وقائع متشابهة لفتت نظري، واستقوفتني، لأسأل نفسي وإياكم:" هل نصل رحمنا؟".
في شهر أغسطس الماضي، عثرت قوات الأمن بمنطقتي مدينة نصر بالقاهرة والهرم بالجيزة،على 5 جثث متعفنة لسيدة و4 رجال، وذلك خلال 12 ساعة فقط.
الواقعة الأولى، جثة مسن داخل شقته، وهو "ع –ع"، 64 سنة، وبالفحص تبين أن الجثة في حالة تعفن كامل.
الواقعة الثانية، جثة متعفنة لسيدة كرواتية، 67 سنة، متزوجة من مصري، وتبين سلامة منافذ الشقة، وعدم وجود بعثرة لمحتويات الشقة.
الواقعة الثالثة، عثر على جثة صاحب الشقة "أ- ع- م"، في العقد الخامس من العمر، وتبين أن الجثة في حالة تعفن كامل.
الواقعة الرابعة، عثرعلى جثة شاب يدعى "ع- م- ص- م"، داخل شقته، وتبين أن الجثة في حاله تعفن أيضًا.
الواقعة الخامسة،عثر على جثة لشاب داخل شقته في العقد الرابع من العمر، يرتدي كامل ملابسه، والجثة في حالة تعفن كامل.
الوقائع جميعها تلاحظ فيها، تعفن الجثث، وأن أحدًا لم يكتشف موتهم إلا بعد أن تعفنت جثثهم، ما يؤكد أن أحًدا لم يزرهم لعدة أيام، ولم يتصل عليهم هاتفيا، فلو حاول أحد الاتصال بهم ولم يتلق ردًا لشك في الأمر، وذهب إليهم، ولكن المشاعر تبلدت، وصلة الرحم تبخرت.
وصلة الرحم من الأمور الواجبة شرعا، وعلى المسلم القيام بها، وقد وجبت صلة الرحم في العديد من مواضع القرآن الكريم، قال تعالى في صورة الرعد:" وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلْحِسَابِ".
وقال عز وجل في سورة محمد:" فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ".
وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ "صلة الرحم"، في أكثر من عشرة أحاديث نبوية، قال صلى الله عليه وسلم:" يا أيُّهَا النَّاسُ أَفْشوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا باللَّيْل وَالنَّاسُ نِيامٌ، تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ".
وعَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ له فِي رِزْقِهِ، وأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ، يَعْنِي.. قَاطِعَ رَحِمٍ"، متفق عليه.
ونخلص من هذا، أن صلة الرحم واجب شرعي، تجازى عليه وتحصد ثماره في الدنيا والآخرة، فضلا عن كونه وسيلة اجتماعية عظيمة، لتوطيد العلاقات بين الأقارب والأهل والأصدقاء، ومثلما تفعل معهم سيفعلون معك، فلن تجد نفسك وحيدًا في أي موقف، تشتكي وحدتك وعدم وقوف الأهل والأصدقاء إلى جوارك.
علينا بصلة الرحم.. فهي المنجية من أمور كثيرة، وهي المحفزة والطريق إلى مجتمع متماسك.. قوي.. مترابط.. يحترم بعضه البعض، حتى لا نبكي بعد فوات الآون، ونقول جميعا:" أين أنت يا صلة الرحم".