الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

48 عامًا على بطولة أبناء السويس فى 24 اكتوبر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تمر 48 عامًا يوم الأحد 24 اكتوبر على ملحمة المقاومة الباسلة لاهالي السويس فى مواجهة قوات العدو الاسرائيلي التى تصورت أن المدينة خالية يسكنها الاشباح حيث فوجئوا برجال يخرجون من كل مكان ويواجهون دبابات العدو ويحققون الانتصار.

أطلق الإسرائيليون على فرقته " أدان " المتخصصة لاقتحام المدن التى حاولت اقتحام السويس فى 24 اكتوبر 73 فرقة " النحس " وذلك بسبب الخسائر التى لحقت بها.

فرق " النحس " 
وجاءت اعترفات جنود العدو بما شاهدوا خلال محاولاتهم اقتحام السويس فى عدة كتب إسرائيلية منها كتاب " التقصير " الذي ألفه سبعة جنود من المراسلين الحربيين، والكتاب الاخر بعنوان " سري للغاية " والكتابات يعتبران من أهم كتب الحرب الاسرائيلية.

فقد ذكرت هذه الكتب اعترافات العدو بالخسائر حين كلفت محاولة احتلال السويس 77 ضابطًا و23 مظليًا و69 جنديا قتلوا جميعا فى أيام حصار السويس بفعل المقاومة.

وهكذا باتت فرقة " أدان " فرقة النحس كما أطلقوا عليها ففي كتاب سري للغاية يقولون إن فرقة "أدان" فقدت وحدها 50 دبابة وقتل 200 جندي وضابط غير 50 من الجرحي.

وتبدأ قصة الخسائر عندما أشارت عقارب الساعة الخامسة فى يوم 24 أكتوبر حين ألتقط اللواء "إبراهيم ادان " قائد الفرقة الإسرائيلية المدرعة التى كانت تحاصر السويس مكالمة عاجلة عبر جهاز اللاسلكي الخاص به وكان على الطرف الاخر اللواء " شموئيل جونين " قائد عمليات القطاع الجنوبي بالجيش الاسرائيلي وسأل جونين مرؤؤسه "ادان " هل تستطيع احتلال السويس فى ساعتين ونسف الساعة ؟ فاجاب "ادان " بقوله هذا يتوقف على عدد المصريين بالمدينة وشكل مقاومتهم لكن يمكنني على أسوأ الفروض احتلال جزء من السويس.

وفي فجر الأربعاء 24 اكتوبر أمر اللواء "أدان" دباباته بالهجوم على مدينة السويس وتقدم ركب الدبابات إلي محور "الجناين" بقيادة الرائد "اوري أريل" فى التاسعة والنصف بعد أن اختبأ داخل دبابة طوال الليل فى منطقة جبلاية السيد هاشم لكن قوبل بمقاومة شديدة عطلت له أول دبابة على الجسر فاضطر للعودة للخلف.

مدينة الأشباح 
أما العقيد "جابي" فكان مكلف بالهجوم على محور منطقة الزيتيه ووصلت تلك القوة مبني الاتحاد الاشتراكي " مبني الحزب الوطني السابق المجاور للمحافظة " وجاءت فرقة الهجوم الخاصة بحي الاربعين بقيادة المقدم "يوسي" ومعه 8 دبابات و16 عربة مصفحة ودخلوا المدينة وارسل اللواء "أدان" برسالة لقيادة عمليات الجنوب يقول فيها " السويس مدينة أشباح ونحن نتقدم دون مقاومة" وفي هذه اللحظة كما هو مسجل فى مذكرات الجنود الإسرائيلين كانت المفاجأة أمام قسم شرطة الأربعين حين تم تدمير إحدي الدبابات الاسرائيلية من نوع سنتريون العملاقة لتسد الطريق أمام تقدم المدرعة الاسرائيلية ويفاجأ الجنرال "أدان" وجنوده بان مدينة الاشباح كما قال عنها تتحول الى المقاومة من آلاف البشر ويأمر أدان جنوده وفق شهادته بترك المصفحات والدبابات والاحتماء بالمبني المجاور " قسم شرطة حي الاربعين " وداخل القسم تتم محاصرة أدان وجنوده وانهالت رسائل القيادة الاسرائيلية لتسأل عن مصير ركاب العربة النصف مجنزرة التى ركبها ضباط المخابرات الاسرئيلية ولكن "أدان" كان يجيب لا اعلم حيث تحولت المنطقة الى جحيم بسبب نيران المقاومة من كل مكان ومن نوافذ العمارات والاسطح ومن جميع الشوارع المحيطة بقسم الشرطة وكلها تتجه نحو الجنود الاسرائليين.

الشهادات المصرية والوقائع 
بعيدًا عن شهادات الأعداء كان على الجانب الآخر الأبطال الحقيقيون، حيث المقاوم البطل إبراهيم محمد سليمان الذي دمر أول دبابة إسرائيلية بواسطة قذيفة من مدفع والذي استشهد بعد ذلك على سور قسم شرطة الأربعين اثناء محاولة اقتحامه ومواجهة الجنود الاسرائيليين داخله أما البطل " أحمد أبو هاشم " فقد استشهد عند كوبري البراجيلي بعدما دمر دبابة سنتريون، والبطل "فايز حافظ أمين " الذي استشهد فى معركة اقتحام قسم شرطة الأربعين بعد أن تمكن من أقتحام القسم واستشهد فوق السلم الداخلي بعد أن قتل عددًا من جنود العدو الذين كانوا يحتمون داخل القسم.

أما البطل أشرف عبد الدايم فقد اشترك فى الهجوم على ما قبل قسم الاربعين واستشهد يوم 24 اكتوبر 73 ويبقي عشرات من الشهداء والابطال الاحياء الذين قاموا باعمال بطولية مشرفة من بينهم الابطال احمد عطيفي - محمود عواد – عبد المنعم قناوي.. وهناك العشرات من القصص للبطولات بين المدنيين والعسكريين.

مذكرات الفريق عفيفي
كشفت مذكرات الفريق يوسف عفيفي الذي كان قائدا للفرقة الـ 19 بالجيش الثالث الميداني أثناء معركة أكتوبر فى كتابه " مقاتلون فوق العادة" اسرار جديدة عن معركة صمود السويس التى اعتبرها ملحمة بطولية.

يقول الفريق " يوسف عفيفي " أصيبت اسرائيل بخية أمل مرتين الأولي عندما فشلت فى دخول السويس والثانية عندما فوجئت بصمود الجيش الثالث الميداني أثناء حرب أكتوبر 1973 بعد أن حاولت احتلال السويس فى 24 اكتوبر عقب فشل تسلل العدو الاسرائيلي فى الصغرة العسكرية التى وصفها "ادجار أوبلاس" الخبير العسكري البريطاني بأنها "عملية تليفزيونية استعراضية" وذلك بدفع قوات صغيرة إلي منطقة كبيرة لايهام القوي الاخري بأن القوات قامت بالاستيلاء على منطقة واسعة وهي الطريقة أو الخطة المعروفة باسم "غزالة" وهي التى سرقتها إسرائيل من ادبيات العسكرية الالمانية.

ويضيف يوسف عفيفي أن قوات المقاومة وشدتها فى الدفاع عن المدينة هي التى أجبرت "ديفيد العازر" رئيس الاركان الاسرائيلي بالاعتراف فى مذكراته قائلًا " خدع الهدوء الذي ساد مدينة السويس قوات الجنرال أدان المتخصص فى اقتحام المدن فاندفعت الى داخلها لتنهال نيران المصريين وتشتعل الدبابات ويسقط القتلي والجرحي بالعشرات".

مذكرات الجمسي
ويؤكد " المشير محمد عبد الغني الجمسي " فى مذكراته بالحرف " يصعب على المرء أن يصف القتال الذي دار بين الدبابات والمدرعات الاسرائيلية من جهة وشباب السويس من جهة أخري وهو القتال الذي دار فى بعض الشوارع وداخل المباني وبجهود رجال السويس ورجال الشرطة والسلطة المدنية مع القوة العسكرية أمكن هزيمة قوات العدو التى تمكنت من دخول المدينة وكبدتها الكثير من الخسائر بين قتلي وجرحي وظلت الدبابات الاسرائيلية المدمرة فى الطريق الرئيسي المؤدي إلي داخل المدينة شاهدًا على فشل القوات الاسرائيلية فى اقتحام المدينة والاستيلاء عليها " ويضيف الجمسي " واضطرت القوات الاسرائيلية الى الانسحاب من مدينة السويس ".

الشعراء والمقاومة 
هذه المعركة بشر بها من قبل الفنان " محمد حمام " حين غني كلمات عبد الرحمن الابنودي وتلحين ابراهيم رجب:-

يابيوت السويس
استشهد تحتك وتعيشي انتي
استشهد والله ويجيى التانى
فداكي وفدا اهلي وبنياني
اموت وياصاحبي قوم خد مكاني
دا بلدنا حالفة ماتعيش غير حرة

ويقول الكابتن غزالي وفرقة اولاد الارض:-

بينا
يلا بينا نحرر اراضينا
وعضم اخواتنا نلموا نلموا
نسنو نسنو 
نعمل منه مدافع وندافع
ونجيب النصر هدية لمصر

نجيب النصر هدية لمصر
نكتب عليه اسامينا

اما الشاعر عطية عليان الراحل ابن السويس فقد اشار لروح المقاومة فى قصائده:-
حنخاف من مين ونخاف  على مين 
حنخاف سنين النوم 
وسنين الصوم 
الزكاه مش فرض على المعدوم

ويشيد بالنصر والمقاومة الشاعر الكبير الراحل كامل عيد رمضان بقوله:-
فيها ايه لو أموت 
هيموت الكون أبدا 
هنغيب الشمس ابدا 
راح اخاف لـ السما تنزل ع الارض 
ده الموت موجود من قبل ما اكون وبعد ما اموت
الموت بخسيس لو ارضي بذل
تدهسني الناس لما ابقي خيال واسير
فى ركاب العالم ضل 
لو اشوف الراية غريبة على اراضي وأطاطي الراس

 


تعثر المشروعات التنموية 
يبقي أنه بعد 48 عامًا على انتصار ارادة المقاومة الشعبية والجيش الثالث الميداني أن نتكلم عن الواقع الآن يشير أخر تقرير لمركز معلومات مجلس الوزراء إلي أن نسبة البطالة فى السويس مرتفعة ويؤكد مركز معلومات رئاسة الوزراء أن ترتيب السويس فى البطالة الثالث على مستوي الجمهورية.

وبعد 48 عامًا على انتهاء الحرب والنصر فمازال مشروع مطار العين السخنة الذي تعطل منذ 25 عام وقد تم طرحه مجددًا خلال الحكومات ما بعد ثورة 25 يناير ولم يتم اتخاذ فيها قرارا تنفيذيا حتي الان برغم وجود المطار على خرائط جوجل العالمية وتخصيص الارض ووجد دراسات الجدوي.

كما أن مشروع تنمية شمال غرب خليج السويس مازال معطلًا ولم يحقق الاهداف الرئيسية رغم البدء فيه منذ عام 1988 فمازالت مصانع المشروع لم تصل الى عدد المصانع المخطط لها لتكون 490 مصنعًا توفر 4/1 مليون فرصة عمل ورغم ان ما صرف على المشروع من الخزانة العامة يزيد عن 8 مليارات جنيه مصري.

فان فرصة العمل المتاحة لابناء السويس والوطن مازالت ضعيفة كما ان نسبة تنمية الاراضي التى حصل عليها رجال الاعمال والتى تصل الى 100 كيلو مترًا مربع بواقع حوالي 25 كيلو متر لرجال الاعمال الكبار فان نسبة التنمية للاراضي داخل مشروع تنمية شمال غرب خليج السويس لا تتعدي 3% من حجم الاراضي التى تصل الى ما يزيد علي 250 كيلو مترًا بينما المساحة المأهولة للسكان فى محافظة السويس لا تزيد عن 2.29 % من اجمالي مساحة الاراضي بمحافظة السويس التى تقترب من 100 كيلو متر مربع.

متحف السويس الوطني 
وحتي متحف السويس الوطني لتخليد بطولات شعب السويس على مدار تاريخه لم يتم افتتاحه رغم مرور 48 عامًا على معركة السويس وصمود شعبها البطل.

الغاء العيد القومي 
ويتساءل المواطنين فى السويس لماذا تم الغاء العيد الوطني للسويس من الاعياد الرسمية على مستوي الجمهورية والذي كان يعد عطلة رسمية هو العيد الرمزي للمقاومة الشعبية وانتصار ارادة الشعب المصري فى تاريخ مصر المعاصر بعد معركة رشيد 1807

ويكفي ان نشير الى أن مذكرات الفريق يوسف عفيفي فقد اشار بسؤال زكي فى مذكراته لماذا حتي الان لم تأخذ معركة السويس وصمودها من الاهتمام الاعلامي المناسب لها.

وتبقي الاسئلة المشروعة للسوايسة والذين يحسون التجاهل فى تنمية المحافظة:-
• لماذا يستمر غلق ميناء بورتوفيق للركاب رغم صرف الملايين على تطويره ؟
• لماذا لم يتم بناء مدينة السويس شرق القناة اسوة بالاسماعيلية وبورسعيد ؟
• أين قصر ثقافة الاربعين الذي يمثل 52 % من تعداد السويس بدون خدمة ثقافية ؟
• لماذا يتم تجاهل ابناء السويس فى التعينات بالشركات الصناعية على اراضها مع ارتفاع نسب البطالة ؟
• اين مشروع ترسانة رأس الأدبية الذي صدر له قرار جمهوري ؟
• لماذا يتم تجاهل منطقة عيون وتطهيرها وتطويرها ؟
• لماذا يتم تجاهل انشاء مطار السويس الدولي ونقل المنطقة الروسية الصناعية من السويس الى بورسعيد ؟

وفى النهاية نقول اننا نأمل ان تجد السويس مزيد من الاهتمام تكريمًا لشعبها.