شارك الباحث الدكتور عصام الجودر، من البحرين، مساء اليوم الأربعاء، بورقة بحثية بعنوان "الآلات الموسيقية الغربية في أغاني عبدالوهاب ترف أم إثراء؟، ضمن فعاليات مؤتمر الموسيقى العربية في دورتها الـ30، بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية.
وقال الجودر: لقد نفض القرن التاسع عشر غبار عصور الظلام وتخلص من جموده وركوده، ودابا الحياة والنشاط في العلم والسياسة والثقافة خاصة في أواخر القرن التاسع عشر والعقود الأولى من القرن العشرين ببزوغ شعراء أخذوا على عاتقهم إعادة المجد والتألق للشعر وهو ديوان العرب، من أمثال محمود سامي البارودي الرائد الأول في الشعر العربي الحديث، وشيخ الشعراء إسماعيل صبري باشا، وأمير الشعراء أحمد شوقي.
وتابع الجودر: وفي مجال الفن والغناء فقد تفتقت بوادره مع الشيخ محمد عبدالرحيم المسلوب، وعبده الحامولي، ومحمد عثمان، وسلامة حجازي وداود حسني وآخرهم وأهمهم من مواليد أواخر القرن التاسع عشر هو الشيخ الفنان والمبدع سيد البحر درويش، لقد وضع هؤلاء بذور الموسيقى العربية من خلال غنائهم للتواشيح القديمة والأصيلة، وإبتكارهم لقالب الدور على يد المسلوب وتطوره في مرحلة لاحقة في ألحان محمد عثمان.
وأضاف الجودر، أن الأغنية العربية خرجت في أوائل القرن العشرين مشبعة بالحس الشرقي الصريح والمتميز والمتمثل في عبق المقامات الشرقية الأصيلة بشقيها ذات الثلاث الأرباع بُعد والخالية من الأرباع، محتفظة بالقوالب الموسيقية التراثية كالموّال والموشح والدور، مركزةً على الجانب الغنائي الفردي بشكل رئيسي وإن صاحبه عددٌ من الأفراد يطلق عليهم بطانة في بعض الحالات، مستخدمةً الآلات الموسيقية الشرقية "كالعود والقانون والناي والكمان الذي كان يُسمّى الكمنجة الرومية" آنذاك، وفيما يُعرف بالتخت، كان التقليد المتبع في الغناء العربي أن يؤدى على شكل وصلة حيثُ "كان الموّال تمهيداً في الوصلات الغنائية التي كانت تضم أيضاً موشحاً ومقاطع موسيقية ثم دوراً تُختتم به الوصلة".
وتابع: كان الجمهور يتنوع بحسب تنقله بين أماكن الأداء، فالقصور متذوقيه وفنه، وللسرادقات والموالد والمقاهي طربه بل وحتى في السيرك ، أما المسارح فكثيراً ما تجمع فئات من طبقات مختلفة من الأرستقراطيين وحتى عامة الشعب البسيط والمحب للغِناء. وبرغم تواضع العامل الإعلامي في أواخر القرن التاسع عشر، وتَفَتُحِهِ بشكل أفضل في بدايات القرن العشرين ، إلاّ أن المطربين المتميزين قديماً قد نجحوا في تكوين شهرة عريضة تسبق حضورهم عند ذهابهم لتقديم الحفلات.
وأوضح الجودر، أن الموسيقار عبد الوهاب إستعان بآلات موسيقية غربية في الكثير من أغانيه، سعياً لإثراء الألوان الصوتية التي درجت عليها الموسيقى العربية، ولم يهدف عبدالوهاب في ذلك إلى الإستغناء عن الآلات الموسيقية الشرقية، بل سعى إلى تعزيز استخدامها بشكلها التقليدي التي ترتكز عليها الموسيقى العربية بالإضافة إلى محاولة تجديد أشكال توظيفها بطرق مختلفة، كما عمل على التوفيق في أغانيه بين الآلات الشرقية والغربية، بما يُحقق الاندماج والانسجام، ويُخفف من أي حالة من التغريب، قد تبعده عن جوهر وجو الموسيقى العربية، ولتحقيق هدفه هذا رسم لنفسه أسلوبا اتبعه طوال مشواره في تلحين أغانيه.
يذكر أن فعاليات الدورة الـ30 لمهرجان الموسيقى العربية، انطلقت مساء أمس بحضور الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، والدكتور مجدي صابر رئيس دار الأوبرا المصرية، ولفيف من الوزراء من بينهم: السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، والدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والفنانين.
وتستمر فعاليات المهرجان حتى 15 نوفمبر الجاري، وتضم 33 حفلا غنائيا وموسيقيا بمشاركة 101 فنان من 10 دول عربية هى: مصر، ولبنان، والمغرب، والسعودية، والعراق، وسورية، وتونس، وفلسطين، والأردن، وعمان، وتقام على 6 مسارح، بثلاث محافظات القاهرة النافورة، والصغير، والجمهورية، ومعهد الموسيقى العربية، وتخرج فعالياته إلى أوبرا دمنهور، ومكتبة الاسكندرية التى تستضيف الحفلات لأول مرة حفلاته بسبب سعة المسرح التى تعد ضعف مسرح سيد درويش أوبرا الإسكندرية.
كما تهدى إدارة المهرجان هذه الدورة إلى روح كل من الموسيقار جمال سلامة، والموسيقار عبده داغر.