في مثل هذا اليوم 7 نوفمبر عام 994 ولد الفيلسوف العربي علي بن حزم الأندلسي، وهو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، ولد بقرطبة وهو أكبر علماء الإسلام تصنيفًا وتأليفًا بعد الطبري وهو إمام حافظ وفقيه ظاهري ومتكلم واديب وشاعر وناقد محلل بل وصفه البعض بالفيلسوف، ووزير سياسي لبني امية سلك طريق نبذ التقليد وتحرير الأتباع ويعد من أكبر علماء الأندلس، وتولي وزارة للمرتضى في بلنسية ولما هزم وقع ابن حزم في الأسر وكان ذلك في أواسط سنة 409هـ ثم أطلق سراحه من الأسر فعاد إلى قرطبة.
كما تولي الوزارة لصديقة عبد الرحمن المستظهر عام 412هـ ولم يبق في هذا المنصب أكثر من شهر ونصف فقد قتل المستظهر فى نفس العام وسجن ابن حزم ثم أعفي عنه، تولى الوزارة أيام هشام المعتد فيما بين سنتي 418-422 هـ، وكان الامام ابن الحزم مجتهد مطلق وإمام حافظ، وكان شافعي الفقه فانتقل منه إلى الظاهرية فوافق العقيدة السلفية في بعض الأمور من توحيد الأسماء والصفات وخالفهم في أخرى وكل ذلك كان باجتهاده الخاص، وله ردود كثيرة على الشيعة واليهود والنصارى وعلى الصوفية والخوارج.
وأصل ابن حزم ما يعرف عادة بالمذهب الظاهري وهو مذهب يرفض القياس الفقهي الذي يعتمده الفقه الإسلامي التقليدي وينادي بوجوب وجود دليل شرعي واضح من القرآن أو من السنة لتثبيت حكم ما لكن هذه النظرة الاختزالية لا توفي ابن حزم حقه فالكثير من الباحثين يشيرون إلى انه كان صاحب مشروع كامل لإعادة تأسيس الفكر الإسلامي من فقه وأصول فقه، وكان ينادي بالتمسك بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة ورفض ما عدا ذلك في دين الله، ولا يقبل القياس والاستحسان والمصالح المرسلة التي يعتبرها محض الظن.
كان ابن القيم شديد التتبع لآثار وكتب ابن حزم وكان يصفه بمنجنيق العرب أو منجنيق الغرب، وكانت الناس تضرب المثل في لسان ابن حزم فقيل عنه: "سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقان"، وكان ابن حزم يبسط لسانه في علماء الأمة وخاصة خلال مناظراته مع المالكية في الأندلس وهذه الحدة أورثت نفورًا في قلوب كثير من العلماء عن ابن حزم وعلمه ومؤلفاته وكثر أعداؤه في الأندلس.
ويرتبط بمصنفات ابن حزم حادثة خطيرة طالما تكررت بالأندلس كلما ضاق أهلها بأحد ممن يخالفهم من العلماء وهي إحراق كتبه علانية بإشبيلية، وكان له جماعة من تلاميذه النجباء الذين قدروا فكره وحافظوا على كتبه التي كانوا يمتلكونها بنسخها ونشرها بين الناس. يمكن أن نرجع هذه الحادثة لعدة اسباب منها أن ابن حزم لم يكن ينظر إلى أمراء عصره ومنهم المعتضد نظرة إكبار فهو وزير ابن وزير وما كان له أن ينظر إليهم أكثر من نظرته إلى من دونه أو من ليسوا أكبر منه وهم يأنفون من ذلك الأمر الذي دفع المعتضد إلى تدبير مؤامرة تجعله ذليلا لا يشمخ براسه عليه ولا على غيره هي إحراق كتبه.
وبالرغم من هذه المؤامرة التي ألمت بابن حزم فلم يتحقق للمعتضد ما كان يصبو إليه من كسر كبريائه وإذلاله بل ظل الرجل يشمخ بمكانته وعلمه وعقله هنا وهناك دون ضعف ولا ذلة لكنه آثر السلامة وغادر إشبيلية إلى قريته منت ليشم التي كان يمتلكها ويتردد عليها وظل بها يمارس التصنيف والتدريس حتى وافته المنية في منزله عشية يوم الخامس عشر من اغسطس عام 1064م.