وافق مجلس الشيوخ، اليوم الأحد، برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، من حيث المبدأ، على مشروع قانون تنظيم النفاذ للموارد الأحيائية المحال من مجلس النواب، وذلك وفق تقرير لجنة الطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ، والذي أكد أن مصر انتهجت سياسة جادة لحماية ما حياها الله به من ثروات طبيعية، وتنوع بيولوجي فريد، كقاعدة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق التوازن البيئي.
كفالة حقوقها في مواردها وما ينتج عنها من مناقع
وأكدت لجنة الطاقة في التقرير على أن بمصر ما يقرب من 30 ألف نوع من الكائنات الحية النباتية والحيوانية والكثير منها ذات أهمية اقتصادية، والتي تجتذب العديد من المؤسسات الدولية الراغبة في التنقيب عن تنوع أحيائي فريد له قيمة اقتصادية كبيرة في مجال ابتكار الأدوية والمستحضرات التجميلية وصناعات التكنولوجيا الحيوية، تمهيدًا للاستحواذ عليه دون مشاركة دول المنشأ في عوائد الاستغلال، ودون الحصول على موافقة مسبقة منها أو التوقيع على اتفاقيات مع تلك الدول على اقتسام العوائد في ظل غياب تشريع وطني ينظم اقتسام المنافع، ومن ثم فقد حرصت مصر منذ الانضمام لاتفاقية التنوع البيولوجي على تحقيق الهدف الثالث من أهداف الاتفاقية الذي يرسخ التقاسم العادل للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الأحيائية والجينية، وذلك لكفالة حقوقها في مواردها وما ينتج عنها من مناقع نتيجة تطويرها واستخدامها من قبل بعض الدول والمؤسسات العالمية.
وأكد أيضًا، أنه قد لجأ العديد من دول العالم إلى إصدار تشريعات تنظم النفاذ إلى الموارد الاحيائية الوطنية والمعارف التقليدية المتصلة بها، وتربطها باتفاقيات محددة لاقتسام المنافع الناشئة عن الاستغلال، ووضع الضمانات اللازمة لوصول عوائد الاقتسام إلى أصحابها، وفي ذات الوقت قامت تلك الدول بتسجيل تنوعها الأحيائي ومعارفها التقليدية في سجلات وطنية تحفظ حقوقها فيها.
وأشار التقرير، إلي أن القانون يعد خطوة هامة في مسيرة الوطن نحو الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية والحفاظ عليها وعدم استنزافها بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة، كما أنه بمثابة حائط صد وطني مانع لاستيلاء الغير على موارد الدولة الأحيائية والجينية وأصولها الوراثية ومعارفها التقليدية دون مقابل، وأداة هامة لكفالة حقوق مصر في مواردها وما ينتج عنها من منافع نتيجة تطويرها واستخدامها من قبل الغير.
مهام مشروع القانون
وتدور مهام مشروع القانون حول حماية الموارد الأحيائية، وتنظيم إتاحة النفاذ إليها وإلى المعارف التقليدية والابتكارات ذات الصلة، وإنشاء سجل يدون فيه الموارد الأحيائية ومداومة تحديثه، تلقي طلبات النفاذ ومتابعتها، وتنفيذ الأعمال الميدانية لإصدار التراخيص، وعقد اتفاقيات لتفعيل التقاسم المنصف والعادل للمنافع ومتابعة تنفيذ ذلك، وتحديث ضوابط وقواعد هذا التقاسم بما يتسق مع التطورات الدولية في هذا المجال، ووضع برامج تثقيفية خاصة بالمجتمعات المحلية والمواطنين عن حماية الموارد الأحيائية وتنظيم النفاذ إليها وتقاسم منافعها، وعمل دراسات اقتصادية واحصائية لمعرفة قيمة المنافع الناشئة عن استغلال الموارد الأحيائية.
مشروع وطني لبناء دولة عصرية حديثة
وأعلن المستشار بهاء أبو شقة وكيل مجلس الشيوخ، موافقته على قانون تنظيم النفاذ إلى الموارد الأحيائية، موجها الشكر والإشادة للحكومة التي قدمته، ولأعضاء الشيوخ ممن تكفلوا بدراسته في اللجان النوعية للمجلس.
وقال أبو شقة، خلال الجلسة العامة، إنه مع قراءة قانون النفاذ إلى الموارد الإحيائية، فنجد أننا على الطريق الصحيح، وأن المرحلة الدقيقة لمصر من تاريخها خلال التأسيس لجمهورية جديدة، لا بد فيها أن نكون أمام تشريعات تواكب هذا المشروع الوطني لبناء دولة عصرية حديثة.
وتابع: تدخل التشريع يأتي في حالة الفراغ، أو مستحدثات بحكم التطور كما في حالات الجريمة الإلكترونية، فنحن الآن أمام أمر يحتاج إلى تدخل تشريعي، بسبب مستجدات باتت تعتبر البنود الحالية في حاجة إلى تطور ومواكبة لكل ما هو جديد.
وواصل: نوافق على المشروع ونوجه الشكر للحكومة، وكافة من شارك في الإعداد لهذا المشروع، وموافقتنا تأتي بسبب أنه يواجه استحقاقين، الأول مرتبط بالدستور، والثاني هو استحقاق دولي لأننا أمام اتفاقية موقع عليها في العام 1994، ومن المسلمات الدستورية أن الاتفاقية عندما يتم التوقيع عليها باتت في حكم القانون الواجب الإلزام.
يدعم خزانة الدولة
وأكد النائب عبد الخالق عياد، رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ، أن مشروع قانون تنظيم النفاذ إلى الموارد الإحيائية والاقتسام العادل للمنافع الناشئة عن استخداماتها، يمثل أهمية كبيرة في الإضافة إلى الناتج المحلي موردا هاما من الموارد المالية التي تصب في الخزانة العامة للدولة.
وأشار عبد الخالق عياد، إلى أن الدخل المحلي نتيجة هذا القانون قد يصل إلى المليار دولار سنويا، مؤكدًا أن مصر لم يكن لها قانونا من قبل في هذا الشأن.
وقال النائب في كلمته خلال الجلسة: “حبا الله مصر بموقع متميز، وكان قبلة الشرق والغرب في التجارة والعالمية، وحباها بأرض طيبة ومناخ تصالح فيه الطبيعة الإنسان”، مشددًا على أهمية تعظيم الاستفادة من هذه الموارد.
وأوضح عياد، أن مصر بها ما يزيد على 130 مورد من الموارد الطبيعية التي يحتاجها العالم في صناعات الأدوية والزينة وصناعات مختلفة أخرى، قائلاً: "بهذا القانون تقدم مصر نفعا دائم للبشر والإنسانية".
ووجه رئيس لجنة الطاقة بمجلس الشيوخ، الشكر للحكومة لسعيهم مع اللجنة من أجل تدقيق كل بند من بنود هذا التشريع الهام لما فيه الصالح العام لكل المصريين.
وأشار عبد الخالق عياد، إلى أن قانون تنظيم النفاذ إلى الموارد الإحيائية والاقتسام العادل للمنافع الناشئة عن استخداماتها "جديد" في العمل المصري العام، ويمثل نقلة نوعية كبيرة في التطور التكنولوجي لاستغلال الموارد الطبيعية.
الحفاظ على الموارد الأحيائية والطبيعية
وقالت ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، إن الوزارة على دراية بكل التقنيات الكاملة والملمة بقانون تنظيم النفاذ إلى الموارد الأحيائية والاقتسام العادل للمنافع الناشئة عن استخداماتها.
وأكدت الوزيرة خلال انعقاد الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، أننا الآن بصدد مناقشة القانون مع الأعضاء بكل تفاصيله، موضحة أن الهدف من مشروع القانون هو الحفاظ على الموارد الاحيائية والطبيعية.
وأشارت الوزيرة إلى اتفاقية التنوع التي تنفذها مصر منذ عام 1994 ، مؤكدة أن الجزء الخاص بالموارد الأحيائية متوقف لوجود فجوة تشريعية، ولكن باقي الاتفاقية مصر ملتزمة بها، موضحة أن هذا القانون يشمل سد الفجوة الموجودة، لافتة إلي أن منذ ذلك الحين تعتبر الاتفاقية قانونا وطنيا إلا انه يفتقد لآليات التطبيق، والتي لابد أن يضطلع بها قانون حتى نتمكن من الوفاء بالتزامات مصر الدولية في هذا الأمر.