صدر حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب، كتاب جديد بعنوان "دول وكيانات عربية في بلاد الشام قبل الإسلام"، للدكتور خلف الجراد.
يقع الكتاب في 343 صفحة من القطع الكبير، مبرهنا أن بلاد الشام هي جزء عضوي لا يتجزأ من "جزيرة العرب" بمعناها الجغرافي الذي كان معروفاً منذ آلاف السنين، وذلك استنادا إلى عشرات المصادر الجغرافية والتاريخية والتراثية العربية القديمة، وينتج عن هذه الحقيقة الثابتة بطلان التقسيم الاستشراقي - الاستعماري لهذه المنطقة الواحدة، بأسماء مصطنعة ومصطلحات غير علمية وغير موضوعية، لأهداف تجزيئية معلنة، كما حصل بالنسبة إلى مسمى "شبه الجزيرة العربية" البريطاني أصلاً.
ويؤكد الكتاب في المحور الآخر الذي يتمثل بأن القبائل والجماعات العربية كانت على مدى آلاف السنين تتجول وتتحرك بحرية تامة في مسرحها الجغرافي - الإثني - اللغوي الطبيعي، وتقيم حواضرها ودولها وممالكها بأسمائها القبلية أو الأسرية "الكنعانيون، الأموريون، الفينيقيون، الآراميون.. إلخ، دون أن تنفصل عن أرومتها العربية وانتمائها القومي الضارب في أعماق التاريخ. وترسيخا لهذه الرؤية الحضارية الشاملة تتبعنا بالتفصيل والتوثيق كيف تم إنشاء دول وكيانات عربية عدة في بلاد الشام قبل الإسلام بحوالي 7-8 قرون، وهي: دولة الأنباط - مملكة تدمر - دولة الغساسنة.
تبيّن لنا بشكل جليّ وقاطع أن إقامة هذه الدول والممالك والكيانات، إنما جاء في سياق طبيعي من التطور والرقي التاريخي - الحضاري والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي، وليس البتة على شكل اقتحام أو احتلال خارجي أو بهيئة "موجات غازية من قبائل بدوية متخلّفة"، كما يزعم أعداء أمتنا وحضارتنا الوجوديون من الصهاينة، مستشرقين متهوّدين، وتلامذتهم التائهين الغارقين في الأضاليل والزيف والاغتراب، وفي المستنقعات الصهيونية العنصرية الآسنة.