فكرة عرض شخصية "البلطجي" هي فكرة ليست بحديثة علي الدراما المصرية، فهي يتم تناولها منذ قديم الأزل، ولكن السؤال يبقي في أغلب هذه الأعمال لماذا تتعمد الدراما إظهار "البلطجي" أو "الفتوة" كبطل شعبي يحبه الناس ويتعاطفون معه في أغلب الأحيان، وخاصةً في نهايات هذه المسلسلات، التي دومًا تكون غير مصحوبة بردع أو عقاب "حقيقي" لهذا البلطجي إلا من رحم ربي كالسجن المؤبد أو الإعدام شنقًا أو غيرها من العقوبات الرسمية، ولكن يتعمد صناع هذه المسلسلات إيجاد نهاية مأساوية تجعل الجمهور يرفع شعار "التعاطف" وبالتالي ينعكس هذا التعاطف علي الشارع والمجتمع المصري مع "البلطجي" الحقيقي والذي يختلف عن "البلطجي اللي علي ورق".
في الدراما الحديثة يعتبر مسلسل "اللي مالوش كبير" هو التمثيل الحقيقي للبلطجي الذي يخطف ويقتل ويفعل كل ما يحلو له من أفعال "غير شرعية" وهو بطل المسلسل "سيف الخديوي" الذي جسده خلال الأحداث الفنان أحمد العوضي، والذي أصبح بعد هذا المسلسل "ايقونة" للشباب، حيث أصبحوا يقلدون حديثه وأفعاله وطريقة كلامه وحتي اللغة الخاصة بجسده، وقرر مؤلف المسلسل أيضًا أن تقع البطلة "غزل" والتي جسدتها ياسمين عبد العزيز في حب "الخديوي" وهي متزوجة، مظهرًا زوجها الذي جسده خالد الصاوي "رجل شرير" كرهه الجمهور لمجرد انه يضربها، علي حساب "الخديوي" والذي لديه "القتل" هو "أسهل شئ"، كما قرر المؤلف أن تكون نهاية البلطجي هو القتل علي يد الشرطة، مبرراَ انها النهاية الطبيعية لأي بلطجي، ولم يكن يعلم أن بهذه النهاية كان التعاطف هو سيد الموقف، مسلسل "اللى مالوش كبير" بطولة ياسمين عبد العزيز، أحمد العوضى، خالد الصاوى، دينا فؤاد، خالد سرحان، أحمد سعيد عبد الغنى، دنيا عبد العزيز، محمود حافظ، هدى الاتربى، عايدة رياض، أحمد الرافعى، فتوح أحمد، ايمان السيد، بدرية طلبة، أحمد عبد الله محمود، صبا الرافعى، محمود ياسين جونيور، بسنت النبرواى وتأليف عمرو محمود ياسين وإخراج مصطفى فكرى.
كما يضع ايضًا صناع الدراما مبرر لكون البطل بلطجي، وأن ظروفه هي التي تدفعه لذلك، ولكن من داخله هو "شخص صالح" ولديه النية للتغير، وهو ما حدث حرفيًا في مسلسل "البلطجي" والذي عرض عام 2012، حيث تدور أحداث المسلسل حول بلطجي في مدينة العيون مستنير يعمل ميكانيكي في ورشة بمنطقة عشوائية فقيرة، تقوده ظروفه الصعبة إلى أن يصبح بلطجيا، وعندما يكتشف حقيقة استغلاله من قبل بعض أصحاب النفوذ وخاصة السياسيين الفاسدين، يحاول الخروج من تلك الدائرة، ولكن الواقع المحيط به يأبى ذلك، وفي نفس الوقت يجد أن ظروفه القاسية تتشابه لحد كبير مع بنت صاحب الورشة التي يعمل بها، والتي تجسد شخصيتها الفنانة السورية "كندة علوش" فتجمع بينهما قصة حب، المسلسل من بطولة اَسر ياسين وكندة علوش وسلوي خطاب والراحل سامي العدل وعدد من النجوم ومن تأليف أسامة نور الدين وإخراج خالد الحجر.
واستكمالًا لشماعة الظروف، يأتي مسلسل "حواري بوخاريست" والذي عرض منذ 6 سنوات، حيث تدور قصته حول شخص يدعي سيد جاد الله الشهير بسيد بوخاريست والذي جسده أمير كرارة، وهو لاعب جودو محترف وقوي، يعيش في حي السيدة زينب بالقاهرة مع أشقائه الأربعة، بعد شعوره بالإحباط من عدم تقدير الدولة له كرياضي حصل على بطولات في مصر، تدفعه الظروف لاستغلال قدراته في الأعمال الإجرامية من الباطن، مما يعرضه للكثير من المواقف الخطيرة عليه وعلى حياة أشقائه، ووقع في حب "سيد بوخاريست" العديد من الفتيات بل وأيضًا الشباب خلال عرض المسلسل، علي الرغم من عدم شرعية ما يقوم به، المسلسل من بطولة أمير كرارة ودينا ودنيا عبد العزيز وأحمد حاتم، وأحمد صلاح حسني ومي سليم وسارة سلامة، وهو من تأليف هشام هلال وإخراج محمد بكير.
وعودة لعالم الفتوات منذ مئات السنوات، تناول مسلسل "الفتوة" هذا العالم من خلال احداث المسلسل التي تدور في الماضي منذ أكثر من 100 عام بين الأحياء الشعبية حيث كانت تنظم هذة الأحياء الفتوات وعصابات الشوارع والتي يمثلها العمدة، حيث تنظم هذه الأحياء وتدير شئونها فئة من الأشخاص الأقوياء، والتي كان يطلق عليهم (الفتوة)، الذي يتحمل مسئولية الأهالي، ويظهر المسلسل صورة البطل الفتوة في صورة "الشهامة" و"الجدعنة"، و"أخذ حق الغلابة"، المسلسل من بطولة ياسر جلال وأحمد صلاح حسني، ومي عمر ومن إخراج حسين المنباوي وتأليف هاني سرحان.
