احتفالا بذكرى مولد الدكتور علي مبروك 20 أكتوبر يقدم مركز تنوير 22 هذه الكراسة لتقريب القارئ الجديد من فكر واحد من أهم الكتاب والمفكرين المصريين والعرب الذين ناقشوا التراث الإسلامي، في العقود الأخيرة.. من مؤلفاته "النبوة...من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ"، "عن الإمامة والسياسة، والخطاب التاريخي في علم العقائد"، "لعبة الحداثة بين الجنرال والباشا"، "ما وراء تأسيس الأصول.. مساهمة في نزع أقنعة التقديس"، "الخطاب السياسي الأشعري.. نحو قراءة مغايرة"، "السلطة والمقدس.. جدل السياسي والثقافي في الإسلام"، "ثورات العرب.. خطاب التأسيس"، "في لاهوت العنف و الاستبداد - الفريضة الغائبة في تجديد الخطاب الديني"، "الدين والدولة في مصر - هل من خلاص؟"، "أفكار مؤثمة؛ من اللاهوتي إلى الإنساني"، "القرآن والشريعة؛ صراعات المعنى وارتحالات الدلالة"، "نصوص حول القرآن؛ في السعي وراء القرآن الحى".
وللدكتور علي مبروك الكثير من الآراء الجديرة بالالتفات والمناقشة؛ حيث يرى أن العقل العربي الراهن يعيش أزمات اقتصادية وسياسية وثقافية لكونه عقلاً غير فاعل، وعاجزًا عن إبداع حلول لمشكلات واقعه، كما أن الفكر العربي صار ناقلا مقلدا مكررا بغير فهم لأفكار السلف، فلم يأتِّ بحلول جديدة لمشاكل واقعنا العصري، وهو ما يتطلب تغيير البنية العقلية لثقافة المجتمع من خلال وسائل إعلامية وتعليمية جديدة.
كما تميز مبروك بما يعرف بـ«نقد النقد»، إذ قدم مراجعات وملاحظات على مشروعات نظرائه على طريق الفكر، ورؤيتها في إطار نقدي، اجتهد خلاله في كشف التناقضات والتباينات الفكرية في التراث والمشروعات الفكرية التي تناولته بالنقد والتحليل.
في كتابه «ثورات العرب»، قال إنه "من الضروري ترسيخ خطاب التأسيس للحداثة العربية الذى يبدأ بقراءة وإدراك الواقع وتجنب التعميم والتلفيق ومعالجة الانقسام الذى تعيشه الدول العربية وخاصة مصر، وضرورة التحرر ليس برفض الدين أو الحداثة بل بتجاوز «خطاب القوة» الذى استبد بهما والانتقال إلى «خطاب الحق» الذى جرى تغييبه عنهما".
وأكد، أن تجديد الخطاب الديني هو إصلاح الفكر الديني، أي المنتج البشري لفهم الدين والنصوص، الذي قد يكون صحيحًا أو تشوبه أخطاء.
وعن كتابه "الخطاب السياسي الأشعري" والذي طرح فيه الكثير من الأسئلة على العقل العربي يقول: "كيف يتحكم فينا التراث لهذا المدى العميق؟ كيف يحتل، وبقوة، الوعي الجمعي العربي/المسلم للدرجة التي يبدو معها وكأن هذا التراث هو أمر "طبيعي"، أمر كوني لا نملك سوى أن نسير وفقاً لصيرورته، لا نملك سوى الانقياد خلفه، فلا شيء وراء هذا التراث المهيمن ولا ثقافة غيره ... إن ما نفعله حتى الآن ليس إلا العيش على محض الأماني أملاً في تجاوز ما نحن فيه من استبداد دون أن ندرك أن بنية الاستبداد عندنا تتجاوز المستبدين كأشخاص لتصل للاستبداد كأساس في الثقافة التي هيمنت ورسخت طوال قرون من التاريخ العربي الإسلامي؛ فـ "إذ هو الانتقال - ابتداءً من أن كل ممارسة تكون مشروطة بخطابٍ يؤسس ويوجه - من عالم الممارسة إلى نظام المعنى والخطاب، فإن التعاطي مع ظاهرة الاستبداد لا بد أن يتجاوز مجرد السعي إلى إزاحة سلالة المستبدين، رغم الأهمية القصوى لذلك، إلى إزاحة الثقافة التي تنتج الاستبداد، فتنتجهم. وهنا يلزم التنويه بأن إزاحة ثقافة ما، لا يعني أكثر من أن تصبح موضوعاً لهيمنة الوعي، على نحو يقدر معه على تجاوزها، وذلك بدل أن يكون هذا الوعي هو الموضوع لهيمنتها، فتبقى مؤبدة التأثير والحضور".