أحيانا نمر فى الشارع وتحدث جريمة، أو مخالفة قانونية ومنها سرقة أو قتل أو خطف، أو أمر مروع للمارة مثل جريمة الاسماعيلية التى هزت ربوع مصر كلها، وفتحت الباب أمام قضية هامة وهى كيفية التصرف حال وقوع جريمة، خاصة بعد اتهام البعض لأهالى الإسماعيلية بالجبن وعدم تدخلهم لمواجهة المتهم بذبح شخص وإصابة أخرين فى الشارع.
النيابة العامة أهابت بالجميع عدم تداول مقاطع تصوير ارتكاب جريمة الإسماعيلية لما تحمله من مشاهد قاسية، ولاختصاص جهات إنفاذ القانون وحدَها دونَ غيرها بمشاهدتها وفحصها باعتبارها من أدلة الدعوى التي ليست محلًّا للتداول أو النشر.
ودعت النيابة العامة كل من يحوز مقاطع الفيديو الخاصة بهذه الجريمة أو غيرها يتعين عليه تقديمها للجهات المعنية دونَ نشرها أو تداولها بين الناس، وذلك حفاظًا على حُسن سير التحقيقات، ومشاعر ذوي المجني عليهم وكافة المواطنين.
وأكد الفقيه القانونى عصام أبو العلا، أن الأشخاص العاديين يحق لهم تتبع الجانى، والإمساك به سواء عبر الصياح لإثنائه عن الجريمة، أو التجمع عليه للسيطرة عليه لوقفه والإمساك به، وذلك وقف المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية التى تنص، على: "تـكـون الجريمة متلبساً بها حال إرتكابـهـا أو عـقـب ارتكابها ببرهــة يسيرة، وتعتبر الجريمة متلبساً بها إذا تبع الجانى مرتـكـبهــا أو تبعته العــامــة مع الصياح إثر وقــوعـهــا أو إذا وجد مرتكبها بعد وقـوعـهــا بوقـت قـريب حاملاً الات أو أسلحة أو امتعة أو أوراقــاً أو أشياء أخرى يستدل بها على أنه فاعل أو شريك فـيـها أو إذا وجــد بـه فى هـــذا الوقــت أثار أو عـلامـات تـفـيد ذلك".
وأشار أبو العلا، فى تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، إلى أن تصوير الجريمة يعتبر قرينة وليس دليل إدانة، وبالتالى الأولى أن يقوم الأشخاص بالسيطرة على الجانى، ومحاولات إيقافه عن الجريمة بأى طريقة حتى ولو بالصياح.
وأكد الخبير القانونى عاطف عبدالحليم، أنه حال وقوع جريمة أو مخالفة قانونية فى الشارع، منها السرقة أو القتل أو بيع المواد المخدرة وغيرها، يحق للمواطن أن يتصرف بأمر قانونى، بالاتصال بالنجدة، ويحق له التصوير لتوثيق الجريمة، لكن لا يحق له قانونا نشرها على مواقع التواصل الاجتماعى، وعليه التوجه بها سريعا إلى جهات التحقيق لتسليمها لها.
وأشار عبدالحليم، فى تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، إلى أن المواطن لا يتدخل حال وقوع جريمة قتل أو سطو مسلح أو خلافه، إلا فى حالة واحدة هى قدرته على السيطرة على الموقف دون تعرضه لإيذاء نفسه من الجانى، أو إيذاء الجانى بالقتل أو الإصابة.
ولفت إلى أنه انتشر مؤخرا نشر البعض لمواد مصورة لمخالفات قانونية على مواقع التواصل الاجتماعى، دون تسليمها للجهات المعنية، مشيرا إلى أن هؤلاء يرتكبون مخالفة قانونية، وبعضهم ينشر هذه الفيديوهات من أجل تحقيق ربح من مواقع التواصل الاجتماعى.
وشدد على ضرورة عدم الادلاء بأى معلومات حول الجريمة إلا أمام جهات التحقيق، ولا يقوم بنشر أى معلومات أو تكهنات على مواقع التواصل الاجتماعى حتى لا يضر بسلامة التحقيقات، لافتا إلى أن المجتمع يحتاج إلى حملة توعية بكيفة التصرف بشكل قانونى فى مثل هذه المواقف.
ومن جانبه، يقول الدكتور شحاتة زيان، رئيس قسم بحوث الجريمة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن تحديد معدلات الجرائم مبنى على أسس مرتبطة ببعضها ونسب الحدوث وأماكن ووقت الحدوث، والنسبة السكانية، فمثلا جرائم مثل الخطف والسرقات، تحدث في أماكن غالبا ما تكون نائية أو تجمعات الأطفال وعدم وجود حماية، وأوقات معينة، ينتهز المجرم فيها الفرصة لتنفيذ جريمته.
وأوضح زيان، فى تصريحات لـ"البوابة نيوز"أنه قديما كانت الكثافة السكانية قليلة، والاستقرار كان كبيرا والقيم الاجتماعية والعادات والتقاليد محفوظة في المجتمع، ولكن مع الزيادة السكانية الكبيرة، أصبحت نسبة أعداد أفراد الشرطة مع الكثافة السكانية قليلة، فهناك إحصائيات قديمة كشفت عن أن كل ٢٠٠ ألف شخص يحميه شرطى واحد، ومهما كانت الدوريات متحركة فلن تحقق الشكل العادل من الحماية، وذلك له أثر كبير على زيادة معدلات الجريمة.
وأشار إلى أن الاحتكاكات والصراعات بين المواطنين نتيجة السكن في مناطق مزدحمة، يضغط بشكل كبير على المرافق والخدمات وبالتالى تزيد المشكلات بين السكان، وتحدث صراعات وتناحر بشكل دائم في الشارع، لافتا إلى أن ما فعلته الدولة في إحلال العشوائيات وتوفير سكن محترم ومجتمع حضارى يليق بهم، سيعمل بشكل كبير على انخفاض الجرائم، بشرط توفير فرص العمل بالقرب منها.
وعن جرائم الخطف، كشف "زيان" أنها جرائم تأخذ شكلا منظما ويمكن أن يكون دوليا، من أجل الاتجار في البشر، بما فيه من العمل في الدعارة أو الاغتصاب أو القتل أو التجارة في الأعضاء البشرية، وأن جرائم السرقة والقتل المنتشرة في مصر لم تصل لحد أن تكون منظمة، لكن يوجد عصابات تنظم حركة "التكاتك"، وكثير منهم يرتكب جرائم كثيرة، بوسيلة نقل ملحة لتيسير حياة الناس، وبالتالى لا بد من تقنين وضعه وفرض قيود على السائقين للرقابة عليهم، حتى يتم السيطرة عليهم، لأن الجرائم التى تحدث بـ"التكاتك"، صعب الوصول إليها.
وعن قضايا "العناتيل"، رأى " زيان" أن هذه الجريمة موجودة في المجتمع منذ قديم الأزل، ويتم اكتشافها الآن صدفة، وبالتالى هى جزء من تراضى المجتمع الموجودة فيه مع هذه الجريمة، وهذا عيب أخلاقى، لأنها مرتبطة بسلوك بعض الناس، لافتا إلى أن شخصية البلطجى أصبحت قدوة في المجتمع منها "إبراهيم الأبيض، عبده موته، حبيشة"، وهذا ظهر في تقليد الشباب لهذه النماذج، فالدراما تسبت بشكل كبير في هدم قيم في المجتمع فأخذت تتهكم على أشكال علماء الدين والمدرسين، الذين يعتبرون حماة الضمير والأخلاق ويوجهون المجتمع إليها.