تغير الأحوال المناخية يؤثر على إنتاج بعض المحاصيل، وذلك حسبما صرح المهندس فوزى الحضرى وكيل وزارة الزراعة بمحافظة الدقهلية لـ«البوابة»، وقال إن زيادة التذبذبات الحرارية بين النهار والليل تؤدى إلى ارتباك فى عمليات الامتصاص والبناء الضوئى والتمثيل الغذائى داخل النبات، ما يعنى ضعف النمو فى كل المحاصيل القائمة، وزيادة الرطوبة النسبية والرطوبة الحرة والندى صباحًا وبكثافة، وأن ذلك يوفر بيئة مناسبة تماما للأمراض والحشرات.
وأوضح «الحضرى» أن زيادة سرعة الرياح الرطبة بالتبادل مع الجافة تؤدى إلى زيادة حدوث الجروح الدقيقة، فى الأوراق والأنسجة النباتية، ما يجعلها عرضة للإصابة بالفطريات اختيارية التطفل «لطعة أرجوانية على البصل والثوم - تبقعات الترناريا على كل الخضر - ندوات مبكرة على الخضر - تبقعات بكتيرية على الطماطم والمانجو وزيادة فرصة انتشار الصدأ الأصفر على القمح».
وشدد على أهمية الابتعاد عن الأيام التى تزيد فيها سرعات الرياح، عند إجراء الريات الخاصة بالقمح والبطاطس الشتوية والبصل والفول، وسرعة ترميم النمو لمعظم المحاصيل «الخضر» بإضافة خليط المنقوع فى أقرب رية ممكنة، وأهمية الانتهاء من إجراء رشة وقائية على معظم المحاصيل ضد عدد من الأمراض المتوقع ظهورها، وانتشارها خلال هذه الأجواء من المناخ «الرش بأوكسى كلورو النحاس مع مانكوزيب أو كلوروثالونيل أو أزوكسى ستروبين أو جلوكانات النحاس»، بالمعدلات الموصى بها، والندوات والتبقعات الفطرية والبكتيرية لحمايتها من اللفحة الصمغية ولفحة الكمون وإنثراكنوز الفول والبسلة وسحب مبيدات الأعفان لشلل الكمون.
وأشار «الحضرى» إلى أهمية الاستعداد تمامًا لعمليات الوقاية والعلاج ضد الصدأ الأصفر على القمح، فى المناطق والأحواض فى الدلتا وخاصة على الزراعات المبكرة، وعلى أصناف سدس ١٢ وجميزة ١١ وشندويل ١ بالتحديد، بالمادة الفعالة دايفينوكونازول، ولمكافحة البياض الزغبى واللطعة الأرجوانية على البصل والثوم ويناسبه هذه الظروف من الجو، يجب الرش بمادة سيموكسونيل. وأضاف «الحضرى» أن وزارة الزراعة تنظم لجانا مرورية على جميع الزراعات الشتوية بجميع قرى المحافظة حيث يتم توجيه اللجان بالنزول إلى الحقول وتوعية المزارعين بمخاطر التغيرات المناخية والتقلبات الجوية على المحاصيل الشتوية، خاصة الخضر والفاكهة فى ظل التغيرات المناخية التى تتعرض لها البلاد، متابعًا أن اللجان تعمل على تقديم جميع التوصيات الفنية والإرشادات للمزارعين، واتباع النظم السليمة لحماية النباتات من التغيرات المناخية.
وأكمل أن اللجان تعمل على رصد الحالة المرضية والحشرية للمحاصيل على أرض الواقع، وسرعة التدخل والعلاج من خلال لجان متخصصة تتوجه إلى الحقول مباشرة، ورصد كل المشكلات التى تواجه المزارعين بالمحافظات المختلفة، والتوجيه بحلها بشكل فورى، مشيرا إلى أن اللجان تنظم ندوات إرشادية فى القرى والحقول للمزارعين، وذلك إلى جانب البرامج الإرشادية المتخصصة على أعلى مستوى.
من جهته قال الدكتور صالح السيد سعدة أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة جامعة المنصورة ووكيل كلية الزراعة لشئون التعليم والطلاب لـ«البوابة نيوز» إن التغيرات المناخية تؤثر على النمو وإنتاجية وجودة المحاصيل الشتوية والصيفية.
وشدد «سعدة» على ضرورة إعادة النظر فى مواعيد زراعة المحاصيل الشتوية، وضرورة أن تتواكب مواعيد زراعة المحاصيل مع التغيرات المناخية لتوفير ظروف بيئية مناسبة لمراحل النمو المختلفة، وأوضح أن الأمطار تهطل فى مصر خلال شهرى يناير وأبريل إلا أنه قد تهطل أحيانا فى مارس وأبريل ومايو، وتابع أن قسم المحاصيل بكلية الزراعة جامعة المنصورة بدأ بتسجيل دراسات لبعض الطلاب تتناول أثر التغيرات المناخية على المحاصيل الشتوية والبقوليات.
وأضاف أن المحاصيل تتباين فى احتياجاتها المائية، فالبقوليات مثل الفول والعدس لا تحتاج إلى كمية رى كبيرة، وأنه من الممكن الاستغناء عن رى البقوليات فى حالة هطول الأمطار لأن إنتاج البقوليات يزدهر مع المطر.
وتابع، أن القمح وبنجر السكر يزدهران مع ازدياد هطول الأمطار فممكن الاستغناء عن الري، وأضاف أن المحاصيل تتلف إذا تواكب هطول الأمطار فى مرحلة النضج وتكوين البذور والتلقيح والإخصاب، مشيرًا إلى أن ذلك إلى جانب الإصابة بأمراض النبات ومنها صدأ أوراق القمح نتيجة ارتفاع نسبة الرطوبة، كما أن البقوليات تتأثر فى مرحلة النضج بهطول الأمطار.
وأكد «سعدة» أن قسم المحاصيل بالكلية يضع إرشادات زراعية بـأبحاثه توصى المزارعين برش مواد تجعل النبات أكثر مقاومة للإجهاد الحراري، كما أن أعضاء هيئة التدريس نشروا أبحاثا تخص تلك المواد وكيفية الحفاظ على النبات فى ظل تغيرات الجو.
وقال الدكتور مأمون عبدالمنعم رئيس قسم المحاصيل الزراعية بكلية الزراعة جامعة المنصورة، إن التقلبات الجوية تؤثر على إنتاجية المحاصيل وخاصة الشتوية وأهمها محصول القمح الاستراتيجي، وتابع، أن الشتاء غير المتوقع وانحفاض درجة الحرارة أثناء الليل يؤثر على الكثافة الإنتاجية، مشيرا إلى أن إنتاجية فدان القمح يصل إلى ١٨ إردبا وقد تتراجع إلى ١٥ إردبا نتيجة خسائر التغيرات المناخية، ومشيرا إلى أن الرطوبة تؤدى إلى تنشيط بيئة الفطريات.
وأوضح أنه من الضرورى استمرار التجارب والأبحاث على التغيرات المناخية، ومن الضرورى تنويع إنتاجية محاصيل المراكز البحثية ودراسة المواعيد الزراعية المناسبة لكل نوع من المحاصيل ومدى استجابة كل نوع للتغيرات المناخية.
وأشار «عبدالمنعم» إلى أن القسم يضع إنتاجية المحاصيل للأصناف الجديدة التى تنتجها المراكز البحثية ويجرون عليها التجارب المختلفة ومنها الزراعة المبكرة والمتأخرة ومقارنة نتائجهم، مضيفًا أن الميعاد الموصى به لزراعة القمح هو منتصف شهر نوفمبر، وتابع، أن المحاصيل الشتوية تتحمل انخفاض درجة الحرارة، قد تتدمر فى حالة حدوث السيول والتى تحدث أحيانا فى منطقة جنوب سيناء والساحل الشمالى مما قد يدمر المحاصيل الشتوية، كما أن تلك الأماكن تعتمد على الرى بمياه الشتاء فقط. وأضاف «عبدالمنعم» أن الأمطار تدمر ازدهار الفول البلدي، كما أن الأصناف الحديثة من المحاصيل وخاصة القمح مقاومة للأمراض التى تصيب المحاصيل، وشدد على ضرورة تجنب زراعة التقاوى للأصناف القديمة التى أصيبت بالأمراض منعًا لفساده.
وكشف أن الدولة المصرية تتجه فى ظل أزمة سد النهضة إلى إنتاج أصناف جديدة تتحمل الجفاف وزراعتها بالأراضى الجديدة، مشيرًا إلى أن الدلتا لا تواجه مشكلة فى مياه الرى من النيل لاستصلاح الأراضى الزراعية.
ومن جانبه أكد الدكتور وليد السعدى، أستاذ مساعد قسم الخضر والزينة بكلية الزراعة جامعة المنصورة، أن بعض محاصيل الخضر الشتوية تتحمل تغير الظروف المناخية ومنها انخفاض درجات الحرارة، مشيرا إلى أن قسم الخضر بكلية الزراعة جامعة المنصورة عمل على الزراعة المحمية الهيدروجينية للخضروات والنبات وأوضح أن الزراعة بالصوب تقوم على زراعة الخضروات الصيفية بموسم الشتاء أو العكس بحيث تتوفر الخضروات بغير موسمها، مشيرًا إلى أنه قد يتم استغلال الطاقة الشمسية فى الزراعة المحمية، ويعد محصول الطماطم من أبرز المحاصيل الصيفية التى تتم زراعتها فى الشتاء. وأضاف «السعدى» أنه تم تطبيق صوب الزراعة المحمية وكما تم تجربة إعادة تدوير قش الأرز واستخدامه كتربة بديلة، موضحًا أن ذلك يساهم فى الحد من ظاهرة حرق قش الأرز التى قد تؤثر على صحة المواطنين والحد من تلوث البيئة. وأكد أن تربة قش الأرز تستخدم بشكل أساسى لإنتاج عيش الغراب، متابعًا أن الصوب تنتج شتلات فاكهة مع استخدام نوع محدد من التطعيمات، وأشار إلى أن الصوب تعمل كمضاد للفيروسات التى تصيب المحاصيل، مضيفًا أنه تمت زراعة ما يقرب من ١٥٠٠ فدان صوب بالدقهلية وتتضمن مناطق قلابشوزيان بمدينة بلقاس ومدينتى جمصة وبلطيم وغيرها.