قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إننا اليوم في حاجة ماسة إلى تكاتف العلماء من أجل بيان الوجه العملي لعلوم الشرع وعلوم الإنسان في هداية الخلق إلى الله، وخاصة في ظل ما تواجهه علوم الإسلام من اتهام ومحاولة إقصاء لها في زاوية من زوايا الحياة العلمية والعملية.
وأوضح أن التفريق بين العلوم وجعلها فسطاطين متقابلين أمرٌ اصطلاحي حادث قد يغر بعض الشباب؛ فلا فرق في الإسلام بين علوم الشرع وعلوم الإنسان؛ فكلاهما يخدم الإنسانية، فالعلوم الشرعية علوم إنسانية؛ لأنها تعنى بالإنسان وحياتيه الدنيوية والأخروية، والعلوم الإنسانية علوم شرعية؛ لأنها تسعى في خير الإنسان، وهو مراد الشارع، وإنَّ الأمة في الجملة لا تستغني عن أي علم نافع.
وأكد وكيل الأزهر خلال كلمته في المؤتمر الدولي العلمي لكلية الدعوة والذي جاء تحت عنوان "دور العلوم الشرعية والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية"، أنَّ الدعوة إلى الله واجبٌ إيماني، وتكليف شرعي، وفرض مجتمعي، والعمل في هذا الميدان هو مهمة الأنبياء والمرسلين، وطريق العلماء والمصلحين، فضلا عن كون الدعوة الإسلامية أحد المعايير المهمة في سبيل النهوض بالأمة، وإن ما تواجهه الأمة اليوم يدعونا إلى إجراء دراسة متأنية لمستقبل الدعوة الإسلامية في ظل هذه التحديات التي تتعلق بالهويات والمناهج والعقائد.
وبيَّن الدكتور الضويني أنَّ الدعوة الإسلامية المعاصرة تواجه تحديات كثيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهذه التحديات لا بد أن تواجه بمزيد من الدراسة والتحليل، ومن أهم هذه العقبات الانتقال من رحابة الدعوة الإسلامية إلى التعصب المذهبي المظلم أو إلى الدعوة الحزبية الضيقة، وضعف تصور الدعاة لشمولية الإسلام لكل جوانب الحياة، وقلة الوعي بالواقع، وإهمال فقه الأولويات، وسوء فهم التعددية، وضعف القدرة على إدارة الخلاف.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأنَّ من الوعي الدعوي أن ندرك أن من يقود هذه الهجمات الشرسة على الإسلام وأهله يتجاهل عن عمد مبادئ الإسلام السمحة؛ ليبرر عدوانه على الأمة، في محاولة لفرض نظام عالمي جديد يسود فيه فكره ونظامه، وإلا فها هو الأزهر، وهو المؤسسة الرسمية التي تترجم عمليا وسطية الإسلام، ينادي في كل ربوع الأرض بالسلام العالمي، ولات من يسمع!، مشددًا على ضرورة الاستفادة من مستجدات العصر، والعمل على تكوين الدعاة علميًا ومهاريًا للتعامل الأمثل مع ما يطرحه الواقع من الضرورات الواجبة شرعًا.
ويناقش المؤتمر العلمي الدولي الأول بكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة خلال يومين ستة محاور وهي: "مدخل إلى العلوم الشرعية والإنسانية"، و"توظيف العلوم الشرعية والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية"، و"دور العلوم الشرعية في خدمة الدعوة الإسلامية"، و"دور العلوم الإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية"، و"جهود علماء المسلمين في توظيف العلوم الشرعية والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية قديمًا وحديثًا"، و "دور الأزهر الشريف والمؤسسات والجامعات الإسلامية في توظيف العلوم الشرعية والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية" بمشاركة نخبة من كبار العلماء والباحثين.