ناهد رزق علامة من علامات العلاقات بين مصر وفرنسا منذ أكثر من ٣٠ عاما. كانت ناهد رزق تدير المكتب السياحى المصرى فى باريس بخبرة واسعة وقدرة عميقة على فهم العقلية الفرنسية والتعامل مع الفرنسيين بطريقتهم وبأسلوبهم وبدقة مواعيدهم.
عرفت ناهد رزق فى التسعينيات من القرن الماضى عندما عرفتنى عليها من كانت قبلها فى إدارة المكتب السياحى وهى السيدة هدى نجيب. كانت ناهد رزق تثير الاهتمام لأنها طبيبة فى الأصل وتثير الاهتمام لأن فرنسيتها كانت ليست فقط دقيقة بل كانت مجنحة وتشبه لغة الشعراء عندما يحاولون إغواء من يريدون إغواءهم ولا عجب فى ذلك فإن مهنة ناهد رزق فى باريس كانت فى الواقع تتلخص فى كلمة واحدة وهى «الغواية» حتى تجذب الفرنسيين وتغويهم بالسفر إلى مصر.
وقد تجلت عبقرية ناهد رزق فى فترة الأحداث الإرهابية الأولى الخطيرة التى عصفت بالسياحة الفرنسية إلى مصر وبالخصوص عند حادث معبد حتشبسوت الرهيب عام ١٩٩٧ وقد تجلت أيضا عبقريتها عند قيام أحداث ميدان التحرير فى ٢٠١١ والفوضى العارمة التى أتاحت البلاد فى ذلك الوقت وازدادت الفوضى عند تولى الإسلاميين الحكم وتراجع عندها إلى حد خطير مستوى السياحة الفرنسية إلى مصر.
ما أن عادت الأمور إلى نصابها بفضل الجيش المصرى وبفضل حنكة الرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى ولا بد من الاعتراف بذلك لأن الرجل فتح مع فرنسا علاقات دبلوماسية وعسكرية واقتصادية واسعة النطاق جعل من فرنسا شريكا مهما لمصر، ومن هنا راحت ناهد رزق تستفيد من هذا التطور فى العلاقات بين البلدين من أجل دفع السياحة من جديد إلى مصر وناهد رزق معروفة جيدا فى الوسط الإعلامى والاجتماعى الفرنسى بشكل كان دائما يدهشنا نحن الصحفيين وكنا نعرف أنها تستغل ذلك جيدا من أجل تنشيط السياحة الفرنسية إلى مصر.
وليس أدل على ذلك من أن تعاقب وزراء سياحة فى مصر فى عصر مبارك وعصر المجلس العسكرى وما بعده واحتفظ الجميع بالسيدة ناهد رزق مستشارة سياحية مصرية فى باريس وعندما عينت كوميسيرا لاحتفالية مدينة فرساى بمرور ٢٠٠ عام على ميلاد فردينان ديليسبس ١٨٠٥-٢٠٠٥ وطلبت من ناهد رزق أن تزود المنطقة الواقعة بين قصر فرساى الشهير ومبنى بلدية المدينة بخيمة مصرية كبيرة لم تتردد وأصبحت هذه الخيمة البلدية المصرية علامة من علامات قصر فرساى ولا أنسى اندافعها من أجل تزيين الخيمة بالمشغولات المصرية واللوحات وتقديم أفضل العروض للسفر إلى مصر عدا أنها قدمت معونة كبيرة أيضا فى حفلات متفرقة فى أنحاء فرنسا كانت تستغلها دائما من أجل إبراز الوجه السياحى المشرق لبلادنا فى فرنسا.
كانت السيدة ناهد رزق حريصة دائما على أن يكون المكتب السياحى لبلد كبير كمصر فى عاصمة كبيرة كباريس على مستوى يليق بمصر ولهذا تنقلت فى مكاتب عدة حتى تكون واجهة مشرفة لبلادها ولعل هذا جر عليها فيما بعد مشكلات يعود أغلبها فيما أعتقد إلى أن هناك رغبة من الذين لا يعرفون معنى الدعاية السياحية لمصر فى الغرب ومعنى التحدث بأسلوب الغرب فلا يكفى أن تتحدث الفرنسية بطلاقة حتى تتمكن من إقناع الفرنسيين بل ينبغى أولا أن تعرف أسلوب التحدث وطريقة اختيار الوقت المناسب واللفظ المناسب أعتقد أن حالة ناهد رزق تستحق إعادة النظر وتستحق أن تتم الإفادة من خبراتها الواسعة وعلاقاتها الممتدة وكل هذا لا يفيد إلا الوطن ولنعلم جيدا أن هناك دولا تنفق ملايين لدى شركات الدعاية من أجل الحصول على ربع ما فى جعبة ناهد رزق من خبرة وحيوية وعلاقات، أتذكر هنا بشيء من الأسى عبارة طه حسين الشهيرة فى إهداء أحد كتبه إلى الذين لا يعملون ويسيئهم أن يعمل الآخرون.