أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، أن التداعيات السلبية التي تتسبب فيها التغيرات المناخية في منطقة الشرق الأوسط وكافة أنحاء العالم تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين واحتياجاتهم اليومية، لاسيما الفئات الأكثر ضعفًا مثل صغار المزارعين والعاملين في مجال الصيد، موضحة أن هذه التداعيات تحتم على المجتمع الدولي أن يعزز جهود التعاون الإنمائي من أجل العمل المشترك لمواجهة المخاطر المناخية، وتعزيز قدرات الدول الناشئة على التكيف معها.
جاء ذلك خلال إلقاء الكلمة الافتتاحية للحلقة النقاشية حول "تكيف الفئات الأكثر ضعفًا مع التغيرات المناخية"، ضمن فعاليات مؤتمر يوم المدن العالمي الذي تنظمه وزارة التنمية المحلية، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، بمحافظة الأقصر، تحت عنوان "تكيف وتعزيز قدرات المدن لمقاومة التغيرات المناخية".
وأشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى أن الحكومة وضعت في اعتبارها الفئات الأكثر ضعفًا، وضرورة تعزيز قدراتهم على مواجهة التغيرات المناخية وتوجيه خطط التنمية الشاملة، وهو ما يتم من خلال المبادرة الرئاسية للتنمية المتكاملة للريف المصري "حياة كريمة"، التي تعمل على الارتقاء بحياة المواطنين في الريف المصري، وتحسين مستوى معيشة أكثر من نصف سكان جمهورية مصر العربية، من خلال تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعمل المبادرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر في المناطق الريفية، مؤكدة أن المبادرة تمثل مثالا للمجتمع الدولي وكافة الدول الهادفة لدعم الفئات الأكثر ضعفًا واحتياجًا في مجتمعاتها ودمجها في جهود التنمية.
وشددت على أهمية الشراكات الدولية بين كافة الأطراف ذات الصلة من شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين ومؤسسات التمويل الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لدعم هذه الفئات وتحسين سبل معيشتهم، لبناء مدن ومجتمعات مستدامة قادرة على التأقلم مع المتغيرات والصدمات، وتسهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وتحدثت المشاط عن الأولويات الوطنية لمكافحة التغيرات المناخية، حيث تعمل مصر في العديد من الاتجاهات للتكيف معها لاسيما في قطاعات الزراعة والموارد الماشئة والطاقة، منوهة بأن العالم يتطلع لمؤتمر التغيرات المناخية للأمم المتحدة COP26، وما سينتج عنه من توصيات ومحاور للعمل كما تعمل مصر على استضافة النسخة المقبلة COP27 في ضوء ريادتها الإقليمية لتعزيز العمل المشترك لمواجهة التغيرات المناخية.
*الجهود المشتركة مع شركاء التنمية*
ونوهت «المشاط»، بأن وزارة التعاون الدولي تدير محفظة التمويلات الإنمائية لجمهورية مصر العربية التي تبلغ قيمتها نحو 25 مليار دولار، وتضم 377 مشروعًا تتوزع في كافة محاور التنمية بالدولة، جزء كبير منها لتعزيز استدامة المدن وتعزيز تكيفها مع التغيرات المناخية، حيث يستحوذ الهدف التاسع من أهداف التنمية المستدامة: الصناعة والابتكار والبنية التحتية على نحو 36 مشروعًا بقيمة 5.7 مليار دولار، بالإضافة إلى 34 مشروعًا ضمن الهدف السابع: طاقة نظيفة بأسعار معقولة بقيمة 5.9 مليار دولار، و43 مشروعًا لدعم تنفيذ الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة: المياه النظيفة والنظافة الصحية بقيمة تمويلات إنمائية 4.9 مليار دولار تقريبًا، بالإضافة إلى 30 مشروعًا ضمن جهود تنفيذ الهدف الحادي عشر من أهداف التنمية المستدامة: المدن والمجتمعات المحلية المستدامة بقيمة 1.5 مليار دولار.
وتابعت: في ضوء برنامج الحكومة وتوجيهات القيادة السياسية تعمل وزارة التعاون الدولي، مع كافة شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين لدعم خطة الدولة لمكافحة تغيرات المناخ، من خلال تضمين المشروعات التي تعزز العمل المناخي في كافة الاستراتيجيات الجديدة، مشيرة إلى العمل الذي تقوم به الوزارة لإعداد الإطار الاستراتيجي للشراكة بين مصر والأمم المتحدة 2023\2027، بصفتها المنسق الوطني للشراكة مع الأمم المتحدة، حيث يستهدف الإطار الجديد دعم جهود تنفيذ رؤية مصر التنموية 2030 في إطار الأجندة الأممية للتنمية المستدامة.
ونوهت بأن الحكومة استطاعت صياغة مشروعات تنموية طموحة استنادًا إلى الأولويات التي تتمحور حول المواطن، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومن بين أمثلة المشروعات الهادفة لتعزيز العمل المناخي والتكيف مع التحديات المناخية، مشروع مكافحة تلوث الهواء بالقاهرة الكبرى وإدارة المخلفات الصلبة الذي يدعمه البنك الدولي بقيمة 200 مليون دولار، كما يدعم الصندوق الدولي للتنمية الزراعية "أيفاد" مشروع تعزيز المرونة في البيئة الصحراوية الذي يستهدف تقليل معدلات الفقر وتعزيز الأمن الغذائي وخلق بيئة مستدامة وتحسين الإنتاجية للأسر التي تعيش في هذه المناطق.
كما يعزز برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي ودلتا النيل من خلال مشروع يهدف لتحفيز جهود التكيف، باعتبارهما من أكثر المناطق في العالم تأثرًا بالتغيرات المناخية، وذلك من خلال اتخاذ الإجراءات التي تهدف للحد من تأثر هذه المناطق بارتفاع منسوب سطح البحر.
*أدوات التمويل المبتكرة*
وأكدت وزيرة التعاون الدولي، أنه في ظل هذه التحديات التي تواجه المجتمع الدولي، ومن أبرزها تداعيات الجائحة وكذلك التغيرات المناخية، فإن الحاجة لأدوات التمويل المبتكر، مثل التمويل المختلط القائم على الشراكات المرنة بين القطاعين الحكومي والخاص، والشراكات متعددة الأطراف، بات ضرورة ملحة لتوفير سبل التمويل للدول الناشئة لدعم جهود العمل المناخي.
وحرصت وزيرة التعاون الدولي، على توجيه الشكر لوزارة التنمية المحلية وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، على عقد المؤتمر بمدينة الأقصر، لتصبح منصة لتبادل الخبرات والأفكار حول التنمية الحضرية المستدامة، وكيفية تعزيز الفرص للتكيف مع التغيرات المناخية لاسيما للفئات الأكثر احتياجًا.