يوافق اليوم 5 نوفمبر ذكرى رحيل الفنان القدير حسن عابدين الذى كان يمتلك الموهبة والإبداع، والحضور المتميز، غير أن الحظ لم يحالفه فى الظهور إلى عالم الشهرة والنجومية إلا بعد تقدمه فى العمر، فرغم موهبته الفنية التى لا يختلف عليها أحد ونيله إعجاب الجماهير والنقاد، فإن القدر لم يمنحه فرصة النجومية إلا فى وقت متأخر، ووصل إلى عرش الشهرة وهو كبير السن، لكنه استطاع أن يضع بصمة قوية فى عالم الفن، وترسخ فى أذهان الجماهير بأعماله الفنية
بدأ الفنان الراحل حسن عابدين حياته الفنية فى المسرح العسكرى عندما كان متطوعًا فى القوات المسلحة المصرية، وبعد أن لفت الأنظار من خلال مشاركته فى مسرحية "نرجس" مع سهير البابلى عام ١٩٧٥ نال عابدين شهرة كبيرة، وقد حقق النجاح وهو فى العقد الرابع من عمره من خلال مسلسل "فرصة العمر" وقدم العديد من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات التى كان يظهر فيها رجلًا كبيرًا وليس شابًا.
ولد الفنان حسن محمد أحمد عبدالله عابدين في 21 أكتوبر عام 1931 بمحافظة بني سويف من أصل سوري و بدأ حبه للتمثيل ينمو في الرابعة من عمره واختاره أحد المخرجين المسرحيين في سن العاشرة إلا أنه لم يكمل وفقا لرؤية الأب الرافضة للتمثيل آنذاك و بعد حصوله على البكالوريا تطوع مع الفدائيين عام 1948 ليحارب في فلسطين ضد العدو الصهويني وتمكن وقتها من قتل إسرائيليين ألقي القبض عليه، وحكم عليه بالإعدام شنقًا، لولا أن صديقه اقتحم المحكمة مرتديًا حزامًا ناسفًا، وهدد بتفجير نفسه داخل القاعة إذا لم يتم الإفراج عن المتهمين
ونجح وقتها في الهروب خارج مصر، ليعود بعد ذلك عقب ثورة 1952، ويتطوع مرة أخرى لكنه هذه المرة في صفوف الجيش المصري.
بعد تركه الخدمة بالجيش انضم إلى المسرح العسكري بصحبة حسن حسني، ليلعب أول أدواره في مسرحية عن الاستعمار الفرنسي من تأليف الزعيم جمال عبدالناصر نفسه، لكنها ألغيت ولم يكتب للنجم الشاب أن يلعب دور «كليبر» الذي كان مرشحًا له.
بلغ إجمالى الأعمال الدرامية التى جسدها الفنان حسن عابدين ٩٧ عملا، خلال الفترة بين عامى ١٩٧٠ و١٩٨٩، و٢٤ فيلما، ١٦ مسرحية، ٤١ مسلسلا تليفزيونيا، ١٣ مسلسلا إذاعيا، ٣ سهرات تليفزيونية.
فقدم أدوارًا مميزة في السينما والمسرح إلى أن أصبح ممثلًا تليفزيونيًا وقام ببطولة العشرات من المسلسلات التليفزيونية الناجحة في وقتها ومن بينها مسلسله الشهير" أهلا بالسكان "وقدم أدوارا عديدة ومتميزة في مسرحيات رائعة مثل دوره في مسرحية عش المجانين ودوره في مسرحية على الرصيف مع الفنانة سهير البابلي وكذلك له أدوار جميلة في السينما، وكان مشواره حافلًا رغم قصره.
من المسلسلات التى قدمها ايضا مسلسل فرصة العمر 1976 مع محمد صبحى ونسرين و"الدنيا لما تلف" وأرض النفاق وآه يا زمن وطيور الصيف وأبنائى الاعزاء شكرا ورفقا أيها الأبناء وفيه حاجة غلط ونهاية العالم ليست غدا وهو وهى وبرج الأكابر وأنا وأنت وبابا في المشمش مع فردوس عبدالحميد والغربة.
ومن أفلامه الأشقياء وسترك يارب إخراج حسن الصيفي وريا وسكينة مع شريهان ويونس شلبي ودرب الهوى مع مديحة كامل، أحمد زكي، محمود عبد العزيز، يسرا، فاروق الفيشاوي، شويكار والشيطان امرأة العذاب فوق شفاه تبتسم وعلى من نطلق الرصاص – الأنثى والذئب وسنة أولى حب وعيب يالولو، ومملكة الهلوسة وعنبر الموت وفيفا زلاطة وبريء في المشنقة.
وفى المسرح قدم ايضا نرجس مع سهير البابلي وعش المجانين مع محمد نجم، ليلى علوي، ميمي جمال، والرعب اللذيذ مع هالة فاخر ومحمود الجندى.
اما السهرات تليفزيونية فهى الثانوية العامة - تأليف يوسف عوف وبطولة خيرية أحمد وعمرو دياب و قدم ايضا حملة إعلانية كبرى لاقت نجاحا كبيرا لإحدى شركات المشروبات الشهيرة.
لمع نجم حسن عابدين، في منتصف السبعينيات، وكان دائمًا ما يكره الخروج عن النص، ربما بحكم تربيته صغيرًا في بيت يلتزم كثيرًا بالقواعد وحتى مواعيد الطعام وفترة شبابه العسكرية المنضبطة، لدرجة أنه هدد يومًا بالإنسحاب من مسرحية بسبب خروج حسين الشربيني ووحيد سيف، عن النص ولم يعد إلا عندما وعدا بعدم تكراره
أثناء تقديم مسرحية "عش المجانين"مع الفنان محمد نجم سافر "عابدين" لأداء العمرة وهو واقف في قبر الرسول شاهده الحرس هناك فقال له أحدهم "ابتعد عن هنا أنت ممثل" فذهب وهو يبكي وتأثر بهذا الموقف وعاد من هناك وهو مقرر الاعتزال.. وكان لا يفعل شيئا سوى الذهاب للمسجد عند كل صلاة ويعود للمنزل فقط.
وقال لمحمد نجم، عقب قرار اعتزاله، "ابحث عن ممثل غيري، أنا هشوف شغلانة تانية"، إلى أن جاءه صديقه الفنان إبراهيم الشامي وقال له "سنذهب إلى الشيخ محمد متولي الشعراوي ونستفتيه والذي يقوله هو الذي سينفذ".
بالفعل ذهبا معًا إلى الشيخ الشعراوي، وأصبح من وقتها تربطهم علاقة قوية به، وقال له الشعراوي "لم يصح أن نترك الفن لبعض النجوم الذين يقدمون شيئا رخيصا للناس وتبعد انت بل اجتهد ان تقدم شيئا نافعا للناس ويقدم لهم نصيحة حسنة".
ومن بعدها عاهد نفسه أمام الله أن يقدم أدوارا ملتزمة بعيدة عن الأدوار السائدة في ذلك الوقت.
تعرض الوالد للشائعات؟
من الشائعات إلى تعرض لها حسن عابدين أنه تزوج الفنانة ليلى طاهر لكثرة الأعمال التى تشاركا فيها، وقد نفى ابنه خالد ذلك بأحد اللقاءات التلفزيونية قائلا سألت والدى عن تلك الشائعة فضحك قائلا «يا ريت يابنى بس هى توافق»، ثم قال لى: «جواز إيه كفاية إن عندى ولاد زيكم».
توفى حسن عابدين في السادس من نوفمبر عام 1989 عن عمر ناهز 58 عاما واتسمت أعماله بالاحترام، ونبل الهدف، والسعى لتقديم رسالة هادفة للمجتمع فكان نموذجا فنيا لن يتكرر.
