اعتمدت جماعة الإخوان، على مدارعقود من عمر التنظيم، على زرع فكرة "المظلومية" والترويج لها، وتصدير ما يتعرضون له على أنه "اعتداء طرف ظالم متجبر، على طرف برئ مسالم"، وأنه ليس لهم أهداف دينيوية.
ولكن سرعان ما سقطت هذه الشعارات، والمقولات وكشف زيف ما يروجون أمام الناس، عندما وصلوا للحكم في مصر، وبعد 30 يونيو انكشفت حقيقتهم ولفظتهم الشعوب، ولم يعد مناسب لعب دور الضحية، مما انعكس بالضرورة على داخل التنظيم، وبدأ التصدع يدب في هيكل التنظيم وبات الانهيار والانكسار واضحا، خاصة تنظيميا، فالجماعة كانت تعتمد على الظهير الشعبي من المحبين.
يقول عمرو فاروق الصحفي والباحث في الإسلام السياسي، وقضايا التطرف الديني، حالة الانقسام والتناحر بين صفوف قيادات جماعة الإخوان ليست جديدة عليهم، والذي يتتبع تاريخهم، يكتشف جليا حجم الخلافات التي امتدت عبر عمر التنظيم، وولاءاتهم الخارجية، والتي ترتبط بالمصلحة، لكن هذه المرة تبدو أكثر غرابة وأعنف؛ لأنها خرجت للعلن، مما يعكس حجم الأزمة داخل الجماعة.
ويرى فاروق أن الهزائم، والخيبات التي منيت بها الجماعة، جعلها تخسر الخطاب السياسي الخاص بها والذى يعتمد على المظلومية، والذى أكسبها شرعية وتعاطف في الماضي ، كما أن تناقض الجماعة وتخليها عن شعاراتها بعد وصولها للحكم في مصر وتونس وغيرها كشفها أمام الشارع.
وتابع: الانقسام هذه المرة ليس انقساما تقليديا بين جبهتين في الإخوان وحسب؛ إنما يأتي ليؤكد حالة الانهيار والانكسار التي تعيشها الجماعة من بعد ثورة 30 يونيو في مصر، مشيرا إلى إنه يمكن وصفه هذه المرة بالأعنف معنويا وتنظيميا؛ فهذه أول مرة تصطدم بالشعب، فقبل ذلك كانت تصطدم مع الحكومات والأنظمة وكان الصراع مقتصر على الدولة.
وأضاف: الصدام هذه المرة مع الشعب والمجتمع من أجل مصالح شخصية، وأضروا بالناس، والمجتمع. مما كان نتيجته الخروج، والمطالبة بإسقاطهم، ورحيلهم عن الحكم، ومطاردتهم.
فيما رأى هشام النجار، المتخصص في شؤون الإسلام السياسي، أن الانقسامات بين جبهتي محمود حسين في تركيا، وإبراهيم منير في لندن، كشفت مدى ضعف التنظيم وانهياره وترهله، وتغليب مصالحهم الشخصية على الولاء للمرشد، ومصالح الجماعة، وهو ما يوضح حالة التغيير والضعف الذى ضرب بنية التنظيم وفكره، وأدبيات الجماعة، التي تسير عليها منذ تأسيسها عام 1928.
ويلفت الباحث في شؤون الإسلام السياسي، النظر إلى أنه عند إصابة حسن الهضيبي المرشد الثاني للجماعة بقي في منصبه، من عام 1949 إلى 1973، ونتيجة لمرضه ظل عاجزا في سنواته الأخيرة عن تسيير شؤون الجماعة، وكانت زينب الغزالي تدير الأمور سرا، لحين وفاته، وتعيين التلمساني، ورغم حالة الغضب لرفض فكرة تدخل امرأة في القيادة، لكن لم تظهر حالة التناحر والانقسامات القصوى كما حدث الآن.