قال قداسة البابا فرنسيس، ظهر اليوم الأحد، أثناء صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس "يخبرنا الإنجيل الذي تقدّمه الليتورجيا اليوم عن يسوع الذي وخلال خروجه من أريحا، أعاد البصر إلى برطيماوس، رجل أعمى يتسوّل على طول الطريق.
إنه لقاء مهم، اللقاء الأخير قبل دخول الرب إلى أورشليم لعيد الفصح. كان برطيماوس قد فقد بصره ولكنّه لم يفقد صوته! في الواقع، عندما سمع أن يسوع يمرُّ من هناك، أَخَذَ يَصيح: "رُحماكَ، يا ابنَ داوُد، يا يَسوع انزعج التلاميذ والجموع من صراخه وانتهروه ليسكت.
فَصاحَ أَشَدَّ الصِّياح: "رُحماكَ، يا ابنَ داوُد!". سمع يسوع وتوقف على الفور. إن الله يصغي على الدوام إلى صرخة الفقراء، ولم ينزعج على الإطلاق من صوت برطيماوس، بل على العكس، تنبّه أنّه صوت مُشبع بالإيمان، إيمان لا يخشى الإصرار، ويقرع باب قلب يسوع ، على الرغم من سوء الفهم والتوبيخ. وهنا تكمن جذور المعجزة. في الواقع، قال له يسوع: "إيمانك خلصك".
تابع البابا فرنسيس يقول إنَّ إيمان برطيماوس يظهر في صلاته. إنها ليست صلاة صغيرة خجولة وتقليدية. أولاً، يدعو "ابن داود": أي يعترف بأنه المسيح، الملك الآتي إلى العالم. ثم يناديه باسمه بثقة: "يا يسوع" هو لا يخاف منه، ولا يبقى بعيدًا عنه. وهكذا، من قلبه، صرخ إلى الله الصديق كلّ مأساته: "ارحمني!". لم يطلب منه بعض المال كما يفعل مع المارة وإنما من الشخص القادر على فعل أي شيء طلب كلَّ شيء: "ارحمني، بكل ما أنا عليه". هو لم يطلب نعمة، بل قدَّم نفسه: طلب الرحمة لشخصه، لحياته. إنه ليس طلبًا صغيرًا، لكنه جميل، لأنه يطلب الرحمة، أي شفقة الله ورحمته وحنانه.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول "رُحماكَ، يا ابنَ داوُد!". لنجعل اليوم هذه الصلاة صلاتنا. لنكررها. ولنسأل أنفسنا: "كيف هي صلاتي؟". هل هي شجاعة، وتتحلّى بإصرار برطيماوس الجيد، هل تعرف كيف "تمسك" بالرب الذي يمرُّ، أم أنها تكتفي بتأدية تحية رسمية له بين الحين والآخر، عندما أتذكر؟ ومن ثمّ: هل صلاتي "وطيدة" وتكشف قلبي أمام الرب؟ هل أحمل له تاريخ ووجوه حياتي؟ أم أنها صلاة ضعيفة وسطحية تتكون من طقوس بلا عاطفة وبلا قلب؟ عندما يكون الإيمان حيًا، تكون الصلاة صادقة وترتفع من القلب: لا تتسول، ولا تقتصر على احتياجات اللحظة. من يسوع، القادر على كلِّ شيء، يجب أن نطلب كل شيء. وهو لا ينتظر لكي يسكب نعمته وفرحه في قلوبنا، لكن للأسف نحن الذين نحافظ على المسافات بيننا وبينه، بسبب الخجل أو الكسل أو عدم الإيمان. ليكن برطيماوس مثالاً لنا بإيمانه الملموس والمُصرِّ والشجاع. ولتعلمنا العذراء المُصلِّية، أن نلجأ إلى الله بكل قلوبنا، واثقين من أنه يصغي بتنبُّه إلى كل صلاة.