سلط قرر المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي الذي عقد يوما 14 و15 أكتوبر الجاري، بتأجيل عرض قضية قبول إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، الضوء على تطور العلاقات الإسرائيلية الأفريقية ومدى تغلغل دولة الاحتلال داخل القارة السمراء.
وشهدت العلاقات الإسرائيلية الأفريقية، منذ إعلان دولة الاحتلال عام ١٩٤٨، الكثير من المتغيرات، والتي وصلت لحد القطيعة والعداء، ولكن دولة الاحتلال ظلت تعمل من خلف الكواليس لإعادة تلك العلاقات وتقويتها.
ورغم أن الكيان الإسرائيلي استطاع إقامة علاقات مع نحو ٤٦ دولة من أصل ٥٤ هي مجموع دول القارة، إلا أن وصول الرئيس جمال عبدالناصر إلى سدة الحكم في خمسينيات القرن الماضي كان له تأثيره الخاص على أفريقيا.
واستطاع الزعيم الراحل قلب المعادلة كليا، وقاد عملية إلزام الأفارقة بالاصطفاف مع العرب في صراعهم مع دولة الاحتلال، وهو وضع ظل ثابتا رغم التقلبات السياسية على مدى السنين.
كما أن مشاركة مصر في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام ١٩٦٣ وضع تحديا صعبا أمام دولة الاحتلال للتغلغل في القارة التي حصل عدد كبير من دولها على استقلاله للتو بمساعدة مصر، ومن ثم حاز صوت في الأمم المتحدة، وهو تكتل فارق صنع تأثيرا في المحافل الدولية، لا سيما والصراع العربي الإسرائيلي من أبرز القضايا المطروحة للتصويت باستمرار في ذلك الوقت.
ورغم إن إسرائيل لم تيأس خلال تلك الفترة وظلت تقدم خدمات، عبر تأسيس وكالة دولية للتعاون الإنمائي عام ١٩٦٣ تسعى لدعم الدول الأفريقية المستقلة الناشئة، إلا أن تلك الفترة انتهت بقطيعة مدوية عقب هجوم إسرائيل على مصر في حرب عام ١٩٦٧، واحتلالها لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان.
وعلى إثر ذلك، دعت منظمة الوحدة الأفريقية إلى قطع العلاقات مع إسرائيل بوصفها دولة استعمارية. وفي أعقاب حرب أكتوبر عام ١٩٧٣، توسعت الفجوة بقطع أغلب الدول علاقاتها مع إسرائيل امتثالا لقرار منظمة الوحدة الأفريقية.
وبلغ العداء الأفريقي أوجه في تأييد منح الفلسطينيين صفة مراقب في منظمة الوحدة الأفريقية. لكن رغم شدة العداء تجاه تل أبيب، استمر جهاز الموساد في تقديم خدماته لبعض الحكام الأفارقة.
من جانبها؛ قالت الدكتورة أماني الطويل، خبيرة الشئون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن إسرائيل كانت خارج سياقات الاتحاد الأفريقي بشكل كامل، فقد كانت علاقات إسرائيل مع غالبية الدول الأفريقية مقطوعة كنتيجة لنجاح العرب في ضمان التأييد الأفريقي للموقف العربي في الصراع مع إسرائيل، وخاصة في حربي ١٩٦٧ و١٩٧٣.
وأضافت «الطويل»، أن مصر والدول العربية في الاتحاد الأفريقي إضافة إلى الدول الأفريقية الداعمة آنذاك استطاعت تصنيف إسرائيل كنظام استيطاني عنصري مماثل لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وأكدت أن عزلة إسرائيل في أفريقيا لم تفك جزئيا إلا بعد عقد اتفاق كامب ديفيد عام ١٩٧٩، ومع ذلك فقد استمرت الممانعة الأفريقية للعلاقات مع إسرائيل، إذ فشلت قبل ثلاثة أعوام في عقد قمة إسرائيلية- أفريقية في توجو.
وأضافت خبيرة الشئون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه حدث تراجع مصري وعربي في مستوى العلاقات التاريخية بين العرب والأفارقة في عصر مبارك، وبخاصة بعد محاولة الاغتيال الفاشلة له في أديس أبابا.
جدير بالذكر أن المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي الذي عقد يوما 14 و15 أكتوبر الجاري، قرر تأجيل عرض قضية قبول إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي إلى القمة المقررة في فبراير المقبل، وذلك في إطار جهد عربي تقوده الجزائر وتدعمه كل من مصر وجنوب أفريقيا ونيجيريا ودول أفريقية أخرى لإلغاء قرار قبول إسرائيل عضوًا مراقبًا في الاتحاد.
وعقب انتهاء أعمال المجلس التنفيذي، قال وزير خارجية الجزائر، رمطان لعمامرة، في تصريحات نقلتها عنه وسائل إعلام جزائرية محلية" أنه في نهاية المطاف وافق وزراء الأغلبية الحاليين على عرض القضية على قمة رؤساء دول الاتحاد الأفريقي المقرر عقدها في فبراير المقبل"
وأضاف لعمامرة "يحدونا الأمل في أن يكون مؤتمر القمة بمثابة بداية صحية لأفريقيا جديرة بتاريخها وألا تؤيد انقساما لا يمكن تداركه".
وأثارت طريقة قبول عضوية إسرائيل بصفة مراقب في الاتحاد الأفريقي، جدلا كبيرا داخل المنظمة الأفريقية وخارجها، إذ ازدادت التساؤلات في العالم العربى ومصر بالذات حول مدى تغلغل إسرائيل في القارة السمراء، ومدى تأثير ذلك على المصالح المصرية والعربية، ومن بينها القضية الفلسطينية، والخلاف حول سد النهضة الذى تقيمه إثيوبيا على النيل الأزرق.