أكد الأمين العام لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات فيصل بن عبدالرحمن بن معمر ثقته الأكيدة، وإيمانه الراسخ بأدوار القيادات والمؤسسات الدينية والإنسانية الفاعلة لمساندة صانعي السياسات ، لمواجهة تحديات العصر، وعلى رأسها جائحة كوفيد-19، داعيًا للتعامل معهم كشركاء التعاون؛ لعكس التطويرات، التي ينشدونها في مجتمعاتهم والمساعدة في نجاح وتحقيق البرامج المشتركةالموجهة لمجتمعاتهم المحلية.
وأوضح أن أزمة الجائحة، أبرزت أدوارهم ومساهماتهم ونقلتهم النوعية من الصورة النمطية المعروفة عنهم لأعمال الوعظ والتوجيه والإرشاد إلى الانخراط والالتحام مع قضايا الواقع، والعالم الافتراضي لمساندة الجهود الرسمية والتفاعل مع خطط التنمية المستدامة.
جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها كمتحدث رئيس في حفل افتتاح النسخة الثامنة من مؤتمر أديان العالم 2021م، الذي انطلقت فعالياته أمس السبت 16 أكتوبر الجاري من مدينة شيكاغو الأمريكية، بعنوان (لنفتح قلوبنا للعالم: التعاطف يبدأ بالعمل)، ويحظى المؤتمر باهتمام نحو (10000) شخص من جميع أنحاء العالم، يمثِّلون مختلف المعتقدات الدينية والثقافية، ويتصدَّر المشاركون فيه رؤساء حكومات وقيادات دينية وعلماء ونشطاء من جميع أنحاء العالم؛ للمشاركة في التعلم والربط بين الشعوب والثقافات المختلفة؛ بهدف المساهمة في زيادة ونشر التفاهم بين مختلف اتباع الأديان والثقافات حول العالم.
وقدَّم بن معمر نبذة موجزة ومختصرة عن عمل مركز الحوار العالمي، مستعرضًا جوهر مهمته النبيلة القائمة على الالتزام بتعزيز الحوار والتعاون بين القيادات ومؤسسات القيم الدينية وصانعي السياسات؛ مشيرًا إلى مساهمة مهمة المركز الفريدة في الجمع بين قيادات دينية وصانعي السياسات لإتاحة الفرص غير المسبوقة؛ لتعزيز القدرات والعمل على إيجاد جسور مشتركة تربط المكونات الدينية بعالم صانعي السياسات؛ وأثمر هذا النهج الفاعل منذ إنشائه عن تطوير جدول أعمال مشترك بين هذين الطرفين؛ لتعزيز مشاركتهما وزيادة زخم أعمالهما من خلال تنفيذ مئات الأنشطة التي تتمحور حول هدف واحد، هو العمل معًا من أجل مواجهة التحديات العديدة التي تعصف بمجتمعاتنا.
وقال بن معمر: «نجتمع هنا الليلة؛ بهدف إيجاد طرق جديدة لتوحيد جهود القيادات الدينية وقدراتهم، واقتراح شراكات جديدة تعزز الحوار لمواجهة التحديات العالمية. إننا بالفعل أمام مهمة جسيمة تتطلب منا توحيد العمل لإيجاد حل جماعي».
واستعرض استراتيجية عمل المركز منذ تأسيسه، القائمة على ترجمة مهماته إلى منصات تطبيقية ومستدامة تحتضن أتباع الأديان في نيجيريا وجمهورية إفريقيا الوسطى والمنطقة العربية وميانمار، بجانب إطلاق أول منصة للقيادات الدينية من المسلمين واليهود في أوروبا؛ لتعزيز سبل التعاون في القضايا المشتركة التي تواجه المجتمعين في أنحاء أوروبا.
وتابع: «بفضل برنامج كايسيد للزمالة الدولية، تمكنا من تدريب 450 شابًا وشابة من جميع أنحاء العالم على استخدام الأساليب المهنية اللازمة لتعزيز قيم الحوار والتعايش السلمي والمواطنة المشتركة».
وعوَّل الأمين العام لمركز الحوار العالمي على أدوار وتطبيقات القيادات والمنظمات وممثلي الأديان في المؤتمر، ومساهمتهم الملموسة في أرض الواقع، متمنيًا تعاظم حماسهم وتلاحمهم مع أبناء مجتمعهم لتعزيز تماسكهم الاجتماعي، ومضاعفة التزامهم بالفئات المحتاجة؛ والمشاركة الفعالة وتحقيق النتائج التي تسهم في بناء قدرة أتباعهم على المشاركة في التنمية المستدامة ومجابهة التحديات؛ مؤكدًا أن بهذه ممارسات، يتعاظم انعكاس صورة القيم الدينية إيجابًا في أذهان الآخرين.
وفي ختام كلمته، شدَّد بن معمر على قدرات شباب اليوم ومهاراتهم، بوصفهم أكثر تحليًا بروح الإبداع والمنافسة والمرونة والذكاء التقني من أي جيل سبقهم. ودعا إلى استثمار طاقاتهم في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتوظيفها لإحداث التطوير الاجتماعي وترشيد استخدام التقنيات الحديثة؛ لتنعم البشرية بحياة أفضل.
يُشار إلى أن مؤتمر البرلمان العالمي للأديان، أحد أقدم الفعاليات المتعلقة بالقيم الدينية تنوعًا. وعُقد في شيكاغو عام 1893م، بداية الحركة العالمية لأتباع الأديان، ومنذ ذلك الحين، تواصل البرلمانات الحديثة العمل على تعزيز هذا الإرث من أجل غرس بذور الانسجام والوئام بين المجتمعات الدينية والروحية في العالم، وتعزيز مشاركتها مع العالم وتوجيه المؤسسات للسعي لبناء عالم يسوده العدل والسلام المستدامين.