لم تكن تلك هي الزيارة الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسي لليونان لبحث عدد من القضايا المشتركة والاستثمار في مجال الطاقة، وتبادل وجهات النظر تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها تطورات الأوضاع في منطقة شرق المتوسط، ومكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
وتأتي تلك القمة بعد توقيع مذكرات التفاهم الحكومية بين مصر وقبرص واليونان لبدء إجراءات تنفيذ مشروع "الربط الكهربائي" بقدرة 2000 ميجا وات من خلال كابل بحرى كأولى خطوات مصر للربط مع باقي دول أوروبا.
التعاون الثلاثي
كانت البداية فى القمة الأولى التي استضافتها القاهرة في نوفمبر عام 2014، حيث أكد خلالها الزعماء الثلاثة "الرئيس السيسي والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس " المبادئ العامة لهذه المشاركة الثلاثية التي تضمنت احترام القانون الدولي والأهداف والمبادئ التي يجسدها ميثاق الأمم المتحدة.
وشدد البيان الختامي على أن عدم حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي سيكون من أكبر الأخطار التي تواجه المنطقة على المدى الطويل.
الطاقة والكهرباء والسياحة
كان التعاون الثلاثي في قطاعات الطاقة والكهرباء والسياحة والنقل على رأس جدول الأعمال في قمة أثينا الثلاثية صباح اليوم بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، وفقا لبيان الرئاسة المصرية.
وقبيل القمة، التقى السيسي بكل مسؤول على حدة، حيث ناقش مع ميتسوتاكيس تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، في حين كانت التطورات الإقليمية والقضايا الأخرى ذات الاهتمام المشترك محور حديثه مع أناستاسيادس.
مذكرات تفاهم بشأن الكهرباء
تأتي القمة بعد أيام قليلة من توقيع القاهرة مذكرات تفاهم مع أثينا ونيقوسيا لربط شبكات الكهرباء عبر كابل بحري.
يأتي مشروع الكابل البحري كجزء من مشروع "يورو أفريكا" الذي تبلغ استثماراته 4 مليارات دولار، والذي يربط بين شبكات الكهرباء في مصر واليونان وقبرص.
ويعد جزءًا من طموحات مصر لأن تصبح مركزا إقليميا للطاقة ومصدرا للطاقة الخضراء إلى أوروبا.
ولاقى هذا التعاون ترحيبا كبيرا إعلاميا وجماهيريا وقياديا حيث كتب رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، على موقع "تويتر"، أن الخطة جاهزة للتنفيذ.
وقال ميتسوتاكيس في تدوينته: "أعلق أهمية كبيرة على توصيل الكهرباء بين اليونان ومصر، من خلال كابل بحري عالي السعة سينقل إلى اليونان وأوروبا الكهرباء التي سيتم إنتاجها حصريًا من مصادر متجددة.. إنه مشروع أخضر، وهو أحد أكبر المشاريع في جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط، سيوحد دولنا وقاراتنا بناءً على احتياجات عصرنا، المذكرة ذات الصلة التي ستطلق تفاصيل هذا التعاون جاهزة عمليًا».
الأوضاع في شرق المتوسط
زار الرئيس عبد الفتاح السيسي في 10 نوفمبر 2020 العاصمة اثينا في زيارة رسمية إلى جمهورية اليونان.
وتطرقت المباحثات إلى مختلف تطورات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً تلك المتعلقة بشرق المتوسط وكيفية التعاون والتكاتف لمواجهاتها، وكذلك مستجدات الأوضاع الليبية.
حيث استعرض الرئيس السيسي رؤية مصر للحل السياسي في ليبيا وجهودها التي تهدف بالأساس إلى استعادة دور مؤسسات الدولة وملء فراغ السلطة بشكل مؤسسي، والتي أدي غيابها إلى منح المساحة لتواجد الميليشيات المسلحة وزيادة نشاطها، الأمر الذي بات يهدد بتحول ليبيا إلى بؤرة توتر بالمنطقة امتدادًا إلى أوروبا، مؤكدًا أهمية التزام المجتمع الدولي بدعم التسوية السياسية للأزمة الليبية بناءً على المحددات الواردة بنتائج مؤتمر برلين وإعلان القاهرة، حيث تم التوافق بين الجانبين بشأن ضرورة تكثيف التنسيق المشترك، مع تأكيد الحرص الكامل على إنهاء الأزمة الليبية عبر التوصل لحل سياسي يمهد الطريق لعودة الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق.
منتدى غاز شرق المتوسط
تعد الدولتان "قبرص واليونان" شريكتان في منتدى غاز شرق المتوسط الذي يدخل في عامه الربع منذ تأسيسه في يناير 2019 بمشاركة سبع دول، ويقع مقره الرئيسي في القاهرة، وأسهم في وضع مصر على خريطة الطاقة العالمية.
وجاء تأسيس المنتدى، كأحد أهم ثمار آلية التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص التي انطلقت عام 2014 وأسهمت عبر 8 قمم فى توطيد العلاقات التاريخية بين الدول الثلاث وتعزيز التعاون الاقتصادى والسياسي علي نطاق واسع خاصة فى مجال الطاقة.
ترسيم الحدود ساهم في البحث عن الغاز
وبعد ترسيم حدود مصر البحرية والنجاحات الكبيرة التي تحققت في مجال الغاز، تشهد فرص الاستثمار الجديدة بمصر خاصة في مجال البحث عن الغاز والبترول، اهتمامًا دوليًا في الأونة الأخيرة.
وأشار الرئيس السيسي أن الترسيم سيتيح تعظيم الاستفادة من مخزون الغاز الطبيعي والثروات الهيدروكربونية بالمناطق الاقتصادية لكلا الطرفين بالبحر المتوسط.
وتم نشر العديد من التقارير فى هذا الصدد في ضوء اكتشافات الغاز التي حققتها مصر، إضافة إلى خطط مصر الطموح، لتصبح مركزا للغاز والنفط في شرق المتوسط، حيث قالت صحيفة "البيريماتوناثيونالي" الإيطالية إن مصر ستصبح مركزًا للغاز والنفط، وتستثمر أموالا طائلة في مصافي التكرير، مما سيتيح لها تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج النفط بحلول عام 2023.