تفقد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم الخميس، المخطوطات النادرة في مكتبة غازي خسرو بك التاريخية، على هامش زيارته الرسمية للبوسنة والهرسك التي بدأت قبل يومين.
واستهل المفتي يومه بعدد من اللقاءات الرسمية، كان على رأسها لقاؤه بالشيخ حسين كفازوفيتش، رئيس المشيخة الإسلامية والمفتي العام للبوسنة والهرسك، والدكتور زهدي حسانوفيتش عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة سراييفو.
أعقب ذلك زيارته لمكتبة غازي خسرو بك العريقة، حيث ثمَّن فضيلة المفتي الدَّور الهائل الذى تقوم به المكتبة والقائمون عليها لما تزخر به من كتب ومخطوطات تاريخية تمثل ذاكرة الشعب البوسني؛ حيث تضم خلاصة إنجازاته الثقافية والحضارية متمثلةً في كمٍّ هائل من المخطوطات القيمة، مؤكدًا على دورها الثقافي الهام وتاريخها الذي يعود إلى ألف عام، واعتبارها أيضًا في مصافِّ كبريات المكتبات التراثية في أوربا.
كما أشاد المفتي بحالة التنوع التي تشهدها مؤلفات المكتبة التي تعود للقرون 12 و13 و14 الهجرية، مثمنًا هذه المؤلفات التي كُتبت بخط اليد في البوسنة، والتي تدل على الدَّور الفعال لهذه البلاد في الحضارة الإسلامية، وتنوع مضامين المخطوطات الموجودة في المكتبة من علوم إسلامية ومخطوطات في الطب والصيدلة والبيطرة والرياضيات وعلم الفلك والفلسفة والمنطق والتاريخ واللغة والأدب.
وتعدُّ مكتبة الغازي خسرو بك في سراييفو أعرق مكتبات البوسنة وذاكرة البلقان، وبها أقدم مخطوطات في العالم، حيث يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1537م، وتحتوي على حوالي مائة ألف وحدة مكتبة (مخطوطات، كتب مطبوعة، مجلات ووثائق مختلفة) باللغات العربية والتركية والفارسية والبوسنیة، وبعض اللغات اﻷوربیة اﻷخرى. ومن بین هذه الوحدات هناك أكثر من 10.500 وحدة مكتبة عبارة عن مخطوطات تضم حوالي 20000 عمل كبیر وصغیر من العلوم الإسلامية واللغات الشرقية واﻷدب والفلسفة والمنطق والتاريخ والطب، والطب البيطري والریاضیات وعلم الفلك وعلوم أخرى.
كما تضم المكتبة نوعين من المخطوطات: الأول خطَّه علماء بوسنيون نهلوا من العلم الشرعي في مدارس بغداد والقاهرة، والثاني عبارة عن مخطوطات إسلامية قديمة جُلبت من مكة المكرمة والمدينة المنورة ودمشق والقاهرة وبغداد وإسطنبول على يد العلماء والحجاج والتجار وطلاب العلم.
ويعد أقدم ما في مكتبة الغازي خسرو بك من المخطوطات نسخة من كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي، نسخت عام 525هـ/ 1131م، أي بعد وفاة المؤلِّف رحمه الله بعشرين سنة فقط، وهو أقدم كتاب مستنسخ في العالم. يليه كتاب فردوس الأخبار في مأثور الخطاب للديلمي الهمذاني (ت: 509هـ/ 1116م)، وهو منسوخ عام 546هـ/ 1151م بيد عبد السلام بن محمد الخوارزمي بهمذان. ثمَّ الجزء الثالث من كتاب الكشف والبيان في تفسير القرآن لأبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري (ت: 427هـ/ 1036م)، ويرجع تاريخ هذه النسخة إلى عام 571هـ/ 1176م وهو بخط بركات بن عيسى بن أبي يعلى.