تناول باحث الموسيقى الدكتورش قاسم الباجي، من "تونس" في ورقته البحثية التي تحمل عنوان "الروبوتيزم" في الأداء الموسيقي الآلي العربي، والمشارك بها في فعاليات ندوة مؤتمر ومهرجان الموسيقى العربية، التي عقدت مساء اليوم الأربعاء، بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية.
وقال الباجي: لقد برزت الآلات الموسيقية في مختلف أطوار الموسيقى الغربية وساهمت في نموها، وتنوع أنماطها، ونخص بالذكر منها التشيلو التي تواترت عدة أجيال على ممارستها كما اختلفت أساليب الأداء من عازف إلى آخر حسب آليات المخزون والتكوين الموسيقي، ومع تنامي الدور المطلوب من الآلة في العصر الكلاسيكي ظهرت محاولات عديدة بين كثير من المؤلفين والعازفين في المدارس الأوروبية المختلفة لتطوير تقنيات الأداء وتنوعت ألوان تناولها تقنيا، ومع التلاقح الثقافي بالغرب خلال القرن الماضي تطورت ممارسة تقنيات أداء التشيلو لدى العازفين العرب فيما يتعلّق بتقنين أسلوبية الأداء الخاص بتدريس التشيلو الغربي لكل أقسام الآلات بالمعاهد العليا للموسيقى والكليات في شتى الأقطار العربية.
وتابع: أنه مع بداية القرن العشرين وقع ظم آلة التشيلو إلى فرق الموسيقى العربية فكان دورها بسيطا ثانويا لا سيما وأن استخدامها التقني ظل محدودا رغم محاولة سيد درويش إظهارها في مؤلفاته للأوبريت، وبعد أن أقرها أيضا مؤتمر الموسيقى العربية الأول سنة 1932 ضمن آلات الموسيقى المخول استخدامها في الموسيقى العربية أقر تدريس الآلة في الدراسة الأكاديمية المتخصصة، فوضعت المناهج المبنية على قواعد مضبوطة ساهمت في إرساء أسس التقنيات الأدائية لليد اليمنى واليد اليسرى بأوضاعها المختلفة خاصة في السجلات الصوتية العليا للآلة. وقد أدّى ذلك إلى اتّساع المساحة الصوتية في الأداء وبالتالي تغيرت المفاهيم التقنية بحيث أصبح الأداء الآلي للتشيلو لا يقتصر على المصاحبة الميلودية أو الهارمونية أو كذلك بالنبر على الأوتار فقط بل ظهر التشيلّو في أداء "الصولو" وفي "العزف الفردي".
وأضاف الباجي، أن المدرس يسعى للتركيز على فواصل من المثير السمعي البصري هادفا من خلاله ترميز المعنى وتحينه آليا من قبل المدرس من الناحية التطبيقية فيسترجع المتعلم الحركة الأدائية المخزنة في ذهنه وتكون العملية كالآتي: الترميز الصوتي البصري الذهني لدى المتعلم في حركة معينة لأداء تقنية الزغردة، تجسيد الحركة التقنية على الملمس عند شرح المدرس الوتر الأول "لا"، بالإضافة إلى تجسيد الحركة التقنية على الملمس عند أداء المتعلم بعد مدة طويلة المدى، شريطة مواصلته في التدريب المستمر، وتطور مستواه الأدائي، ثم بروز ملامح الحركة لدى المتعلم من خلال قراءته للائحة الرمزية التي من خلالها يتذكر المتعلم الأداء الأولي للمدرس، فتعطي بوادر تحفيزية وحافزا لبلوغ تنفيذ الحركة المطلوبة وتذلل الصعوبة بصفة تلقائية توازيا مع توجيهات المدرس.
وأوضح الباجي، أنه من الجانب التعليمي نرى أنه لابد أن تعاد هيكلة وتحديث نظام الدراسات الخاص بتدريس آلة التشيلو في الجامعات العربية ومعاهد الموسيقى، خاصة أن تعليم الآلة يشهد اضطرابا من حيث تطبيق المنهاج، في ظل وجود وسائل الاتصالات الحديثة وتعددها مثل (social media)، أما بالنسبة للعازفين المتقدمين في المستوى الأدائي فقد تظهر مشاكل أدائية خاصة بنقاء الصوت، وطريقة أداء تقنيات اليدين، وحتى يتسنى للمدرس مراقبة كل ما ذكر فلا يكفي بأي حال من الأحوال ساعة أو ساعتان أسبوعيا لكي يتخرج عازف محترف.
وأكد الباجي أن تكثيف الطاقم التدريبي لدراسة التشيلو يعطي دافعية فتح المجال للمنافسة لدى المتعلمين من تلاميذ وطلبة لكي لا تقتصر دراسة الآلة على الجنسيات الأجنبية، وكذلك لتوجيه الوالدين أثر كبير لتحقيق الدافعية للاختيار خاصة أن الأغلبية من أولياء الأمور يحفز أبنائهم على "اختيار الآلة الموسيقية" السهلة حسب تقديرهم بمعنى تلك التي تكون سريعة التعلم إمّا للانخراط والمشاركة في العمل الفني للماديات أو الاكتفاء بأداء موسيقي في إطار النشوة والمتعة وأن صح التعبير متناسين المنحى التطويري والحرفي الأدائي للتشيللو، زيادة على بعض العوائق حيث تحضر التعلاّت الكثيرة كعدم توفر المساحة المكانية الكافية للتدريب.
يذكر أن فعاليات الدورة الـ30 لمهرجان الموسيقى العربية، انطلقت أول أمس بحضور الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، والدكتور مجدي صابر رئيس دار الأوبرا المصرية، ولفيف من الوزراء من بينهم: السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، والدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والفنانين.
وتستمر فعاليات المهرجان حتى 15 نوفمبر الجاري، وتضم 33 حفلا غنائيا وموسيقيا بمشاركة 101 فنان من 10 دول عربية هى: مصر، ولبنان، والمغرب، والسعودية، والعراق، وسورية، وتونس، وفلسطين، والأردن، وعمان، وتقام على 6 مسارح، بثلاث محافظات القاهرة النافورة، والصغير، والجمهورية، ومعهد الموسيقى العربية، وتخرج فعالياته إلى أوبرا دمنهور، ومكتبة الاسكندرية التى تستضيف الحفلات لأول مرة حفلاته بسبب سعة المسرح التى تعد ضعف مسرح سيد درويش أوبرا الإسكندرية.
كما تهدى إدارة المهرجان هذه الدورة إلى روح كل من الموسيقار جمال سلامة، والموسيقار عبده داغر.