تمتلئ الحياة بالتناقضات فكما يجتمع بعض الناس على الخير يجتمع آخرون على الشر، فيكون اجتماعهم بهدف التخطيط للقيام بسرقة أو قتل أو اغتصاب، فيتفقون فيما بينهم على هدف واحد يتعاونون من أجل تنفيذه لهثًا وراء مكسب سريع أو ثراء فاحش أو طمع دنيوي، فيكونون ما يُعرف بالتشكيل العصابي.
كلمة "تشكيل" كما ورد معناها في معجم اللغة العربية المعاصر أي عدد متجانس من شيء ما، وأما كلمة "عصابي" فتطلق على مجموعة منظمة من المجرمين، فاجتمعت الكلمتان ليُقصد بها التكوين الذي يتجانس عناصره لمجموعة من المجرمين.
لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن ضبط تشكيل عصابي جديد، ففي هذا الأسبوع فقط أسفرت جهود أجهزة وزارة الداخلية خلال عن ضبط ٩ تشكيلات عصابية، و٢٢ متهما ارتكبوا ٥١ حادث سرقة متنوعة، بالإضافة إلى ١٤ قضية أحداث خلال ٤٨ ساعة.
وقد نجحت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة، السبت الماضي، في ضبط عناصر تشكيل عصابى تخصص نشاطه الإجرامى في التعامل في السيارات متحصلات وقائع السرقة والمهربة جمركيًا وبحوزتهم ٢٩ سيارة مسروقة.
وتمكن رجال المباحث بدائرة قسم شبرا بمديرية أمن القاهرة، من القبض على تشكيل عصابي تخصص في سرقة المساكن مكون من ٣ أشخاص، واعترفوا بارتكاب حادثتي وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
ونجحت الأجهزة الأمنية أيضا في القبض على تشكيل تخصص نشاطه الإجرامي في سرقة متعلقات المواطنين تحت تهديد الأسلحة النارية بمدينة بدر.
وتعليقا على ذلك؛ قال الخبير النفسي الدكتور أحمد فخري: للسرقة دوافع متعددة ومتداخلة أحيانا فهناك دوافع للسرقة ترجع للبيئة الأسرية وأساليب التنشئة داخل الاسرة والمحيط الاجتماعي والثقافى الذى تربى فيه الشخص السارق.
وأضاف "فخري": وهناك أسباب للسرقة؛ ترجع لبعض اضطرابات الشخصية وخاصة الشخصية المضادة للمجتمع وهناك بعض الاسباب يبرر بها السارق سرقته مثل الظروف الاقتصادىة وضغوط المعيشة.
واستكمل حديثه قائلا: وفيما يخص شخصية السارق نجد أن للعوامل النفسية واضطرابات الشخصية المضادة للمجتمع دور كبير في حث السارق على السرقة وخاصة السرقات التى تحتاج إلى مهارة ودقة وخداع عال فالشخصية المضادة للمجتمع تضم كلا من المحتال والنصاب والمرتشي والمزور والمختلس بطرق بارعة وقدرة على الاحتيال على الآخرين بأسلوب ماكر.
وتابع: ودائمًا يمتلكون أساليب من الخداع والذكاء مما يسهل عليهم عملية الإيقاع بضحايهم مثل شركات توظيف الأموال وجمع الأموال من الضحايا بأساليب خداعية، وهذا النوع من النصابين شديدى الحظر والتخطيط ويستخدم تقنيات مختلفة ومتنوعة للايقاع بضحاياه ولديه فهم بالممارسة لشخصيات البشر ومداخل التعامل معهم.
وأضاف: هناك نوع آخر من شخصية السارق أقل حدة وشدة وبراعة من النوع الأول وهو السارق الذى يسرق بأسلوب مكشوف أو في الظلام أو من خلال مجموعة بغرض الكسب السريع من أجل الإدمان أو الانفاق على نزواته الشخصية أو من أجل قوت يومه.
وهؤلاء يتم التعرف عليهم ببساطة لأنهم لايستخدمون الحيل والخداع والمكر الذى يستخدمه أفراد المجموعة الأولى من النصابين، ودائما نجد أن هذا النوع يسرق أسلاك الكهرباء من أجل بيع النحاس الذى بداخلها في الليل أو يسرق شنطة من فتاة أو يسرق من محطة قطارات محافظ وساعات الركاب أو غسيل من شرفات المنازل.
وهؤلاء لديهم مهارات وقدرات محدودة، ومن السهل الايقاع بهم، وغالبا ما تقع تلك الفئة في فئة المدمنين للحصول على المخدر، أو مشرد لايجد مكانا أو أسرة تحضنه أو لا يمتلك حرفة أو عمل دائم أو نشيء في ظروف بيئية ليس لديها وازع دينى أو قيمى لا تعرف الحلال والضمير الحى والأخلاق، وغالبا ما يقع هؤلاء تحت طائلة القانون ويعقاب لفترة داخل المؤسسات العقابية أو السجن لمدة قصيرة ويخرج بعدها يواجهه نفس الظروف البينية دون أي تهذيب أو إصلاح. وأكد "فخري"، أهمية إعادة تعديل وتأهيل البناء النفسي لهؤلاء الأشخاص وتعديل سلوكياتهم وتأهيلهم لعمل يعيد اندماجهم في المجتمع بشكل لائق، ولابد من توفير الرعاية النفسية والاجتماعية للأسر الأكثر فقرا واحتياجا حتى نضمن جيلا من النشء لديه المهارات والقدرات النفسية والسلوكية التى تركز على الضمير والأخلاق والجوانب الروحية الدينية.
وناشد "فخري" مؤسسات المجتمع المدنى أن تتبنى تأهيل ومساعدة هؤلاء الاشخاص الذين لديهم استعداد للاندماج في المجتمع أن يعيدوا تأهيلهم وامدادهم بالمهارات اللازمة التى تؤهلهم للحياة الصحية الطبيعية التى تضمن لهم حياة كريمة وتوفر لهم عملا لائقا. كما ناشد القائمين على المؤسسات العقابية والسجون أن يتم تفعيل منظومة البرامج النفسية والسلوكية والاجتماعية والمهنية التى تؤهل هؤلاء الاشخاص للخروج للمجتمع بشكل يضمن لهم حياة كريمة وعيش آمن، ولمؤسسات الإعلام دور كبير في تأهيل المجتمع لمساعدة وتقبل هؤلاء الأفراد وخلق بيئة صالحة لاستيعابهم من جديد.
من جانبه؛ قال الخبير القانوني محمد القفاص: في القانون المصري يلزم لقيام جريمة التشكيل العصابي توافر الركن المادي، المتمثل في قيام كل مساهم في هذا التشكيل بدور محدد، فضلًا عن توافر القصد الخاص، وهذا ما يحدد طبيعة التشكيل العصابي بحيث يمثل المشاركة بين عدد من الأفراد في القيام بفعل يجرمه القانون لتحقيق أغراض مجرَّمة.
وأضاف "القفاص": عقوبة السرقة البسيطة في المادة ٣١٧ من قانون العقوبات، تنص على الحبس من ٢٤ ساعة إلى ٣ سنوات، وإذا كانت السرقة مشددة، تتراوح العقوبة من ٥ سنوات إلى ٧ سنوات، أما السرقة بالاكراه ففي المادة ٣١٨ و٣١٩ تصل العقوبة فيها إلى ٧ سنوات، وإذا اقترنت بجريمة قتل، تصل العقوبة للمؤبد.
وتابع: كما يعاقب بالحبس مع الشغل كلا من قام بالسرقة في مكان مسكون أو معد للسكن أو في ملحقاته أو في أحد المحلات المعدة للعبادة، أو في مكان مسور بحائط أو بسياج من شجر أخضر أو حطب يابس أو بخنادق ويكون ذلك بواسطة كسر من الخارج أو تسور أو باستعمال مفاتيح مصطنعة، والسرقات التي تحدث ليلا.
وكذا السرقات من الخدم بالأجرة إضرارا بمخدوميهم أو من المستخدمين أو الصناع أو الصبيان في معامل أو حوانيت من استخدموهم أو في المحلات التى يشتغلون فيها عادة، والسرقات من المحترفين بنقل الأشياء في العربات أو المراكب أو على دواب الحمل أو أى إنسان آخر مكلف بنقل أشياء أو أحد أتباعهم إذا سلمت إليهم الأشياء المذكورة بصفتهم السابقة.