عقد معرض الكتاب السوري، الذي يختتم فعالياته اليوم السبت، بالمكتبة الوطنية بدمشق، ندوة فكرية تحت عنوان "بناء الفكر وترسيخ القيم في أدب الطفل" بمشاركة نخبة من الكتاب والباحثين وهم: قحطان بيرقدار الذي أدار الجلسة، والشاعر بيان الصفدي، وأريج بوادقجي.
وذكر بيان صادر عن هيئة الكتاب السورية، المنظمة للمعرض، أن "بيرقدار" مدير منشورات الطفل بالهيئة، تحدث في مداخلته التي حملت عنوان "نظرات في الشعر الموجه إلى الطفل" عن الأهمية الكبرى للشعر عامة بين الأجناس الأدبية المعروفة، والدور الذي يلعبه الشعر الموجه إلى الطفل بشكل خاص في تعزيز الجانب الرُّوحيّ والوجدانيّ لديه، إضافة إلى دوره التعليمي والتربوي البارز.
مبيًنا أن الشاعر الذي يكتب قصيدة الطفل لا يفلح في جذبه عبرها: "ما لم يكن في الأساس شاعراً موهوباً ومطبوعاً وعارفاً بالشِّعر وفنونه وأساليبه وأشكاله وأوزانه وقوافيه وصُوَرِه وأخيلتِه، وما لم يكن مُطّلعاً أشدّ الاطّلاع على سماتِ الشِّعر المُوجَّه إلى الطِّفل، ومُلِمّاً أيضاً بمفردات عالم الطِّفل وطُرقِ تربيتِهِ وأحلامِه وتَطلُّعاته، وقادراً على النُّطق بصوته والتعبير وفقَ منطقِهِ الطُّفوليّ الخاصّ".
وتابع: " أما سماتِ الشِّعر الـمُوجَّه إلى الطِّفل، فهيَ كثيرةٌ لا ريب، والكلامُ حولَها يطول، ولعلَّ من أبرزِها الأوزان العروضيّة القصيرة السَّريعة المُتنوّعة الّتي تستميلُ إصغاءَ الطِّفل بحركاتِها وسكناتِها ومُحاكاتِها لإيقاعاتِ أحاسيس الطِّفل ومشاعره الخاصّة، فتُدخِلُهُ عالمَ القصيدة، وتُوصِل إليه مضمونَها، وما فيها من جُرعاتٍ جماليّةٍ وقيميّة. وموضوعاته كثيرةٌ جدّاً، ومن الضروريّ أن تُختارَ بحرصٍ وتأنٍّ، وأن تكون ملائمةً لمرحلة الطُّفولة الـمُراد مخاطبتها، وأن تُعالَجَ على نحوٍ فنّيٍّ مرهفٍ بحيث تبقى روح الشِّعر هي المسيطرة، لا أن تتحوّل القصيدة إلى موضوع إنشاء".
مؤكدا في ختام كلامه على وظيفة الشِّعر المُوجّه إلى الطفل، ودوره في تنمية عاطفة هذا الطفل ومشاعره وأحاسيسه، وفي إدراكه الفرق بين النثر والشِّعر، ومن ثم الارتقاء بذوقه الفني، وتحفيزه على الخلق والابتكار.
بدوره رأى الشاعر بيان الصفدي في مداخلته التي حملت عنوان "رسالة أدب الطفل" أن عيوب الكتابة للأطفال كثيرة، لعل من أبرزها: غياب الخصائص - التفكير الخرافي - الامتثالية العمياء - التفرقة بين البشر، إلى جانب ما يحفل به أدب الأطفال العالمي من تجارب تقوم على تمجيد القوة والعنف والمغامرات السخيفة، وتعرض قصص الرعب والجريمة والشذوذ، والقصص البوليسية التافهة التي لا تحمل قيمة إنسانية، وليس من هدف وراءها إلا الربح على حساب الأطفال في كل مكان.
وتابع كلامه متناولاً الحديث عن التحديات الجديدة التي تعترض سبيل أدب الأطفال في العالم، ومنها: تطور وسائل الاتصال، وتراجع التعليم، والموضوع الطفلي، ومشكلة اللغة، والوقت، والفقر، وغياب الرؤيا. داعياً في الختام إلى ضرورة العناية بمستقبل هذا الأدب عبر التخطيط له، ورعاية المسرح، وتفعيل دور الأنشطة الصيفية، وتقديم الأغنية المتكاملة، والبرامج والمسلسلات الهادفة، والعناية بمرحلة ما قبل القراءة، والتأكيد على الاستقلالية، وتنمية الشخصية المتكاملة للطفل من خلال تحفيز خياله، وربطه بالعصر، وتأصيل المرح، والاهتمام بمواهبه في الكتابة والرسم.
أما أريج بوادقجي رئيس تحرير مجلة "شامة" فقد أكّدت في محورها "بناء القصة... لبناء فكر الطفل" على ضرورة العناية بكل عنصر من عناصر البناء الفني للقصة، مما يمنح النص قيمة مضافة، إما تربوية أو جمالية أو معرفية، وذلك بدءاً من الحدث الذي يجب أن يلامس الطفل، مروراً بالشخصيات التي يجب أن تكون ملهمة وذات أفق، ولا تعتمد ثيمة التراخي والتكاسل والتركيز على المظهر، وليس انتهاءً بعنصر الحوار الذي يمكن أن يقدم مهارات التواصل السليم حتى حل النزاعات. مع الانتباه إلى موضوع زمان القصة، إذ على الكاتب أن يكون سابقاً لعصره، ومكانها من خلال التركيز على البيئة المحلية، والتراث وأهمية الحفاظ عليه.