أكدت الشاعرة شيرين العدوي أن الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور امتلك موهبة شعرية عاتية وتسلح برؤية شعرية واعية وتملك ثقافة أصيلة تضرب بجذورها في الموروث العربي الإسلامي وتستمد من منابع غربية ثرية.
وقالت العدوي - في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء – "كان على عبد الصبور أن يتعامل مع هذا التراث الشعري من خلال منظور تفسيري يحاول من خلاله أن يكشف تلك الروح الشاملة الخالدة الكامنة في هذا التراث والينابيع الأولى التي تفجرت منها".
وأضافت أن الشعراء أدركوا أن عليهم لكي يكتشفوا ما في هذا التراث من قيم صالحة للبقاء أن يستوعبوه أشمل استيعاب ويتملكوه أعمق تملك فعكفوا عليه يقرأونه ويمحصونه ويتبنون منه أصواته ومعطياته ما يتجاوب مع همومهم المعاصرة.
وأصدرت الشاعرة شيرين العدوي خمسة دواوين هي: "دهاليز الجراح، وفوهة باتجاهي، وبنات الكرخ، وفراشات النور، وسماء أخرى".وحازت عددا من الجوائز: جائزة أحمد شوقي 1998 – جائزة المجلس الأعلى للثقافة 1998- جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة 1999 – جائزة الشباب والرياضة 2002 – جائزة دار الأدباء 2004 وجائزة حسن القرشي العربية.
وقالت العدوي إن شاعرا كصلاح عبد الصبور يعكف عامين كاملين على التراث الشعري العربي كله يقراؤه ويتمثله ويعجب بأصوات منه ويرفض أصواتا أخرى ويقدم لنا قراءات جديدة في ذلك الشعر القديم.
وأوضحت أن من أهم الجوانب الإيجابية التي تأثر بها الشعراء المعاصرون من الثقافة الأوروبية الحديثة دعوة الشاعر والنقاد الإنجليزي "ت .اس إليوت "إلى ضرورة ارتباط الشاعر بموروثه، لافتة إلى أن إليوت من أكثر الشعراء الغربيين تأثيرا في الشعراء المعاصرين وخاصة في دعوته هذه إلى الارتباط بالموروث في جانبيها النظري والتطبيقي.
وذكرت أن عبد الصبور من أشد الشعراء حماسة للتعبير عن تأثره باليوت في هذا المجال حتى إنه عندما أراد أن يعبر عن عمق صلته بموروثه عبر عنها من خلال أفكار إليوت وربما من خلال عباراته ذاتها.
وتحتفي وزارة الثقافة بمرور 40 عاما على رحيل الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور من خلال مؤتمرات وفعاليات تتضمن العديد من المشاركات الأدبية والثقافية والفكرية والفنية.
يشار إلى أن الشاعر الكبير محمد صلاح الدين عبد الصبور يوسف الحواتكى، ولد في 3 مايو 1931 بمدينة الزقازيق ويعد أحد أهم رواد حركة الشعر الحر العربي ومن رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربي، كما يعد واحداً من الشعراء العرب القلائل الذين أضافوا مساهمة بارزة في التأليف المسرحي.
و التحق عبد الصبور بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية في عام 1947 وفيها تتلمذ علي يد الشيخ أمين الخولي، تعرف على أصدقاء الشباب مرسى جميل عزيز وعبد الحليم حافظ، وطلب عبد الحليم حافظ من صلاح أغنية يتقدم بها للإذاعة ويلحنها له كمال الطويل فكانت قصيدة لقاء.
وتخرج الشاعر الراحل عام 1951 وعين بعد تخرجه مدرسا في المعاهد الثانوية واستغرقته هواياته الأدبية تقلد عبد الصبور عددا من المناصب، وعمل بالتدريس وبالصحافة وبوزارة الثقافة، وكان آخر منصب تقلده رئاسة الهيئة المصرية العامة للكتاب، وساهم في تأسيس مجلة فصول للنقد الأدبي، فضلا عن تأثيره في كل التيارات الشعرية العربية الحداثية وحصل على العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التشجيعية عن مسرحيته الشعرية (مأساة الحلاج) عام 1966 كما حصل بعد وفاته على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1982، الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة المنيا في نفس العام، الدكتوراه الفخرية من جامعة بغداد في نفس العام،
رحل عن عالمنا عام 1981 تاركا إرثا ثقافيا وأدبيا ضخما وآثارا شعرية ومسرحية أثرت في أجيال متعددة من الشعراء في مصر والبلدان العربية، خاصة ما يسمى بجيل السبعينيات، وجيل الثمانينيات في مصر، وقد حازت أعماله الشعرية والمسرحية قدرا كبيرا من اهتمام الباحثين والدارسين، ولم تخل أية دراسة نقدية تتناول الشعر الحر من الإشارة إلى أشعاره ودواوينه.
وقد حمل شعره سمات الحزن والألم وقراءة الذكرى واستلهام الموروث الصوفي، واستخدام بعض الشخصيات التاريخية في إنتاج القصيدة، ومن أبرز أعماله في ذلك: "مذكرات بشر الحافي" و"مأساة الحلاج" و"ليلى والمجنون"، كما اتسم شعره من جانب آخر باستلهام الحدث الواقعي، كما في ديوانه: "الناس في بلادي".