في ظل تظاهر العديد من السودانيين احتجاجا على الإجراءات التي اتخذها المجلس العسكري بحل مجلس السيادة والحكومة وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، وإعلان عبد الفتاح البرهان قائد القوات السودانية عن نيته في تشكيل حكومة مدنية والتي ودعا إليها أيضا رئيس الوزراء المقال عبد الله حمدوك، سيحاول الأخير احتواء غضب الشارع السوداني بعد أن دعت العديد من القوى السياسية إلى تنظيم تلك المظاهرات الرافضة لإجراءات البرهان.
وقال هيثم عمران الخبير بالشأن السوداني في دراسة نشرها مركز "رع للدراسات الاستراتيجية"، إن المحتمل وقوعه هو فرض عقوبات على السودان والعسكريين، حيث يعد ذلك من الأمور أكثر ترجيحا، خاصة في ظل الإدانات الدولية لتدخل الجيش السوداني في الساحة السياسية، بالإضافة إلى أن علاقة السودان مع واشنطن والمؤسسات المالية أصبحت على المحك، بعدما أعلنت الخارجية الأميركية، تجميد واشنطن لمساعدات بقيمة 700 مليون دولار المقدمة “للدعم الطارئ للاقتصاد السوداني، ولعل ذلك يشجع الدول الغربية وبريطانيا على اتخاذ إجراءات مماثلة، ولعل هذا الخيار قد يفجر أزمة إنسانية طاحنة في السودان في ظل نقص المواد الأساسية من غذاء ودواء.
وأضاف “عمران” أنه هناك احتمالية إدخال البلاد في دائرة عدم الاستقرار في ظل التظاهرات والاحتجاجات الموجودة حاليا، وتنقسم المظاهرات إلي فريق مؤيد للتدخلات العسكرية الأخيرة، وفريق آخر رافض لتلك التظاهرات مطالبا بعودة السلطة المدنية ممثلة في حكومة حمدوك، والالتزام بالوثيقة الدستورية.
وأوضح الخبير بالشأن السوداني أنه في حالة استمرار هذه الاحتجاجات مع فشل السيطرة عليها قد يدخل البلاد في أزمة عدم استقرار تزيد من معاناة الشعب، فضلا عن ذلك قد يهدد عدم الاستقرار هذا من وحدة الأراضي السودانية في ظل الأزمة المتصاعدة في شرق السودان، إذ قد يشجع ذلك علي انفصال الإقليم عن السودان علي غرار ما حدث مع جنوب السودان، أو تكون الحرب الأهلية هي الخيار البديل.
وأشار عمران إلى أنه يمكن استغلال الأوضاع في السودان من جانب إثيوبيا وتجدد الصراع، حيث في شهر مايو الماضي وردت أنباء عن وقع اشتباكات بالأسلحة الثقيلة بين قوات الجيش السوداني والإثيوبي في منطقة بإسانده الحدودية.
ويتنازع البلدان على منطقة الفشقة الزراعية التي تقع بين نهرين، حيث تلتقي منطقتا أمهرة وتيجراي في شمال إثيوبيا بولاية القضارف الواقعة في شرق السودان. وتصاعد التوتر بين الخرطوم وأديس أبابا بشأن هذه المنطقة منذ نوفمبر الماضي، حين أعاد الجيش السوداني نشر قواته في أراضي الفشقة، وضم أراض زراعية.
وتطالب أديس أبابا بانسحاب الجيش السوداني من المنطقة، فيما تؤكد الخرطوم أن قواتها ستبقى موجودة لحماية سيادة البلاد.
الجدير بالذكر أن الأحداث التي تمر بها السودان قد يشجع الإثيوبيين على شن هجوم عسكري لاستعادة سيطرة أديس أبابا على الفشقة، مما قد يؤدي إلى تمدد الصراع في منطقة القرن الإفريقي، فضلا عن احتمالية تسلل عناصر إرهابية إلى الداخل السوداني واستغلال الأوضاع هناك، مما قد يدفع إلى العنف وجر البلاد إلى مصير مجهول.