أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن اختيار موضوع «المياه والسكان والتغيرات العالمية.. التحديات والفرص» للدورة الحالية من أسبوع المياه يأتي في وقت يشهد فيه العالم تغيرات سريعة تؤثر على الموارد المائية، موضحًا أن أزمة المياه أصبحت من أبرز التحديات الدولية الملحة بسبب الزيادة المطردة في سكان العالم مع ثبات مصادر المياه العذبة والتدهور البيئي وتغير المناخ والسلوك البشري غير الرشيد من خلال إنشاء مشروعات مائية غير مدروسة.
وأضاف الرئيس السيسي، خلال كلمته أمام «الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للمياه 2021»، أن تلك العوامل تسهم في تفاقم الأزمة، وتؤثر على قدرة الدول للوفاء باحتياجات شعوبها من المياه مما يحول إدارة الموارد المائية إلى تحدٍ يمس أمن وسلامة الدول والشعوب ويؤثر على استقرار أقاليم بأسرها، مشيرًا إلى أن مصر انخرطت في مسار عقد المياه للأمم المتحدة 2018 – 2028 انطلاقا من يقينها الثابت بحتمية التعاون الدولي، وتبنت مصر الرؤية الشاملة "مصر 2030" في برنامج يخاطب كل مناحي الحياة ويولي أهمية قصوى للهدف المعني بالمياه، ووضعت الخطة الإستراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037 بتكلفة تقديرية 50 مليار دولار، وقد تتضاعف نتيجة معدلات التنفيذ الحالية.
90% مصر تعاني عجزًا مائيًا
وقال الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، إن مصر تعانى عجزًا مائيًا 90% من الموارد المتجددة، وتعيد استخدام 35% من تلك الموارد لسد الفجوة، موضحًا أن مصر تواجه تغيرًا في إيراد نهر النيل، نتيجة إجراءات أحادية خاصةً فيما يخص ملئ وتشغيل سد النهضة دون الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم فيما يخص قواعد تشغيل، لذلك قامت الدولة المصرية في وزارة الموارد المائية والري بتنفيذ العديد من المشروعات القومية الكبرى في مجالات تحسين نوعية المياه وترشيد استخدامات المياه وتنمية الموارد المائية، وتهيئة البيئة المناسبة من خلال إنشاء محطات عملاقة لمعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي، وتحديث نظم الري، وتحديث المنشاة المائية، وتنفيذ أخطار لحماية الشواطئ، وتطوير التشريعات والإصلاح المؤسسي وتعظيم الفائدة من كل قطرة مياه.
وأوضح، أن مصر تقع المناطق شديدة الجفاف، وتعتمد على 97% من الاحتياجات المائية من نهر النيل، وترتبط التوفير الموارد المائية لتنفيذ الخطط الطموحة، لافتًا إلى أن مصر أعدت خطة قومية 2017-2037 تكلفتها بين 50 لـ 100 مليار دولار، وهذا تحدٍ من تحديات إدارة المياه، مضيفًا أنه يتم العمل على تعزيز التعاون العابر للحدود للحفاظ على استدامة الموارد المائية، وتم تنفيذ العديد من المشروعات في إطار إستراتيجية ترشيد المياه، مشيرًا إلى أن النجاحات التي حققها أسبوع القاهرة للمياه بنسخه الأربعة جعلته محط أنظار واهتمام كافة الخبراء ومتخذ القرار حول العالم.
تأثير ندرة المياه على تحقيق التنمية المستدامة
وقال عبد الحكيم الواعر، مساعد المدير العام والممثل الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن الحكومة المصرية تضع الملف المائي على رأس جدول الأعمال على المستوى الإقليمي والدولي، مشددا على أن ندرة المياه في المنطقة العربية تمثل تحديا كبيرا ولا يتوقف الأمر على الشرب والري فقط، ولها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الإنتاج الغذائي والتنمية المستدامة.
وأضاف عبد الحكيم الواعر، خلال كلمته في فعاليات أسبوع القاهرة للمياه، أن انخفاض الناتج المحلى للدول بسبب ندرة المياه نتيجة تغير المناخ، بالإضافة إلى النمو السكاني والتوسع الحضاري، من خلال تكثيف الجهود للاستفادة من التقدم التكنولوجي والتعاون مع شركاء التنمية والاستفادة من آليات التعاون، موضحا أن قطاع الزراعة يستهلك 85 % من الموارد المائية وسيعانى هذا القطاع بسبب الاستخدام المنزلي والاستخدامات الأخرى في الصناعة والسياحة وغيرها، وهو ما يؤثر على الأمن المائي والزراعي، وزيادة الاستيراد، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة والهجرة غير الشرعية، حيث أن ندرة المياه تشكل تهديدا ضمن أهداف التنمية المستدامة، مثل أهداف القضاء على الفقر والقضاء على الجوع.
وأوضح، أن تحديات وصعوبات ندرة المياه في العديد من دول المنطقة العربية جعلتها تضع سياسات إصلاحية واعتماد أدوات مثل المحاسبة المائية ورفع كفاءة استخدام المياه، والاهتمام بالزراعة المطرية، والاستثمار في موارد المياه غير التقليدية مثل تحلية المياه الملحة أو استخدام مياه الصرف المعالجة، ونشاهد في مصر أمثلة على ذلك مثل افتتاح محطة معالجة مياه بحر البقر، ومشروع تبطين الترع وغيرها.
الشح المائي الأزمة المستقبلية أمام الشعوب
وبدوره، يقول الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، إنه من المعروف أن الشح المائي يسبب أزمة ستكون هي الأزمة المقبلة على مستوى العالم بين الشعوب، فإن الموارد المائية لا تزال مع الزيادة المستمرة للسكان واستصلاح الأراضي، وزيادة الاستخدامات المختلفة للمياه، ولذلك يجب على الشعوب أن تتكاتف في إيجاد الحلول العملية في الاستفادة القصوى من المياه، وإيجاد البديل للموارد الطبيعية لها والموجودة حاليًا حتى تستوعب الزيادة السكانية وزيادة التنمية المستقبلية، وتتغلب على عملية شح المياه.
ويواصل عامر، في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أن شح المياه تؤثر على مراحل التنمية، حيث تقام التنمية على المياه والكهرباء، فإن المياه هي أساس كافة مراحل التنمية والحياة على وجه الأرض، والتي تتطلب تكاتف الشعوب لزيادة الموارد المائية، التي ستشعر بالشح والعطش المائي في المستقبل، لافتًا إلى أن مصر تنبأت بأهمية إيجاد المشروعات البديلة للاستفادة من المياه وإعادة معالجة مياه الصرف الصحي، وترشيد الموارد الطبيعية من المياه، ولذلك أقامت مصر عدة مشروعات تنموية لمعالجة المياه وأن تكون هذه المياه بديلة في المناطق التنموية الجديدة التي تم إنشاؤها، وخاصةً في المشروعات الزراعية الحيوانية التي تعتمد على المياه، ومنها محطات التحلية الكبرى على المناطق التي يتم استصلاحها، وإقامة المشروعات الزراعية التي تتواجد الثروة الحيوانية عليها.
الدولة المصرية تنفذ مشروعات ضخمة تستشرف المستقبل
كما يضيف الدكتور أشرف كمال، أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية، أن إستراتيجية الموارد المائية التي تطبقها مصر تمثل أهمية كبيرة من خلال رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، وترتكز إستراتيجية الموارد المائية على 3 محاور رئيسية، أولها هو تنمية الموارد المائية المتاحة، بإيجاد مصادر جديدة غير تقليدية، وثانيًا هو ترشيد استخدام المياه في القطاعات المختلفة وأهمها قطاع الزراعة، وثالثًا هو الحفاظ على نوعية المياه وجودتها، لذلك بالإضافة إلى إيجاد البيئة التشريعية المساندة لتلك الإجراءات.
ويتابع كمال، في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أن الدولة المصرية وبمتابعة دؤوبة من القيادة السياسية قامت بتطبيق عدة مشروعات ضخمة وطموحة تستشرف المستقبل، ومن أهم تلك المشروعات «مشروعات إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي»، والتي افتتح الرئيس السيسي محطة رئيسية منها «مصرف بحر البقر» في منطقة شرق بورسعيد بطاقة إنتاجية 5.7 مليون متر مكعب في اليوم، الأمر الذي يساهم في زراعة 400 ألف فدان في سيناء، فضلًا عن محطة «المجسمة»، بالإضافة إلى محطة أخرى في منطقة السويس، وأخرى في منطقة غرب الدلتا، والتي ستساهم بمشروع الدلتا الجديدة، بالإضافة إلى استخدام مياه الصرف الزراعي المعالجة بأنه تمت إنشاء عدة مشروعات هامة تقوم بها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لتحلية مياه البحر، حيث تضاعفت كمية مياه البحر المحلاة في مصر أكثر من 10 مرات، وذلك بالتركيز على المناطق الساحلية لأغراض الشرب في تلك المناطق.
ويوضح، أنه هناك مشروعات تطوير الري الحقلي من خلال تبطين الترع والمساقي لتقليل نسبة البخر والعمل على رفع كفاءة استخدام الموارد المائية، فضلًا عن مشروعات أخرى تعمل على إحلال وسائل الري الحديث من ري بالرش والتنقيط والري المحوري، وتتم تطوير مشروعات الري بالتعاون والتنسيق بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ووزارة الموارد المائية والري، فضلًا عن دور القطاع المصرفي بتقديم التمويل الميسر اللازم لتلك التطبيقات.
ويؤكد الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن عنصر المياه أمر مهم جدا لحياة المواطنين، وعلى مستوى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ومع المخاطر المائية والتلوث المائي وكيفية الحصول على الموارد المائية بالشكل الكافي، الأمر الذي أصبح تحدياً كبيراً بالنسبة للدول، مشيرًا إلى أن الدولة تعمل على ضمان تحقيق التنمية بضمان حقوقها المائية، وبالنسبة للأمن المائي الذي أصبح محدد مهم لتحقيق الأمن الغذائي، فإن نقص المياه يؤثر على الزراعة ومن ثم يؤثر على الأمن الغذائي.
ويوضح الإدريسي، في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أن الدولة تتحرك في عدة مشروعات منها تبطين الترع وإعادة معالجة مياه الصرف الزراعي وترشيد استخدام المياه واستخدام الوسائل الحديثة في الري وترشيد استخدامها، وجزء أخر لمياه الآبار والمياه الجوفية لتأمين الجزء المفقود في ملف العجز المائي مستقبلًا.