاوية بعد مرور 3 سنوات من "الخيانة الوطنية" في عهد أبي أحمد، وفق تعبيره.
وأكد "رضا" في تغريدة له عبر حسابه الرسمي بموقع تويتر أنه “مع تعرض سيادة البلاد للخطر وتآكل النسيج الذي يجمع الإثيوبيين معًا، قام بعمل رائع في تقطيع أوصال إثيوبيا، إذا كانت هناك فرصة ضئيلة لتجنب تفكك إثيوبيا الذي لا رجوع فيه، فهذا يعني بالتأكيد رحيل آبي أحمد وقريبًا”.
وأضاف المتحدث باسم جبهة تحرير تيجراي، أظهر النظام باستمرار استعداده لبيع الأصول الاستراتيجية لإثيوبيا على المكشوف مع تصعيد النزعة القومية الشوفينية، ونتيجة لذلك فإن إثيوبيا تتأرجح على حافة الهاوية.
وأوضح جيتاشوا رضا، أن هناك أكاذيب تتردد على شاكلة "أن الحرب بين حكومة ملتزمة بحماية سيادة إثيوبيا، وأولئك الذين هم عازمون على تدمير البلاد" مختتما تغريدته بالقول "ثلاث سنوات كاملة من نظام كانت بمثابة سجل من الخيانات الوطنية".
وتشهد إثيوبيا خلال الآونة الأخيرة تطورات متسارعة بعد سيطرة جبهة تحرير شعب تيجراي، المتحالف مع جبهة تحرير الأورومو، على عدد من المناطق الإستراتيجية في إقليم الأمهرة، وأصبحت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في مرمى نيران القوات المناوئة لرئيس الوزراء أبي أحمد، وبات مصيره مهددا وأوشك عهده على النهاية بعدما أشعل حربا أهلية وعرقية أدخلت بلاده في فوضى عارمة طوال 12 شهرا.
وكان اقتراب «تيجراي» و«أورومو» من العاصمة أديس أبابا، سببا في استدعاء عدد من الدول لرعاياها على رأسها مصر والولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية والأردن، تزامنا مع اعتزام الموظفين الأمميين مغادرة العاصمة خوفا من مصير كابول التي سيطر عليها حركة طالبان في أغسطس الماضي.
ودخلت إثيوبيا العام الثاني من الحرب بين النظام الإثيوبي وجبهة تيجراي، والتي اندلعت في مستهل شهر نوفمبر من العام الماضي 2020 وتسببت في انهيار الجيش الإثيوبي، إلى جانب تفاقم الأزمة الانسانية لملايين من سكان تيجراي الواقع شمال البلاد.
وأعلنت ٩ فصائل إثيوبية في العاصمة الأمريكية واشنطن، تكوين تحالف ضد أبي أحمد تحت مسمى "الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفدرالية الإثيوبية"، في الخامس من نوفمبر الجاري.
والفصائل هي "جيش تحرير الأورمو، وجبهة تحرير تيجراي، وحركة تحرير بني شنقول، وحركة أجاو، وجبهة تحرير سيداما، وحركة قيامنت، وحركة تحرير جامبيلا، وحركة عفر المتحدة، والحركة الوطنية الصومالية".