يحتفل العالم بعيد الحب فى الرابع عشر من فبراير كل عام، وهو اليوم الموافق لإعدام القديس فلانتين فى روما فى القرن الثالث الميلادى، وذلك تقديرا لتقديمه حياته ثمنا لإيمانه بالحب، حيث تمرد على القوانين والقرارات التى تعوق بين زواج المحبين المسيحيين، وكان يقوم بتزويجهم سرا، فأُعدم انتصارا للحب.
ورغم عالمية هذا التاريخ، إلا أننى عشت عمرى أحتفل بالحب فى الرابع من نوفمبر، وهو عيد الحب المصرى الذى اقترحه الصحفى الكبير الراحل مصطفى أمين، فى عموده الشهير ”فكرة" وذلك بعد أن شاهد جنازة يمشى فيها ثلاثة فقط، على خلاف طبيعة المصريين، فشعر بضرورة الاهتمام بنشر بذور الحب وتذكير الناس به ولو فى يوم واحد كل عام.
أما اهتمامى بذلك اليوم تحديدا فكان بسبب أمى الشاعرة علا مكاوى، والتى كانت تحرص على الاحتفال بهذا اليوم غير العادى، فهو يوم الحب ويوم ميلاد أبى، ولم تكن تحتفل فقط بأبى بل تحتفل بنا ولنا، وتحرص على إدخال السعادة فى قلوبنا، ولكن ظل عيد الحب مقرونا بأبى طوال حياته حتى رحل عنا عام ٢٠٠٦ .
لا أعلم هل فقدنا شغفنا واحتفالنا بعيد الحب لرحيل أبى، أم من كثرة ما أوجعتنا قسوة المحبين والناس العزاز! فصرنا نرى الحياة جامدة، تغطى فيها المشاعر المزيفة على المشاعر الحقيقة، وتكاد تخلو من الوفاء، وخاصة بين الرجل والمرأة!.. وتشهد ساحات المحاكم على تحول قصص الحب لبؤس وغدر وهدر لأبسط الحقوق الإنسانية، وهو ما جعل الكثيرون يفقدون إيمانهم بالحب ذاته!
وفى ظل هذا الجحود هبت نسائم حب دافئ أصبحت أحرص على متابعتها يوميا، إنها قصة حب الكاتبة الصحفية الجميلة المحبة خيرية شعلان لزوجها الكاتب الصحفى الكبير رجائى الميرغنى والذى رحل العام الماضى، ورغم ذلك جعلته زوجته حيا بيننا بكلماته ومقالاته ورباعياته التى تنشرها يوميا، وبصدق كلماتها ومشاعرها المؤثرة التى جعلتنا نعيش قصة حبهما المتجاهلة وفاته .
ورغم أنهما عاشا معا سنوات طويلة ومنحهما الله أبناءا وأحفادا، إلا أن حبهما ظل متقدا، وهو ما نراه فى صورهما معا، والتى تمتلأ فيها العيون بالحب والحنان والأمان، ليقدما معا أروع قصة حب، لأنها ليست كقصص الحب الخالدة التى عاشت لأنها لم تكتمل، بل استمرت بكمالها وثمارها وعاشت رغم الموت.
لذلك أدعو كل من فقدوا إيمانهم بالحب ووجوده أن يتابعوا الحبيبة والأم والجدة الرائعة/خيرية شعلان، وينتظروا معنا كل يوم ”صباح الخير يا رجائى"، وقد كتبت تذكرنا بكلماته عن عيد الحب : ” في أعياد الحب كنت تردد دوما ( لماذا نخصص للحب يوما واحدا ووحيدا من بين أيام السنة لنحتفى به وهو أرحب من كل الأيام؟، الحب ذات نفسه عيد ترتقى فيه المشاعر الى أعلى درجات الإنسانية وإنكار الذات، وهو غير مرتبط بالزمان أو المكان أو العمر أو المكانة، ولماذا يحتفل البعض بهذا اليوم على طريقة الذكرى السنوية للفقيد الحبيب..هل فقدناه أم نسيناه؟ ).. لم أفقدك أو أنساك...مازال صوت خطوك يؤنسني، ونسائم الصباح الندية الممزوجة برائحة قهوتنا الطازجة تملأ شعاب قلبي وصدري، وفي المساء أنتظر صدح الموسيقي تنبعث من جهازك الذي لم يتوقف يوما عن بث البهجة بين جنبات حياتنا، لكني لازلت أحلم بسماع صوتك تقرأ لي ٱخر الرباعيات..لم نعتبر الحياة الزوجية قفصا ذهبيا أو حريريا كما يحلو للبعض أن يصفوه بل براحا فسيحا نحيا فيه أحرارا طلقاء تملؤنا الثقة والحب والأمان.غدا..سنلتقي علي أطراف أيام الحب والغياب لأخفي في عينيك دموعا لم تتوقف منذ الفراق..صباح الحب يا رجائي.
كل التحية للسيدة الجميلة المحبة الأستاذة القديرة خيرية شعلان، ورحم الله زوجها الحنون الصحفى والكاتب الكبير رجائى الميرغني، ولقصة حبهمها التى أعادت لنا اليقين بأن قدسية الحب كما خلقها الله بين الزوجين، وكما وصفها بالمودة والرحمة موجودة وباقية، ويمكن للحب أن يستمر ويصمد دون أن تغيره حوادث الدهر، ودون أن يفقد بريقه بطول الإستمرار والتعود ولو بمرور عشرات السنوات.
وكل الحب والتحية لأمى مصدر الحب والسعادة والأمان، والتى زرعت فينا الحب وجعلتنا نحرص على الاحتفال بعيده، والذى سيظل لارتباطه بأبى الغالى رحمه الله محفورا داخلى رغم الشجن.