قال الناقد الأدبي الدكتور يسري عبد الله: ثمانية وأربعون عاما مرت على رحيل المفكر التنويرى الرائد طه حسين، وفى ظل أجواء معقدة على المسارين الفكري والثقافي، ومناخات تعج بالاستقطاب والاستقطاب المضاد، ومحاولات اختراق ناعمة حينا وخشنة حينا أخرى للسياق الثقافي، ومحاولات أسلفة العقل العام، فالجماعات المتطرفة لم تتوقف عن إنتاج الخرافة، وتقديس الماضي، ومن ثم لم تتوقف عن الولع بالقتل والهوس بالدماء.
وتابع عبد الله: الخطاب الفكرى الذي يجابه المد المتطرف لم يزل غائبا، أو محدود التأثير في أكثر التعبيرات تفاؤلا، ولذا فإن استعادة طه حسين ليست فحسب استعادة لقيم الثقافة الوطنية فحسب، ولكنها بالأساس استعادة لمعنى التنوير ذاته، حين يواجه واقعا صلدا، يهيمن عليه الجمود والتصور السلفي للعالم.
وواصل عبدالله: تختزل التصورات الفكرية لطه حسين تاريخا من الأفكار، وتحمل الطبيعة المتجددة للمفكر التنويري وعيا بقيم العقل النقدي الطليعي حين يسائل واقعه وتراثه، ويسعى صوب غد أفضل لناسه وأمته، بحيث يمكنك أن تكتشف روح مصر وطبقاتها الحضارية من خلال طه حسين، فالنتاج المعرفي والإبداعي الذي خلفه عميد الأدب العربي يعد تعبيرا جماليا رفيعا عن قيم التقدم والاستنارة والحرية.
جاء ذلك خلال ندوة "طه حسين وروح مصر المتجددة"، والمنعقدة الآن بمكتبة خالد محيي الدين بحزب التجمع الوطني بوسط البلد، والذي ينظمها منتدى المستقبل للفكر والإبداع، بحضور الكاتب والناقد الأدبي الدكتور يسري عبدالله، والشاعر والمؤرخ الأدبي شعبان يوسف، والكاتبة الصحافية إيمان رسلان، وتديرها الباحثة د. دينا محسن.
تتنوع الأوراق المقدمة في الندوة، حيث يتحدث الكاتب والناقد الدكتور يسري عبدالله عن "طه حسين وروح مصر المتجددة"، ويتحدث الشاعر والمؤرخ الأدبي شعبان يوسف عن "طه حسين وعصر من الجدل"، وتتحدث الكاتبة الصحافية إيمان رسلان عن "التعليم عند طه حسين".
ثمانية وأربعون عامًا مرت على رحيل الرائد التنويري، والمفكر البارز ولم تزل أفكاره حية ومتجددة، وكان طه حسين قد توفي في ٢٨ أكتوبر من العام العظيم الذي شهد انتصارنا المجيد في حرب أكتوبر الخالدة ١٩٧٣، وولد الدكتور طه حسين في نوفمبر من العام ١٨٨٩، وكانت حياته تعبيرا عن العطاء اللانهائي والفاعل والممتد.
ويعد طه حسين أحد أبرز وجوه التنوير في حياتنا الثقافية، ويمثل منجزه الفكري والإبداعي تعبيرا حقيقيا عن روح مصر البهية، والمتجددة. ويعد منتدى المستقبل للفكر والإبداع إحدى اهم الحلقات النقدية في الثقافة المصرية والعربية، وتعضيد الثقافة الوطنية.
ويطمح المنتدى كما جاء في بيانه التأسيسي"إلى أن يكون أعلى تمثيلات الموضوعية عبر إعادة الاعتبار لمفهوم القيمة من خلال تقديم النماذج الإبداعية المعبرة عن القيم الطليعية المتجددة.