يشدد المفكرون والمراقبون على أهمية مواجهة التيارات المتشددة والمتطرفة، فيؤكدون على ضرورة المواجهة الأمنية؛ لما لهذه الجماعات من وجه متطرف يرتبط بالعنف والإرهاب، لكنهم يعولون دائما على المواجهة الفكرية التي تنتج المؤلفات وتعقد الندوات والمؤتمرات التي تناقش قضايا الإرهاب وتفكك مقولاته، وتنقذ الشباب من موجات التجنيد التي تنجح فيها التنظيمات الإرهابية حول العالم.
في تونس، شاهد الشعب عن قرب مدى سوء الوضع السياسي والاقتصادي وتوقف حركة البلد لتربص إخوان تونس وحركة النهضة بقيادة زعيمها راشد الغنوشي، ما دعا الرئيس التونسي قيس سعيد لاتخاذ عدد من الإجراءات الاستثنائية في الـ25 من يوليو الماضي، سانده الشعب فيها وأسقط بها حركة النهضة المسيطرة على الحكومة والبرلمان، والتي تعرقل من خلالهما الحياة السياسية.
واتجه الرئيس التونسي لدعم الحياة الثقافية وتشجيعها، من خلال رعايته الشخصية لمعرض كتاب تونس في دورته الحالية والذي افتتح أمس الخميس، حيث قام بجولة داخل أجنحة المعرض، والتقى المشاركين واستمع إلى أراءهم، في إشارة منه لأهمية دعم الحياة الثقافية والفكرية في مواجهة الرجعية الدينية، ويأتي دعم الرئاسة لمعرض الكتاب في تونس بعد فترة انقطاع طويلة منذ العام 2011.
وحظى جناح "مؤمنون بلا حدود" بزيارة الرئيس سعيد، وهي المؤسسة المعنية بتنشيط البحث المعرفي في الحقوق الثقافية والمعرفية والدينية بشكل خاص، والتي تأسست بالرباط في العام 2013، وحسب تعريف المؤسسة فإنها تُكرس اهتماماتها على دراسة منظومة الأفكار المؤسسة للعقل الثقافي الكلي في المنطقة، وتسعى في الشق العملى إلى اختبار اجتهادات المفاعيل الثقافية والفكرية والمجتمعية في الفضاء العربي الإسلامي، نظريا وواقعيا.
وخلال الزيارة، قدمت "مؤمنون بلا حدود" أحد أهم إصدارات المؤسسة، كتاب "المصحف وقراءاته" وهو من إنجاز فريق كامل من الباحثين في تونس بإشراف الدكتور عبدالمجيد الشرفي ومجموعة من كبار الأساتذة.
ووفق بيان صادر عن المؤسسة، فإن الدكتورة آمال موسى وزيرة الثقافة رافقت الرئيس التونسي، وهي أحد الأقلام التي نعتز بها في مؤمنون بلا حدود، فهي مؤلفة كتاب "الشباب التونسي والتدين في الحياة اليومية" الذي صدر عن دار نشر مؤمنون بلا حدود عام 2018.
أما عن كتاب "المصحف وقراءاته" فهو يهدف إلى وضع تصنيف في "المصحف وقراءاته" جمعت مادته من المصادر العربيّة المعتمدة في مثل هذه المباحث بنص الآيات وصفة السور والقراءات؛ التي أثبتتها الأخبار ممّا عدّ مقبولاً، أو شاذّا، أو غريبا.
ووفق الناشر فإن الاهتمام في الكتاب كان مصوّبًا نحو القراءات القرآنيّة، وأخبار أسباب النزول، ومسألة النسخ، وكذلك التكرار، بالإضافة إلى إثبات جملة من تقسيمات المصاحف إلى أحزاب وأنصاف وأرباع وأثمان. والحرص على إيراد جملة من الملاحظات عندما يرى فيها ما يفيد في تبيّن تشكّل المصحف، أو ما يمسّ أحد العلوم القرآنيّة الّتي تطرّق إليها.
خُصّص لكلّ سورة مقدّمة عامّة جمع فيها ما تعلّق بمختلف أسمائها إذا تعدّدت، والمكّي والمدني، وعدد آياتها، وترتيبها حسب النزول في المصادر القديمة، وفي عدد من الدراسات الحديثة. كما حرص على إثبات كلّ آيات المصحف بخط عثمان طه، وبرواية حفص عن عاصم، وتحت كل آية وُضع الرسم الإملائي المتداول اليوم.
