تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنانة فاطمة رشدى، حيث ولدت فى مثل هذا اليوم 15 نوفمبر 1908، وتعد من رائدات المسرح والسينما المصرية، وقامت التأليف والإخراج والتمثيل، بالإضافة إلي أنها كانت صاحبة فرقة مسرحية وهي فرقة فاطمة رشدي، وتركت تراثًا فنيًا لا يمكن إنكاره، وعاصرت عمالقة المسرح والسينما المصريين من جيل الرواد من عشاق الفن
لقبت فاطمة رشدي بـ"سارة برنار الشرق" وكان لديها هوَس وحب وولاء منقطع النظير لفن التمثيل في تلك الفترة المبكرة وترصد “البوابة نيوز” أبرز المحطات فى حياتها
ولدت فاطمة رشدي في الإسكندرية وأخواتها فنانات أيضا وهن رتيبة و إنصاف رشدي وبدأت حياتها الفنية مبكرًا عندما كانت في التاسعة من عمرها وزارت فرقة أمين عطا الله حيث كانت تغنّي أختها، وأسند إليها أمين عطا الله دورًا في إحدى مسرحياته، كما كانت تؤدي أدوار غنائية ثانوية في بدايتها، وظهرت على المسرح مع فرقة عبد الرحمن رشدي، ثم انضمت إلى فرقة الجزايرلي، وانتقلت بين مسارح روض الفرج - حيث كانت تشهد تلك المنطقة الشعبية نهضة فنية واسعة واخرجت الكثير من رواد الفن التمثيلي في مصر - فعملت في مسرح روز اليوسف ثم في فرقة رمسيس وصارت بطلة للفرقة.
وعندما شاهدها المطرب سيد درويش عام 1921 دعاها للعمل بفرقته التي كونها بالقاهرة.فبدأت حياتها الفنية في فريق الكورس والإنشاد مع سيد درويش و نجيب الريحاني.
وفي عام 1923 التقى بها رائد فن المسرح عزيز عيد الذي توسّم فيها الموهبة والقدرات الفنية الكامنة، فضمها إلى فرقة يوسف وهبي بمسرح رمسيس، وتعهّدها بالمران والتدريب وعلمها التمثيل، كما أوكل مهمة تلقينها قواعد اللغة العربية إلى مدرس لغة عربية. ثم تزوجها بعد ذلك لتصبح نجمة فرقة رمسيس المسرحية.
وفي عام 1924 أتيح لفاطمة رشدي بفضل ذلك الدعم الكبير القيام بأدوار البطولة في عدة مسرحيات من بينها : "الذئاب - الصحراء - القناع الأزرق -الشرف - ليلة الدخلة - الحرية - النزوات والنسر الصغير " لمؤلفها أدمون روستان، وقام بتعريبها كل من عزيز عيد و السيد قدري، وقدم لها الكاتب الناقد السوري سامي الشمعة للتعريف بالمسرحية بقوله :« وإننا لنرجو أن يقبل الشباب على روايات فاطمة رشدي العظيمة وهي فرصة لا يجدر بهم إضاعتها وهم يرون فيها أميرين من أمراء الفن"
زارت فرقة فاطمة رشدي وعزيز عيد العراق وقد كانت لتلك الزيارات أثر على المسرح العراقي في تلك الفترة ومن ذلك التحاق عميد المسرح العراقي حقي الشبلي بفرقة فاطمة رشدي ويسافر معها إلى مصر ليتدرب ليستفيد من التجربة المصرية
وبعد ذلك ذهبت فاطمة رشدي إلى إلى بيروت سنة 1929، ولقيت إقبالاً كبيراً من جانب محبيها ولقّبت بصديقة الطلبة، وأقام لها الطلبة في أيار حفلة تكريميّة في فندق رويال، تحدث فيها كنعان خطيب و أحمد دمشقية و تقي الدين الصلح و إبراهيم رشدي و إبراهيم طوقان و خليل تقي الدين.
قدمت فرقة فاطمة رشدي على مسرح صالة الأمبير عدة مسرحيات منها:
النسر الصغير وغادة الكاميليا وجان دارك والسلطان عبد الحميد ويوليوس قيصر
وقدمت في الهواء الطلق على سطح الباريزيانا المسرحية الشهيرة مصرع كليوباترا لأمير الشعراء أحمد شوقي، كما قدمت مسرحية (العواصف) من تأليف أنطوان يزبك وكانت المسرحية عبارة عن عرض لبعض الأخلاق والعادات بالنقد والتحليل، وتدور حول نزاع يثور في قلب امرأة بين رجلين أو عاطفتين، تنتقد خلالها فكرة الشخص الثالث (المحلل).
انفصلت فاطمة رشدي عن عزيز عيد بسبب غيرته الشديدة وبانفصالها عنه انفصلت عن مسرح رمسيس، وكونت بعدها فرقتها المسرحية الخاصة الشهيرة التي حملت اسمها وقدمت 15 مسرحية في سبعة أشهر، والتي اخرجت نجوماً مثل محمود المليجي و محمد فوزي الذي كان يلحن المونولوجات التي تقدم بين فصول المسرحيات.
قدّمت فرقة فاطمة رشدي العديد من النصوص المترجمة والمقتبسة بالإضافة إلى بعض المؤلفات المحلية وفي مقدمتها مسرحيات أحمد شوقي.
بدايتها السينمائية كانت في أول تجربة لها مع بدر لاما في فيلم «فاجعة فوق الهرم» (1928) والذي قوبل بهجوم كبير نالته من الصحافة لضعف مستواه من وجهة نظر النقاد في ذلك الوقت، ولولاها لمني الفيلم بخسارة فادحة. ثم أقنعها المخرج وداد عرفي بأن يخرج لها فيلم «تحت سماء مصر» «تحت ضوء الشمس» ؟ لكنها أحرقته لأنه كان أقل مستوى من الفيلم السابق.
انصرفت بعدها إلى المسرح ولعدة مواسم ثم زاوجت بينه وبين السينما.وكانت عودتها إلى الشاشة بفيلم «الزواج» والذي عرض (1933)، كمؤلفة ومخرجة وممثلة، ومثل أمامها فيه محمود المليجي - في أول أدواره السينمائية - ويروي الفيلم قصة الفتاة المغلوبة على أمرها والتي زوجها أبوها على غير ما تهوى فكانت نهايتها الموت.
ثم فيلم «الهارب» مع بدر لاما، و«ثمن السعادة»، ثم فيلمها الهام مع كمال سليم رائد الواقعية المصرية «العزيمة». حاز الفيلم على نجاح كبير، فيما فشل فيلمه «إلى الأبد». بعد ذلك شاركت في فيلم «العامل» و«الطريق المستقيم» (مع يوسف وهبي بك) وتتالت أفلامها بعد ذلك وهي : «بنات الريف»، «مدينة الغجر»، «غرام الشيوخ»، «الريف الحزين»، «عواصف»، «الطائشة»، «دعوني أعيش»، «الجسد».
انضمت فاطمة رشدي إلى المسرح العسكري وأدت العديد من البطولات المسرحية، وأخرجت مسرحية " غادة الكاميليا "، ثم انضمت للمسرح الحر عام 1960 وقدمت مسرحيات الكاتب الكبير نجيب محفوظ " بين القصرين "، ثم " ميرامار " عام 1969.
بعد انفصالها عن عزيز عيد تزوجت من المخرج كمال سليم الذي اسند إليها أهم أدوارها وهو دورها في فيلم العزيمة كما تزوجت المخرج محمد عبد الجواد وعاشت بعيدًا عن الأضواء لسنوات طويلة ثم تزوجت رجل أعمال من الصعيد، ثم تزوجت عام 1951 من ضابط شرطة.
صدرت مذكرات ممثلة المسرح الأولى فاطمة رشدي في 128 صفحة من تأليف محمد رفعت في جزء واحد وأطلق اسم فاطمة رشدي على أحد شوارع القاهرة الكبرى بمنطقة الهرم إحياءً لذكراها واعترافًا بفضلها.
اعتزلت الفن في أواخر الستينات وانحسرت الأضواء عنها مع ضياع الصحة والمال وكانت تعيش في حجرة بأحد الفنادق الشعبية في القاهرة ثم تدخل الفنان فريد شوقي لدى المسؤولين لعلاجها على نفقة الدولة وتوفير المسكن الملائم لها وتم ذلك بالفعل إلا أن القدر لم يمهلها لتموت وحيدة تاركة ورائها ثروة فنية عملاقة تزيد عن 200 مسرحية و16 فيلمًا سينمائيًا، وحياة عاشتها طولا وعرضًا عاصرت خلالها جيل من عمالقة المسرح ورواد السينما وتوفيت في 23 يناير 1996 الموافق 3 رمضان عن عمر يناهز 87 عامًا.