دائما ما تتسم كلمات السيد الرئيس بالواقعية والشفافية والرؤية الوطنية، تتسم بالدقة من خلال الأرقام التي يستعرضها في معرض حديثه، والتي تعكس الحقائق والرؤية المبنية على دراسة المشكلة ورصدها والاستماع لأكثر من طرف على دراية عميقة بأصل المشكلة، يحاول أن يشرك المواطن بها كي يكون جزءًا من الحل وليس أصل المشكلة.
فعندما تحدث عن مشكلة السكن غير الآمن وهو المرحلة المتقدمة من العشوائيات، تحدث عن المخلفات التي يعانى منها الجميع وهى واحدة من تداعيات السكن غير المُخطط، ولكن لا أحد يدرك أن المواطن المصري قد يكون هو أصل الحل وقد يكون أصل المشكلة هنا، فالدولة أمام حجم هائل من المخلفات يتعدى 2.8 مليون طن سنويًا، بل إن الدولة مطلوب منها رفع أكثر من 40 مليون طن من القمامة أو المخلفات، ولا تنتهي تلك الأرقام، فكل ثانية تزيد حجم المخلفات المطلوب رفعها أكثر من مرة.
ومن ثمّ، لا يمكن اختزال حل أزمة المخلفات في مزيد من التوعية ومناشدة المواطنين عدم إلقاء القمامة على الطرقات وترسيخ ثقافة النظافة والتحضر، فالمخلفات لا تقتصر على مخلفات المواطن بل هناك مخلفات المصانع والأراضي الزراعية والمخلفات الخطرة من المستشفيات.
يقولون إن حل أي أزمة تواجه الدولة لا بد أن يكون في المعادلة مكونا حكوميا ومكونا شعبيا، ولكن أتصور أن حل تلك الأزمة يكمن في المكون الشعبي، لا بالمجهودات الشعبية غير المنظمة بل في الاستفادة من ذلك الكنز، فالقمامة كنز لا يفنى!، كنز يتجدد كل يوم.
فإن كانت الدولة مطالبة بوضع منظومة وطنية تنظم عملية الاستفادة من القمامة أي إعادة تدوير القمامة، فعلى الشباب المنتظرين فرص عمل، لقد حان الوقت لإقامة مصانع صغيرة ومتوسطة لإعادة التدوير كل أنواع القمامة فيختفى نباشو القمامة ليحل محلهم شباب من الدارسين لكيفية فرز وفصل القمامة بالطرق العلمية الحديثة وإعادة تدويرها.
فتلك الكميات من القمامة الُملقاة على جنبات الطرق ما هي إلا كنز نستطيع توليد الطاقة والوقود منه، ففي أوروبا يوجد 432 مصنعا لتحويل النفايات إلى طاقة ومصانع أخرى لإنتاج الوقود الُمسال.
فماذا لو سبقتنا تلك الدول في إنتاج الطاقة بشكل كبير من تكنولوجيا استخدام النفايات؟ هل سيؤثر ذلك على نسبة احتياجاتهم من الطاقة من الشرق الأوسط وتقليل صادراتنا من الطاقة؟
ليس هذا فحسب، فعلى سبيل المثال، كل طن من البلاستيك المُسترجع يمكننا من توفير 700 كم من البترول الخام، كل كيلو مسترجع من الألومنيوم يوفر 4 كيلوجرامات من المواد الكيمائية و14 كيلو وات /ساعة من الكهرباء.
لا يتبقى سوى أن تضع الدولة الإطار والتمويل الداعم والإطار الهيكلي لمساعدة الشباب من دارسي هذا المجال لإقامة المصانع ومشاركة الأرباح.
فالدولة المصرية دولة ذات رؤية شفافة وذكية، لذا تستطيع تخطى تحدياتها في وقت وجيز.
آراء حرة
قضية دولة قضية شعب.. المصير واحد
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق