بعد أن ظلت الجماعة يد واحدة ظاهريا لسنوات طويلة، ولم يكن في الحسبان أن تظهر الخلافات للسطح وتسرع من تفتتها بهذه السرعة بعد الاختبار الحقيقي الأول لها في السلطة.
طوال عمر التنظيم الذى تجاوز قرنا من الزمان عانت الجماعة من انقسامات وصراعات وحتى انشقاقات عدة، لكنها لم تكن بارزة، ولم تؤثر في عمل التنظيم، خاصة ان العمل في التنظيم كان سريا، وما كان يدور داخله سري.
لكن وتباعا منذ عام 2011 وعقب موجة التغيير التي عصفت بالعديد من الدول في الوطن العربي، سعت الجماعة وداعموها لتصدر التنظيم للمشهد عبر الدعم المالي والإعلامي والمراهنة عليه.
ليتم اختبار الجماعة في السلطة للمرة الأولى وبجدية، وفي أكثر من بلد، ولأن الجماعة تجيد رفع الشعارات أكثر من تطبيقها لم تصمد كثيرا على مقعد الحكم، وخاصة في مصر مسقط رأس الفكرة والتنظيم، فسقطت الجماعة، وخرجت لتمارس نشاطها من الخارج عبر مكاتبها في لندن حيث يقيم التنظيم الدولي.
يقول الدكتور رفيق الدياسطي، أستاذ الجغرافيا السياسية، إنه منذ أن أصبحت تركيا حاضنة الجماعات الجديدة، وتلاشى وجود الجماعات تقريبا في مصر بعد أن بات معظم قادتها في السجون وفر الباقي نحو اسطنبول ووضع الإخوان غير مستقر"
وأكد أن طمع السلطة يسرى في دم الاخوان لذا أراد البعض البحث عن مقعد التحكم في الإخوان، لما في ذلك امتيازات عدة اقتصادية فتشكلت في اسطنبول جبهة قادها محمود حسين عضو مجلس شورى الجماعة وأمينها العام، وفى لندن جبهة إبراهيم منير زعيم التنظيم الدولي والقائم بأعمال المرشد وبدأ السباق نحو من يقود الاخوان .
وأشار إلى أنه بدأت منذ ذلك الوقت مؤامرات هنا وانقلابات هنا نحو من يقصى الآخر.
وأوضح "الدياسطي"، أن ذروة الصراع كانت مؤخرا مع قرار من مجلس شورى الإخوان بإسطنبول، يقضى بعزل إبراهيم منير في لندن قرار قلل منه منير وكان قد سبقه بإيقاف العازلين له، وتجميد عضويته، كما سبق له باتهام إخوان اسطنبول بمخالفات مالية وادارية مهدت لإيقافهم.
وعن مستقبل الجماعة وسيناريوهات ما بعد الصراع أجاب الدياسطى قائلا:" الجماعة باتت على مفترق طرق حقيقي، فيما يعد أعنف صراع داخلي يشهده التنظيم طوال تاريخه وهو ما فتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل الجماعة وعن مواقف فروعها المتناثرة فى الدول العربية والعالم وتنحسر هذه السيناريوهات، أولها ان تصبح الجماعة جماعتين حيث ينفرد منير بتنظيم الإخوان والتنظيم الدولي التقليدى، فى حين يخرج حسين ورفاقه من قيادات الإخوان التاريخية بجماعة إخوان جديدة، أو أن تنضم الافرع لأحد محاور الصراع وهو ما يعطيه أفضلية على الآخر أو تنفصل الأفرع.
واختتم حديثه قائلا: أما أكثر السيناريوهات تفاؤلا لأفراد الجماعة أنه في حال لم تنتهى كلية فتصيح عبارة عن جماعات متناحرة".