وسط تصاعد التوتر في المنطقة المتنازع عليها بين الهند وباكستان، قتل مدنيان على يد مسلحين في الشطر الهندي من إقليم كشمير.
وأعلنت شرطة كشمير في تصريحات صحفية، أن اثنين من العمال المهاجرين تعرضا لهجوم من قبل مسلحين في مدينة سريناغار الرئيسية في كشمير ومنطقة بولواما القريبة، ولقيا حتفهما في وقت لاحق متأثرين بجراحهما.
وأفادت الشرطة، أنه جار الوقوف على ملبسات الحادث، والقبض على الجناة.
في 25 فبراير 2021، اتفقت الهند وباكستان على "الالتزام الصارم" بجميع اتفاقيات وتفاهمات وقف إطلاق النار على طول "خط السيطرة" الحدودي ما بين الجانبين في إقليم جامو وكشمير المتنازع عليه. ويعد هذا الإعلان هو الأول من نوعه الذي يصدر عن البلدين منذ عام 2003.
جاء الإعلان عن الاتفاق الأخير بعد تدهور ملحوظ وحاد بين البلدين خلال السنوات القليلة الماضية:
فعسكريًا، شهد خط السيطرة (الحدود العسكرية التي يبلغ طولها 450 ميلًا) تصعيدًا خطيرًا تضمَّن آلاف الانتهاكات، لاسيما بعد هجوم انتحاري على قافلة عسكرية هندية بالقرب من بلدة "بولواما" في كشمير، في فبراير 2019، وقُتِلَ خلاله 40 جنديًا؛ فلأول مرة منذ الحرب الهندية الباكستانية عام 1971، أذنت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للقوات الجوية الهندية بالتوغل عبر الحدود الدولية، وضرْب ما قالت إنه معسكر تدريب إرهابي في "بالاكوت". وفي غضون أيام، ردَّت باكستان بضربة جوية مماثلة بالقرب من سريناغار، عاصمة جامو وكشمير. وتصاعد التوتر الميداني أكثر بين البلدين إثر إلغاء الهند المادتين 370 و35 (أ) من الدستور الهندي، في 5 أغسطس 2019، وإعادة تنظيم ولاية جامو وكشمير إلى إقليمين اتحاديين.
وسياسيًا، جرى قطع العلاقات السياسية والتجارية والثقافية والرياضية، وتوقفت الأنشطة المتبادلة على خط التماس بالكامل، وأُعيد استدعاء المفوضين الساميين من كلا البلدين. وأكد رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان أنه حتى في حال إعادة المادة 370 إلى شكلها الأصلي، فليس هناك فرصة لأي حوار سياسي مع الحكومة الهندية. ورفضت السلطات الباكستانية السماح لطائرة الرئيس الهندي رام راث كوفيند بالمرور عبر المجال الجوي الباكستاني في طريقه إلى أوروبا، ومنعت طائرة رئيس الوزراء الهندي أيضًا من المرور في طريقه إلى زيارة الولايات المتحدة. وطالب خان بعقد اجتماع لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي لمناقشة قضية كشمير، كما قدمت باكستان ملفات معادية للهند في الأمم المتحدة.
لكن مع بداية عام 2021، أظهرت باكستان علامات انفتاح على اتخاذ تدابير للحد من التوترات مع الهند. وصرَّح رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال قمر جاويد باجوا، في 2 فبراير 2021، أن الوقت قد حان لمد يد السلام في جميع الاتجاهات، مضيفًا أنه يتعين على الهند وباكستان حل قضية كشمير بطريقة سلمية. وتحدث عن التزام إسلام آباد الواضح بما أطلق عليه مسمى "المثل العليا للاحترام المتبادل والتعايش السلمي"، وقبلت باكستان دعوة الهند لحضور الاجتماع الافتراضي لرابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (SAARC) على مستوى وزراء الصحة في 18 فبراير 2021 لمناقشة أزمة كورونا.
وفي المقابل، سمحت الهند باستخدام طائرة عمران خان مجالها الجوي في رحلته إلى سريلانكا في 23 فبراير 2021. في حين صرَّح رئيس أركان الجيش الهندي، الجنرال مانوج موكوند نارافان، قبل يوم واحد من اتفاقية وقف إطلاق النار، أن "الحدود غير المستقرة، والعنف على الحدود لا يُساعدان أحدًا"، وأن استمرار المشاركة مع باكستان يمكن أن يؤدي إلى تفاهم بشأن الحدود.
وفي 18 مارس 2021، وخلال مؤتمر لحوار إسلام أباد الأمني، دعا قائد الجيش الباكستاني قمر جاويد باجوا الهند إلى "نسيان الماضي والتطلع نحو المستقبل" لإقامة تعاون بين البلدين. وجاءت هذه التصريحات النادرة واللافتة للجنرال باجوا، بعد يوم واحد من حثِّ رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، نيودلهي على المضي قدمًا نحو السلام، بتسوية قضايا متعلقة بمنطقة كشمير، قائلًا: "إننا مستعدون لتحسين بيئتنا بتسوية جميع قضايانا العالقة مع جيراننا من خلال الحوار، لكن بالنسبة لاستئناف عملية السلام أو حوار ذي مغزى، فسيتعين على جارتنا توفير بيئة مواتية، لا سيما في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير".
ومن المثير للاهتمام، في خطاب باجوا الأخير، عدم وجود أي طلب صريح بأن تعيد الهند حالة الحكم الذاتي للأراضي الخاضعة للسيطرة الهندية في كشمير بعد إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي. كما أغفل باجوا موقف باكستان التقليدي بأن نزاع كشمير سيتم حله بما يتماشى مع القرار القديم لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو ما يعد تخفيفًا كبيرًا لموقف باكستان بشأن هذه القضية.