الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

مصطفى عوض في حواره لـ«البوابة نيوز»: تصميم الأفيش المسرحي يبدأ من الفكرة ويتطور مع تقنيات العصر.. نواجه صعوبات الوصول لصورة بصرية مناسبة للعرض.. والصناعة تتجه لمصير قاتم والمنتجون لا يُقدِّرونه

مصمم الأفيش بوزارة
مصمم الأفيش بوزارة الثقافة الفنان مصطفى عوض
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يُعد «الأفيش» بمثابة الإعلان الموجز، والقصير، والمشوق للعمل الفني سواء كان مسرحية أو فيلمًا أو مسلسلًا أو أي عمل آخر، وهذا تفسير لوجوده في الشوارع، والميادين، والأماكن الإعلانية العامة، والخاصة، وكذلك الجرائد، والمجلات، ووسائل النقل والمواصلات وداخل محطات مترو الأنفاق، ووجهات المسرح، والسينما أيضًا. 

بدأت فكرة صناعة الأفيش في القرن التاسع عشر، وظهرت في مصر منذ بداية الثلاثينيات، والأربعينيات، حتى ازدهرت بعد ذلك من فترة الخمسينيات، والستينيات، والسبعينيات، لأنها اعتمدت بشكل أساسي على مهارة الرسم اليدوي، والخطاطين، مما أسهم في خلق نوع من التواصل مع الجمهور.

ومع ظهور التكنولوجيا والتقنيات الحديثة وبرامج الفوتوشوب أيضًا في بداية الثمانينيات وتستمر حتى وقتنا هذا، أصبحت الأفيشات الحديثة قطعة فنية تعتمد بشكل أساسي على الصورة الفوتوغرافية، لأنها تُجسد روعة العمل الفني وتُبرز مهارة وإبداع مصممه، ويعتقد البعض أنَّ صناعة الأفيش في مصر حاليًا تتجهه للأسوأ، نظرًا لسوء اختيار المصممين في جميع المؤسسات الحكومية أو الخاصة. 

«البوابة نيوز» ألتقت مصمم الأفيش بوزارة الثقافة الفنان مصطفى عوض، للحديث عن ما هو فن صناعة الأفيش والصعوبات التي تواجهها في ظل التطور التكنولوجي الحالي، وأين تتجه بنا الآن، إلى نص الحوار...  

الفنان مصطفى عوض مصمم الأفيش بوزارة الثقافة

■ ماذا يعنى الأفيش؟ وما هى أهميته والعائد منه؟

- في البداية الأفيش هو اللوحة الفنية التي تستخدم بهدف الدعاية والتعريف بالعمل الفني المُقدَّم سواء في السينما، والمسرح، والفنون التشكيلية أو حتى الإعلان عن أي منتج في إطار الصناعات الثقافية، ويتضمن الأفيش موجزًا لكل ما في داخل العمل الفني من فكرته، وأبطاله، ومخرجه، ومؤلفه، وتتعدد أماكن نشر هذه الملصقات، فبعضها يُعلَّق في الشوارع، والسينمات، ووسائل النقل ومحطات مترو الأنفاق.

وتكمُن أهمية «الأفيش» كفكرة في نقل صورة واقعية من أبطال العمل الفني إلى عقول المشاهدين، فاعتمد بعضها على الإثارة البصرية لجذب أكبر فئة من الجمهور، ويرجع تاريخ الأفيش عندما شهدت محافظة الإسكندرية على بداية مولد هذا الفن، واستضاف مقهى "زواني" أول عرض سينمائي في مصر عام1896 ، بعد شهر واحد فقط من انطلاق أول عرض في العالم عام 1895 بفرنسا.

واحتضنت المحافظة في ذلك الوقت أول مطبوعة سينمائية في مصر، وأطلق عليها «معرض السينما» آنذاك، التي تعود للناقد والمؤرخ السيد حسن جمعة في العام 1924، وبعد عامين فقط في القاهرة صدرت مجلة «نشرة أولمبيا للسينما الفوتوغرافية» عام 1926، ويعود الفضل في دخول «صناعة الأفيش» إلى مصر، اليونانيين الذين نقلوا حرفتهم إلى الإسكندرية، لتصبح مُلاصقة لفني الرسم، والتصوير الفوتوغرافي.

أفيش عرض إيزيس الشرق

■  ما هي الصعوبات التي تُواجه مصممي الأفيش؟

- هناك صعوبات عديدة تُواجه مصمم الأفيش خلال العمل من أهمها إيجاد الفكرة، التي يقوم عليها التصميم، فأنا لا أُحب أن أُصنفها بمشكلة، لكنها بمثابة العصف الذهني الذي يتعرض له مصمم الأفيش قبل البداية في العمل، لأن الفكرة أساس الموضوع، وتعد بمثابة خط النجاح الأول للتصميم، تعقبها مباشرة صعوبة تنفيذها واختيار التقنية التي تتلاءم معها، حتى تصل إلى صورة بصرية مُناسبة للعرض بحرفية وعند الانتهاء تواجه جميع المصممين المشكلة الأكبر وذلك في العروض السينمائية أو المسرحية وهي ترتيب صور الفنانين، ووضع أسمائهم وهي من أبرز المشكلات سريعًا. 

أفيش مسرحية شارع محمد علي


عُرف فن الأفيش في المسرح قبل ظهوره في السينما بسنوات طويلة على يد المخرج المسرحي برودواني كيف ترى ذلك؟

- بالفعل عُرف فن الأفيش في المسرح قبل ظهوره في السينما، وكان الفضل يرجع إلى  المخرج المسرحي برودواني، ويعيش المسرح خلال تلك الفترة أوج أمجاده، الذي امتلأ بالجماهير في نهايات القرن التاسع عشر، مما دفع أصحاب هذه المسارح إلى التجديد في كل شكل يتعلق بهذا الفن الاستعراضي المسرحي، ومن بين أفكار التجديد هذه، فكرة طرأت على ذهن «جاك كولبي» صاحب مسرح «new fun»  الذي قام بوضع صورة بالحجم الكبير على مدخل المسرح، وسرعان ما اتجه أصحاب المسارح الأخرى لتقليد فكرته، إذ لاقت رواجًا كبيرًا، وكان من أشهر رسامي هذه الملصقات: «أدوين سورسبي» و«مايكل جلاسنر»، وتفنن الرسامون في إبداع لوحات فنية في صورة ملصقات دعائية.

أفيش مسرحية زقاق المدق

كيف تسهم صناعة تصميم الأفيش المسرحي في تسويق المنتج الثقافي؟

- ترتبط عملية تسويق المنتج الثقافي بتصميم الدعاية الخاصة بهذا المنتج، فمصمم الدعاية يحمل عبئًا ثقيلًا للخروج بشكل دعائي مبهر للمنتج الثقافي، حتى يساعد ويسهل على المُسوق مهمته، فهي تُسهم بشكل كبير في نجاح العمل ذاته.

كيف ترى صناعة فن الأفيش الآن في ظل التطور التكنولوجي الذي يُواكب أحداث العصر مقارنة بالماضي؟ وهل أثَّرت عليها؟

- بالفعل أضافت التكنولوجيا الكثير لفن صناعة الأفيش، حتى أصبح الأمر أكثر سهولة ويُسر عمَّا سبق، ولكن عن شخصي أميل للأفيش المرسوم، وأرى أنه هو أكثر أصولية في العمل الفني وهذا يطلق عليه قطعة أصلية «Master Piece».

أفيش عرض ليل الجنوب

يقول الناقد سمير الجمل إنَّ معظم أفيشات السينما المصرية مأخوذة من أفلام أجنبية في صورتها وشكلها ولا يوجد إبداع حقيقي، فما تعليقك على ذلك؟

- إذا كان المقصد هنا هو تصميم الأفيشات الجديدة فأنا أتفق مع هذا الرأي تمامًا، لأنه بشكل كبير يتجه المصمم في العمل على اقتباس فكرة لملصق أجنبي وتمصيرها، وهذا أعتبره مسخًا للعمل الفني وفقرًا في إيجاد أفكار جديدة، لذلك أتصور أنه في بداية صناعة الأفيش كان الأمر أقوى بكثير، وكان على أيدي الرسامين اليونانيين بمصر، حتى امتهنها أبناء مصر بعد ذلك أمثال «حسن الثغر» صاحب وكالة الثغر للإعلان، التي قامت بمعظم صناعة الأفيشات المرسومة خلال فترة السبعينيات.

أفيش عرض قلعة الموت

أين تتجه صناعة فن الأفيش المسرحي بنا الآن؟

- لقد تحدثت كثيرًا في هذا الأمر وهو صناعة الأفيش المسرحي في مصر تتجه من سيئ إلى أسوأ، لأنَّ المُنتجين في مصر سواء القطاع الحكومي أو الخاص لا يُقدرون قيمة وأهمية الأفيش المسرحي، والقليل منهم الذي يعي أهمية هذا النوع من الفن، ولو تحدثت عن القطاع الحكومي فهناك قصور في التصميمات التي لا تليق أن تُمثل واجهة مصر بفنها العريق، وهذا يرجع دائمًا لعدم حُسن اختيار العناصر التي تقوم بالعمل الفني ويستند الأمر إلى موظف لا يُجيد أسس التصميم وغير مؤهل فنيًا لمجرد أنه موظف يعمل بمؤسسة حكومية متجهًا لبعض دورات الجرافيك والكمبيوتر حتى يستطيع إقناع مديره بأنه مصمم جرافيك جيد، ومن هنا تكمُن المشكلة، وفي الوقت الراهن نستطيع أن نشاهد بأنفسنا كم العبث الموجود على واجهات المسارح الحكومية أو المطبوعات، التي تُصرف عليها أموال طائلة دون جدوى، لذلك يجب على المسئولين بالقطاع الحكومي اختيار العناصر المؤهلة علميًا ومهنيًا حتى ترتقي صناعة الأفيش في مصر.

الفنان مصطفى عوض

كيف ترى تمثيل مصر خارجيًّا في تصميم الأفيش للصناعات الثقافية؟

- تمثيل مصر خارجيًا بشكل عام يُعد إضافة في التواصل الدولي وخصوصًا على المستوى الثقافي، لأنَّ الثقافة بدورها القوى الناعمة، التي تستخدمها الشعوب مع بعضها البعض لزيادة التقارب، وعندما يصبح الأمر مُرتبط بالصورة البصرية يكون هنا أفضل، لأنَّ التواصل المرئي ينقل الصورة بشكل يجعل المُتلقي يتحمس إلى رؤية المزيد ومعرفة الأكثر. 

مصمم الأفيش الفنان مصطفى عوض


هل هذه المشاركة الأولى لمصر في تصميم الأفيش للصناعات الثقافية بالخارج؟ وما هو الهدف منها؟

- عندما تلقيت دعوة رسمية عن طريق وزارة الخارجية من حكومة مدينة سكتلان بالمكسيك، للمشاركة بتصميمات بوسترات لدعم قضية مكافحة سرطان الأطفال، في إطار معرض دولي يشترك فيه 55 مُصممًا من جميع أنحاء العالم وقبول تصميماتي من قبل لجنة الاختيار، مع اختيار مصر متمثلة في شخصي أن تكون ضيف شرف افتتاح المعرض بحضور أعضاء سفارة مصر بالمكسيك، مع حاكم ولاية سكتلان، وكان افتتاحًا مُبهرًا ومُشرف بتواجد مصري مؤثر في المعرض، وبعد ذلك أُخطر بأنه سيقدم محاضرة للطلبة في الجامعة من دارسي فنون الجرافيك والإعلان، وقدمت مقترح لاسم للمحاضرة بعنوان «تصميم الأفيش للصناعات الثقافية» وأتصور أنها المشاركة الأولى بهذا الاسم، التي لاقت نجاحًا باهرًا من الأساتذة والطلاب ورؤساء الجامعات هناك، بالإضافة إلى «فيديو كونفرانس» مع خبراء من مصر في أثناء التواجد هناك خلال المحاضرات مثل المخرج وليد عوني، والمخرج أحمد السيد، ومحمد عبد الدايم، الخبير في علم الإدارة الثقافية والتسويق الثقافي، حتى لاقي نجاحًا كبيرًا أيضًا في تحقيق التواصل بشكل أكبر وأعمق ونقل الخبرات بلا حدود، وعندما أعلنت المحاضرة طالبت إلقاء نفس المحاضرة في أكثر من جامعة بالمكسيك.

ومن أهم أهداف هذه المشاركة وصول الثقافة المصرية بشكل حقيقي إلى دولة المكسيك، وعلى الجانب الآخر هم يتطلعون للكثير من المشاركات المصرية مثل: «التواصل في فنون السينما، والمسرح، والفنون التشكيلية، والرقص الحديث.. وغيرها من الفنون»، ولكن هذا يحتاج إلى اهتمام أكثر من الجانب المصري للتواصل مع الدول الأكثر بُعدًا عن الثقافة المصرية، وهذا يتحقق من خلال التواصل الفعلي، وعلى مستوى الجانب المكسيكي هم ينتظرون الكثير من التعاون الثقافي مع مصر، حتى انتقلت هذه المحاضرة بعد ذلك بدعوة من الدكتور هاني أبو الحسن سلام، أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، في أبريل الماضي لطلاب المسرح بهدف الاستفادة منها ومواكبة الطلاب بعد تخرجهم لسوق العمل.

أفيش مسرحية ليلتكم سعيدة

ما هي الرسالة الذي يحملها الفنان مصطفى عوض لصُنَّاع الأفيش؟

- لديَّ مقولة دائمًا تتعلق بالتصميم الدعائي وهي: «عليك أن تقوم بتصميم مطبوعة ذات طابع خاص وتتميز بفكرة في التصميم والتنفيذ ليحتفظ بها الجمهور بدلًا أن تكون فقيرة وتُلقى في القمامة، لأن ببساطة شديدة يجب أن تحترم جمهورك، والجمهور المُرتاد للعروض الثقافية مختلف يستطيع أن يميز العمل الفني بشكل كبير ومن ضمن تقييمه تكون المطبوعة التي تحمل عنوان العمل الفني ذاته، فمنذ أن تخرجت في كلية الفنون التطبيقية عام 2001، التحقت بالعمل في وزارة الثقافة وطوال هذه الفترة أعمل بمهنية شديدة واجتهاد لخروج تصميماتي للنور بشكل مشرف للمؤسسة التي أنتمي وأعمل بها، وأود أن أوجه رسالة لكل المسئولين في وزارة الثقافة تحديدًا، أن يُجيدوا اختيار الأشخاص الذين نتطلع بتصميم الدعاية لمؤسساتهم.