لم تنجح كورونا وتداعياتها في إفشال خطة مصر بمضاعفة الصادرات المصرية غير البترولية والوصول بها إلى 100 مليار دولار خلال 5 سنوات، وهو ما أثبتته الأرقام والتقارير الرسمية من ارتفاع قيمة الصادرات غير البترولية خلال الربع الأول من عام 2021 لتسجل نحو 7.5 مليار دولار، مقابل نحو 6.5 مليار دولار خلال الربع السابق له، وما تبع ذلك من تراجع قيمة العجز التجاري غير البترولي خلال الربع الأول من عام 2021 بنحو 5.0% مقارنة بالربع السابق عليه، ويرجع ذلك إلى ارتفاع الواردات غير البترولية، وارتفاع قيمة الصادرات غير البترولية.
وقال أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية، إن زيادة حجم الصادرات المصرية رغم جائحة كورونا خلال عام 2020/2021 بنسبة 18.2% لتسجل 34.4 مليار دولار، مقارنة بـ 29.1 مليار دولار خلال عام 2019/2020، وتحقيقها خلال الـ 7 أشهر الأولى من العام الجاري زيادة بنسبة 35.5% لتسجل 22.5 مليار دولار، هو إنجاز كبير يضاف إلى نجاحات الاقتصاد المصري، موضحًا أن هذا يرجع إلى الإرادة السياسية لتحفيز وتنمية الاستثمار وزيادة ضخ المزيد من الاستثمارات للتوسع في المشروعات الإنتاجية ذات العائد الاقتصادي الكبير.
وأضاف غراب، أن الحكومة المصرية انتهجت عددا من السياسات لدعم الصادرات عن طريق إطلاق برنامج دعم وتنمية الصادرات الجديد والذي يستمر لمدة 3 سنوات، حيث تم زيادة نسب مساندة الشحن البري والبحري والجوي للصادرات إلى أفريقيا لتصل لنحو 80%، بالإضافة إلى زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الفترات السابقة والحالية للدول الخارجية لتعزيز العلاقات الدولية الأوروبية والأفريقية وغيرها لزيادة حجم التبادل التجاري بين مصر ودول العالم، هذا بالإضافة إلى تشجيع المصدرين ورد الأعباء التصديرية المتأخرة لهم منذ سنوات لتشجيع الصناعة وزيادة الإنتاج، بالإضافة إلى أن مصر اتخذت سياسة اقتصادية ناجحة لزيادة عائد الناتج المحلي الإجمالي وزيادة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الصادرات.
وأشار إلى تحرك الدولة في اتجاه توطين العديد من الصناعات والتي بدأت بالفعل في كثير من المجالات، بالإضافة إلى توطين مستلزمات وخامات الإنتاج للاعتماد كليًا على إخراج منتج محلي مصري الصنع بنسبة 100%، بالإضافة إلى تنمية ودعم الدولة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وتسويق منتجاتها وفتح باب التصدير أمامها، كل ذلك كان سببًا من أسباب زيادة الصادرات وسيكون السبب الرئيسي لزيادتها خلال الفترات القادمة للوصول بها إلى 100 مليار دولار وفق توجهات القيادة السياسية.
وأوضح غراب، أن هناك العديد من العوامل اتخذتها الحكومة وتنفذها وزارة التجارة والصناعة لزيادة الصادرات منها زيادة المعارض التجارية والبعثات التجارية في الدول الخارجية خاصة الدول الأفريقية للتسويق والترويج للمنتج المصري، بالإضافة إلى التوسع في فتح أسواق جديدة وغزو أسواق القارة السمراء وهذا متاح لنا بسبب انضمام مصر لاتفاقية الكوميسا والتي تمكننا من التصدير لـ18 دولة عربية وأفريقية بدون رسوم جمركية، بالإضافة لاتفاقية التجارة الحرة الأفريقية، موضحًا أن حجم التبادل التجاري بين الدول الأوروبية بلغ 70% بينما بين الدول الأفريقية تمثل 18% فقط وهذا حجم صغير، وبتفعيل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية سيزيد حجم التبادل التجاري أكثر.
وتابع، أن وزارة قطاع الأعمال أطلقت خلال الشهور الماضية الكتالوج الإلكتروني والذي يعد مواصفة قياسية وخريطة تعريفية بها كافة بيانات المنتج المصري للترويج له وتسويقه لزيادة الصادرات، بالإضافة إلى مشروع جسور الذي يقدم خدمات متكاملة للنقل واللوجستيات والترويج والوساطة، بالإضافة إلى إعادة تشكيل المجالس التصديرية بجميع أنواعها خلال الفترة الماضية، هذا بالإضافة إلى تطوير عدد من الموانئ البحرية لاختصار توقيت الإفراج الجمركي لتحسين مناخ الاستثمار وزيادة الإنتاج، وتفعيل نظام الشباك الواحد وميكنة خدماته وتطوير البنية الأساسية لتحويل مصر لمركز لوجستي عالمي يزيد الصادرات ويسهل حركة التجارة العالمية.
ولفت غراب إلى أن توجيه الرئيس السيسي بمنع دخول البضائع غير المطابقة للمواصفات الأوروبية بدءا من مارس المقبل، جعل المنتج المصري مرحبًا به في الأوساط الأوروبية والأسواق العالمية التي كان لم يصل إليها المنتج المصري من قبل، موضحًا أن هذا القرار سيمنع دخول المنتجات المغشوشة التي كانت تدخل كمدخلات إنتاج وتضر بالمنتج المحلي وجودته وبالتالي منعها يمنحنا منتجا قويا ذات جودة عالمية تنافس المنتجات العالمية والأوروبية.
ومن جهته أكد الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن الصادرات المصرية شهدت قفزة كبيرة رغم كل التحديات التي يشهدها ليس الاقتصاد المصري فقط، بل الاقتصاد العالمي أيضًا.
وأوضح، أن زيادة الصادرات المصرية هو الحل السحري لتحسن الاقتصاد المصري وزيادة قيمة الجنيه مقابل الدولار، مؤكدًا أن الملاحظة الجديرة بالذكر، أن الصادرات غير البترولية حققت معدل زيادة أكبر من الزيادة في الصادرات البترولية، كما أن زيادة الصادرات المصرية قابلتها انخفاضا في الواردات خلال العام المالي 2020/2021، مما أثر إيجابيًا على عجز الميزان التجاري وانخفض 6.7% حيث سجل 41.6 مليار دولار في عام 2020/2021 مقارنة بـ 44.6 مليار دولار خلال العام المالي 2019/2020.
وكشف "السيد" عن الأسباب التي أدت إلى زيادة حجم الصادرات، وأهمها جهود الدولة المصرية في تذليل العقبات أمام المصدرين ومساندة القطاعات الإنتاجية والتصديرية، وزيادة التعاون مع الشركات العالمية، والاستفادة من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية الموقعة بين مصر وعدد من الدول والتكتلات الاقليمية والاقتصادية، وكذلك إتباع سياسة تنوع الصادرات والدخول في أكثر من قطاع لاسيما في تصدير الصناعات الغذائية إلى الصين والدول الأفريقية والأوروبية، وأيضًا قطاع الصناعات الطبية، وزيادة صادرات قطاع الجلود والأحذية والمنتجات الجلدية، والنجاح في افتتاح أسواق جديدة، ومنها أسواق للمنتجات المصرية في الدول الأفريقية.
وأضاف، أن التوسع في المشروعات الانتاجية في مصر سواء التي تبنتها الدولة أو القطاع الخاص مثل "مشروعات الصوب الزراعية والثروة السمكية ومشروعات الأسمنت والكهرباء" وغيرها، ساهم في تحقيق إستراتيجية مضاعفة الصادرات المصرية.