قال الشاعر والمؤرخ الأدبي شعبان يوسف: يعد وجود الدكتور طه حسين بالساحة الأدبية والثقافية طاغيا أكثر من عدد كبير من الأكاديميين الموجودين على الساحة حاليا، رغم وفاته منذ عدة عقود، وكتب عنه دراسات أكثر من أديب نوبل نجيب محفوظ.
وأضاف: نجح طه حسين في أن يتحدى ويتجاوز كل التحديات الداخلية والخارجية التي واجهته، طوال مسيرته، وتنوعت مجالات إبداعه، فقد كان شاعرا وأديبا وناقدا ومفكرا تتلمذ على يد الكبار مثل محمد عبده. وأكمل: وجد طه حسين في مناخ جدلي، كان مفهوم الخلافة على تيار فكري وعلى شعار مصر للمصريين ويتقدمه الدكتور أحمد لطفي السيد.
وتابع: نجح طه حسين أن يقلب موازين النقد بدراسته عن أبو العلاء المعري، لأنه درس التاريخ والجغرافيا إبان عصر الشاعر الكبير، وبذلك وضعه في حقيقته، وبدأ يلفت النظر وكان مقلقا، لأن أفكاره كانت طليعية ومتقدمة على عصره، ثم سافر مونبيلييه في فرنسا، ثم أعادته ظروف الحرب، ثم ما لبث أن عاد مرة أخرى إلى باريس، حيث التقى بزوجته سوزان، وقرأ فرنسا بعيونها، وكان يدرس منطق ولاتيني واجتماع وغيرها من المواد الدراسية. وواصل: لم تنبت معركة كتاب "في الشعر الجاهلي"، من فراغ، وكانت هناك إرهاصات لها، ولم يستطع حلفاؤه إنقاذه من الحرب الشعواء التي انطلقت ضده، ولقي اتهامات بالكفر والإلحاد وغيرها، وكانت السياسة حاضرة بقوة في هذه المعركة.
جاء ذلك خلال ندوة "طه حسين وروح مصر المتجددة"، والمنعقدة الآن بمكتبة خالد محيي الدين بحزب التجمع الوطني بوسط البلد، والذي ينظمها منتدى المستقبل للفكر والإبداع، بحضور الكاتب والناقد الأدبي الدكتور يسري عبدالله، والشاعر والمؤرخ الأدبي شعبان يوسف، والكاتبة الصحافية إيمان رسلان، وتديرها الباحثة د. دينا محسن.
تتنوع الأوراق المقدمة في الندوة، حيث يتحدث الكاتب والناقد الدكتور يسري عبدالله عن "طه حسين وروح مصر المتجددة"، ويتحدث الشاعر والمؤرخ الأدبي شعبان يوسف عن "طه حسين وعصر من الجدل"، وتتحدث الكاتبة الصحافية إيمان رسلان عن "التعليم عند طه حسين".
ثمانية وأربعون عامًا مرت على رحيل الرائد التنويري، والمفكر البارز ولم تزل أفكاره حية ومتجددة، وكان طه حسين قد توفي في ٢٨ أكتوبر من العام العظيم الذي شهد انتصارنا المجيد في حرب أكتوبر الخالدة ١٩٧٣، وولد الدكتور طه حسين في نوفمبر من العام ١٨٨٩، وكانت حياته تعبيرا عن العطاء اللانهائي والفاعل والممتد.
ويعد طه حسين أحد أبرز وجوه التنوير في حياتنا الثقافية، ويمثل منجزه الفكري والإبداعي تعبيرا حقيقيا عن روح مصر البهية، والمتجددة. ويعد منتدى المستقبل للفكر والإبداع إحدى اهم الحلقات النقدية في الثقافة المصرية والعربية، وتعضيد الثقافة الوطنية.
ويطمح المنتدى كما جاء في بيانه التأسيسي"إلى أن يكون أعلى تمثيلات الموضوعية عبر إعادة الاعتبار لمفهوم القيمة من خلال تقديم النماذج الإبداعية المعبرة عن القيم الطليعية المتجددة.