الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف تخاطب الجماهير؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أعادت التصريحات والتحذيرات التى أطلقها المسئولون والخبراء من موجة غلاء طاحنة  قادمة، إلى ذاكرتى أيام الدراسة فى كلية السياحة والفنادق جامعة حلوان والتى تعتبر نموذجا يحتذى به فى التعليم القياسي العالمى من حيث الأسلوب ومحتوى الكورسات التى كانت غالبيتها من جامعة "اكسفورد" وباللغة الإنجليزية فى الاقتصاد والمحاسبة والتسوي والميكروبيولجى وعلوم الإدارة.

وكان أسلوب التدريس يعتمد على الطالب بعمل الأبحاث اولا ثم مناقشتها مع الدكتور أمام الطلبة وكان نتيجة ذلك أننا بعد أكثر من 25 عاما لم ننس الأبحاث ولا محتوى الكورسات ولا كل ما درسناه تقريبا.
وأذكر ذات يوم ونحن فى قاعة المحاضرات وكان عددنا أقل من 70 طالبا هم إجمالى الدفعة من قسم الدراسات الفندقية دخل علينا الدكتور إيهاب الفرا، أستاذ إدارة الفنادق جادا كعادته لا يبتسم إلا قليلا، حاد الطبع وبعد أن هدأ الجميع نظر إلينا وقال إن هناك فندقا فى أول الطريق الصحراوى توقف عن العمل للخسارة الشديدة والمطلوب منكم عمل بحث عن ٥سباب خسارة هذا الفندق.
كان أسلوب د.إيهاب الفرا غير تقليدى وغير مرتبط بخطة تدريس ثابتة، فقد طلب منا ذات يوم مع أنه يدرس مادة إدارة الفنادق بحثا فى الأعشاب والتوابل من حيث الفائدة والمنشأ مع إحضار عينات منها.
ذهبنا إلى الفندق المذكور وتم تجميع معلومات عن آخر 6 شهور من عمل الفندق ووضعنا أيدينا ونحن ما زلنا طلابا على أسباب الخسارة وكانت واضحة جدا بالنسبة لنا وكان أولها أن مدير الفندق لا يحمل مؤهلا فندقيا، وهناك العديد من أسرار المهنة لا يعلمها والكثير من العلوم يجهلها كل ذلك أدى إلى وقوعه فى خطأ فادح بالنسبة لنا وبالنسبة لأهل الخبرة، وهو ادأنه لاحظ تراجع معدل الإشغال فى الفندق فأراد أن يعيدها إلى سابق عهدها فقام على الفور بتخفيض أسعار الغرف، وهذا خطأ جسيم، فشركات السياحة ومهنة السياحة عموما حساسة جدا تجاه السمعة وعندما خفض سعر الغرف شعرت الشركات بوجود مشكلة فى هذا الفندق ولن تغامر بسمعتها وتتعامل معه والفنادق كثيرة.

بعد مناقشة الأسباب مع د.إيهاب، سألنا إذا ماذا كان يجب عليه أن يفعل وكانت الردود سريعة منا لأننا قمنا بدراسة سياسات التسعير كجزء من مادة إدارة الفنادق، وكان مفاد الإجابة أنك لا يجب أن تشعر السوق بأن لديك مشكلة فينقلب ضدك وهذا ما يجهله السادة المسئولون فى تصريحاتهم عن الغلاء وفى تعاملهم مع مشاكل قد تواجههم، فعندما تعلن أن هناك موجة غلاء فى السلع قادمة ماذا سيفعل الشعب؟ سيهرع إلى تخزين السلع وتبدأ المشكلة قبل موعدها وتبدأ المشكلة حتميا وكان من الممكن ألا تأتى أصلا، ولكن هذا التصريح كمن يصب البنزين على النار أو عندما نحذر مثلا من أزمة قادمة فى المحروقات ماذا ستفعل الجماهير سيهرعون إلى محطات الوقود ويملأون الخزانات والخزانات الخارجية ويخزنون كل ما يستطيعون تخزينه حتى لا يعانون من الأزمة.
ومفاد ما قلناه أننا يجب أن نركز على العلم والخبرة فى الاختيار  أى أهل الكفاءة وليس أهل الثقة.. لأن الكلمة بحساب في وطن يقطع مشوار التنمية.